لايف ستايل
موقع كل يوم -موقع رائج
نشر بتاريخ: ٧ حزيران ٢٠٢٥
يشكل خط غير مرئي يمتد بين قارتي آسيا وأستراليا حاجزا حيويا مدهشا يفصل ممالك الحيوانات على كل جانب بطريقة لافتة. هذا الحد الوهمي، الذي يعرف باسم خط والاس، يمنع معظم أنواع الحياة البرية، حتى الطيور، من عبوره، وقد أثر على مسارات التطور الحيواني بشكل مستقل على كل جانب لعشرات الملايين من السنين.
ما هو خط والاس؟
بدأت قصة هذا الانقسام البيولوجي منذ حوالي 30 مليون سنة، عندما اصطدمت الصفيحة التكتونية الأسترالية بالصفيحة الأوراسية. هذا الاصطدام العنيف أدى إلى تشكيل أرخبيل من الجزر، وغير مسار التيارات المحيطية، وساهم في خلق أنماط مناخية إقليمية جديدة تماما.
على أحد جانبي هذا الفاصل الجيولوجي، وتحديدا في إندونيسيا وماليزيا، ازدهرت وتطورت أنواع مميزة مثل القردة، والفيلة، والنمور، ووحيد القرن. بينما على الجانب الآخر، في غينيا الجديدة وأستراليا، سادت أنواع فريدة من الجرابيات مثل الكنغر والكوالا، والحيوانات وحيدة المسلك مثل خلد الماء وخلد النمل الشوكي، بالإضافة إلى أنواع معينة من القوارض وببغاوات الكوكاتو.
ينسب هذا الفاصل الحيواني الغريب إلى عالم الطبيعة البريطاني ألفريد راسل والاس، الذي كان أول من لاحظ هذا التباين الصارخ في الحياة الحيوانية، خاصة الثدييات، أثناء استكشافه للمنطقة في منتصف القرن التاسع عشر.
وقد كتب والاس مشيرا إلى أهمية هذا الحد: 'يمكننا اعتبار أنه من الثابت أن مضيق لومبوك -الذي يفصل بين بالي ولومبوك- والذي لا يتجاوز عرضه 15 ميلا، يمثل الحد ويفصل فجأة اثنتين من المناطق الحيوانية الكبرى في العالم'.
في وقت لاحق، طور والاس نظرية التطور بشكل مستقل في نفس الفترة التي عمل فيها تشارلز داروين على نظريته الشهيرة. ولا يزال الخط الذي رسمه والاس على الخريطة قبل أكثر من قرن يعتبر حاجزا تطوريا افتراضيا، وإن كانت المناقشات مستمرة حول موقعه الدقيق والآليات التي تحكمه.
أهمية خط والاس
بشكل عام، يفصل خط والاس الرف القاري الآسيوي عن الرف القاري الأسترالي. وبالتالي، فهو ليس مجرد حد جغرافي، بل هو أيضا فاصل مناخي وبيولوجي. تفصل قنوات المحيط العميقة، مثل مضيق لومبوك، بين هذه الرفوف القارية، مما يجعل عبور الحيوانات أمرا بالغ الصعوبة.
حتى في الماضي البعيد، عندما كانت مستويات سطح البحر أدنى بكثير مما هي عليه اليوم، كان هذا الفجوة العميقة ستظل موجودة، مما يعيق حركة الكائنات الحية.
في حين أن التأثيرات البيولوجية لخط والاس تتضح بشكل خاص عند مقارنة الثدييات بين القارتين، إلا أنها تمتد لتشمل الطيور والزواحف وأنواع أخرى من الحيوانات. حتى المخلوقات المجنحة لا تقوم عادة بالرحلة عبر هذا الخط الفاصل.
وفي البيئات البحرية، تظهر بعض أنواع الأسماك والكائنات الدقيقة اختلافات جينية واضحة بين جانبي الحدود، مما يشير إلى حدوث اختلاط محدود جدا بين تجمعاتها السكانية.
لماذا يوجد خط والاس؟
ما يزال العلماء يعملون على فهم طبيعة الحواجز غير المرئية التي تمنع هذه الأنواع من العبر. ومع ذلك، يرجح أن تلعب عوامل مثل اختلاف البيئة والمناخ دورا رئيسيا في تعزيز هذا الانقسام التطوري.
في عام 2023، أظهر تحليل شامل لأكثر من 20 ألف نوع من الفقاريات أن السلالات الحيوانية في جنوب شرق آسيا تطورت في بيئة استوائية قديمة نسبيا، مما سمح لها بالانتشار نحو غينيا الجديدة عبر جزر متقاربة رطبة.
في المقابل، تطورت الحياة البرية على الرف القاري الأسترالي في ظروف أكثر جفافا بشكل ملحوظ، مما فرض عليها مسارا تطوريا مختلفا. هذا التباين في الظروف جعل الحياة البرية الأسترالية في وضع غير مؤات في الجزر الاستوائية القريبة من خط الاستواء.
ومع استمرار الباحثين في دراسة خط والاس، يزداد الغموض حول تحديد موقعه الدقيق ومدى 'مسامية' هذا الحاجز، على الأقل بالنسبة لبعض الحيوانات التي تمتلك القدرة على السباحة أو الطفو أو الطيران، مثل الخفافيش، والخنافس، وسحالي المراقبة، أو قرود المكاك.
ويشير العلماء إلى أن فاصل والاس ليس حدودا مطلقة صارمة، بل هو أقرب إلى التدرج البيولوجي. ومع ذلك، فإن هذا الخط، على الرغم من طبيعته غير الواضحة، يساعدنا بشكل كبير في فهم مسار تطور آلاف الأنواع الحيوانية.
كما أشارت مؤرخة العلوم جين كاميريني في عام 1993، فإن 'الخرائط الذهنية والفعلية لداروين ووالاس كانت بمثابة الطاولة التي تبلورت عليها الخطة التطورية، ويمكن مقارنة أهميتها بالمقياس الزمني الجيولوجي'. وهكذا، فإن ما بدأ كخط واحد، رسم بشكل تقريبي قبل أكثر من قرن، قد ساعد الآن في رسم صورة أكبر وأكثر تعقيدا لعالم الطبيعة وأسراره العميقة.
معلومات عن خط والاس
يساعد التعرف على مزيد من المعلومات والحقائق عن خط والاس الذي لا تستطيع الحيوانات تجاوزه، إلا في حالات نادرة للغاية، في فهم طبيعته والتعرف على أهميته وخصائصه. وفي السطور التالية، نستعرض حقائق عن خط والاس.
. يمر هذا الخط بين جزر بورنيو وسولاويسي (سليبيس)، وبين جزر بالي ولومبوك في إندونيسيا.
. اكتشفه عالم الطبيعة البريطاني ألفريد راسل والاس في منتصف القرن التاسع عشر خلال رحلاته الاستكشافية في الأرخبيل الملايوي.
. يفصل الخط بين منطقتين حيويتين رئيسيتين، هما المنطقة الغربية (آسيا)، والمنطقة الشرقية (والاسيا وأستراليا).
. تتميز المنطقة الغربية بكائنات حية ذات قرابة وثيقة بالأنواع الموجودة في البر الرئيسي لآسيا، مثل الفيلة، والنمور، والقردة، والعديد من أنواع الطيور الآسيوية.
. المنطقة الشرقية تتميز بكائنات حية ذات قرابة بالأنواع الموجودة في أستراليا وغينيا الجديدة، مثل الجرابيات، مثل الكنغر في غينيا الجديدة، والكوكاتو، والعديد من أنواع الطيور الأسترالية.
. يعزى وجود هذا الخط إلى الصفائح التكتونية والتاريخ الجيولوجي للمنطقة. خلال العصور الجليدية، كانت مستويات سطح البحر أقل، مما أدى إلى اتصال بعض الجزر بالبر الرئيسي لآسيا. سمح ذلك بانتقال الكائنات الآسيوية، بينما ظلت الجزر الواقعة شرق خط والاس معزولة نسبيا.