لايف ستايل
موقع كل يوم -مجلة سيدتي
نشر بتاريخ: ١٤ حزيران ٢٠٢٥
كثيرةٌ هي عناصرُ الديكور، من بينها الألوانُ، والنقوشُ، والمطبوعات، لكنْ بعد أن سادَ الأسلوبُ المينيماليستي القائمُ على مبدأ الحدِّ الأدنى، والبساطةِ لوقتٍ طويلٍ في المنازل، وحوَّلها إلى «مُسطَّحةٍ»، وقصرَ استخدامَ النقوشِ والمطبوعاتِ إلى أقلِّ حدٍّ، تنحو الديكوراتُ أكثر فأكثر نحو التعبيرِ عن الذات، وروايةِ القصص. كذلك يطلُّ الطرازُ الماكسيمالست برأسه مجدَّداً، ما يجعلُ للنقوشِ والمطبوعات، لا سيما الزهريَّة، مطرحاً بارزاً.
رسومات الأزهار وديكور المنزل
لا حصرَ لتوظيفِ النقوش والمطبوعات، فهي قد تحلُّ على أشياءَ منزليَّةٍ مختلفةٍ، من بينها ورقُ الجدران، وقطعُ الأثاث، والأقمشةُ، ومفروشاتُ السرير، والسجَّادُ، وأدواتُ المائدة، وإكسسواراتُ التزيين، وفي غرفٍ عدة. وبالطبع، لكلِّ نقشٍ تاريخٌ وحكايةٌ، لكنْ الأبرز، هو رسوماتُ الأزهار، إذ تمتلك تاريخاً عريقاً ففي كلِّ مرحلةٍ زمنيَّةٍ، كانت كفيلةً بالتعبيرِ عن الجمال، والرمزِ إلى معانٍ دينيَّةٍ واجتماعيَّةٍ وأمزجةٍ، وغير ذلك، مثلاً في مصر القديمة، كانت زهرةُ اللوتس رمزاً للبعثِ والخصوبة، واستُخدِمَت بكثرةٍ في الرسوماتِ الجداريَّة، والنقوشِ، والحلي، والأعمدةِ المعماريَّة. أمَّا في زمنِ الإغريق والرومان، فظهرت الزخارفُ النباتيَّةُ في الفسيفساء، والأواني الفخاريَّة، والنحتِ المعماري، بينما اشتُهِرَت بلادُ فارس القديمة بالنقوشِ الزهريَّةِ المعقَّدةِ في المنسوجاتِ، والسجَّادِ، والأعمالِ المعدنيَّة. وفي العصورِ الوسطى، ظهرت الزخارف الزهريَّةُ في المخطوطاتِ والمنسوجات، في حين تطوَّرت في العالمِ الإسلامي الأنماطُ الزهريَّةُ المعقَّدةُ والمتشابكةُ «الأرابيسك» التي جمعت بين عناصرَ نباتيَّةٍ، وأشكالٍ هندسيَّةٍ في إطارِ تزيين المساجدِ والقصورِ والتحف. واستمرَّ في عصرَي النهضة والباروك استخدامُ النقوشِ الزهريَّةِ الفخمة في أقمشةِ النبلاءِ والقصور. وفي القرنِ العشرين، تنوَّعت الأساليبُ من التبسيطِ والاختزال، وصولاً إلى حيويَّةِ الستينيَّات واستمراريَّتها في الموضةِ والديكورِ المعاصر بفضل الطباعةِ الرقميَّة.
لمتابعة التحقيق في النسخة الديجيتال من سيدتي، اضغط(ي) هنا
وحالياً، في عامِ 2025، تعودُ نقوش الأزهار المُشبعة إلى واجهةِ الديكورِ الداخلي بعد أن كانت طبعاتُ الأزهارِ كبيرةً في وقتٍ قريبٍ مضى، وهي لا تقتصرُ فقط على اتِّجاهٍ خاصٍّ بفصلِ الربيع، بل وتُضفي أيضاً على منزلكِ لمسةً من الحياةِ الطبيعيَّةِ في أي وقتٍ من العام.
وإشارةً إلى أن ديكور المنزل، يتأثَّرُ بـموضةِ الأزياء، وضمن هذه الأخيرةِ، كانت طبعاتُ الأزهارِ جزءاً لا يتجزَّأ من كينونتها، من وردِ كريستيان ديور، إلى أزهارِ الكاميليا في أزياءِ شانيل. وقد بدت الأزهارُ على منصَّاتِ عروضِ ربيع 2025 من فساتينِ كلوي إلى فساتينِ وتنانير لويفي، ما يعيدُ إلى المخيِّلةِ ما ارتدته سيداتُ الطبقةِ العليا بنزهاتهن في إنجلترا خلال العصرِ الفيكتوري.
نظرة فنانة فرنسية إلى مطبوعات الأزهار
تمتلك ماري إيميلي جيامارشي قِصَّةً جديرةً بأن تروى مع نقوشِ ومطبوعاتِ الأزهار. هي فنَّانةُ طباعةِ اللينو (خامةٌ خاصَّةٌ للحفرِ والطباعة، تُستَخدمُ لإبرازِ كثيرٍ من العناصرِ الفنيَّةِ مثل الملمسِ، والظلِّ، والخطِّ، والشكل)، فرنسيَّةُ الجنسيَّة، ومولودةٌ في فرساي.
في لقاءٍ خاصٍّ مع «سيدتي»، تروي الفنَّانةُ كيف كانت زياراتُها إلى قصرِ فرساي في طفولتها، تثيرُ في نفسها إعجاباً كبيراً بأنماطِ ورق الجدران المتناسقة، والحدائقِ الغنَّاء أكثر من الانبهارِ بالأسقفِ الذهبيَّة، واللوحاتِ الفخمة. كذلك نشأت ماري محاطةً بذوقِ والدتها الرفيعِ التي كانت من أشدِّ المعجباتِ بالعلاماتِ التجاريَّةِ الإنجليزيَّة مثل ليبرتي لندن، ولورا آشلي، فتزيَّنت أرجاءُ منزلها وملابسها بتلك النقوش.
وبعد دراستها تصميمَ الأزياءِ في «كليَّة لندن للأزياء» حيث تعرَّفت على فنِّ الطباعةِ والحفرِ على اللينوليوم، استغرقَ الأمرُ منها عشرةَ أعوامٍ أخرى، لتكتشفَ أن هذه التقنيَّة، هي المجالُ الفنِّي الذي تودُّ استكشافه، وقد تزامنَ ذلك مع حملها بابنها. تقولُ لـ «سيدتي»: «هذه التقنيَّةُ، أي فنُّ الطباعةِ والحفرِ على اللينوليوم، تُتيح لي العملَ على خاماتٍ مختلفةٍ، وتُمكِّنني من طباعةِ تصاميمي على الورقِ، أو الخشبِ، أو القماش. كلُّ ما عليَّ فعله، هو تغييرُ نوعِ الحبر. كما أن التقنيَّة، تسمحُ بالنحتِ والعملِ يدوياً، ما يجعلُ كلَّ طبعةٍ فريدةً ومختلفةً عن الأخرى». وعن شغفها بنقوشِ ومطبوعاتِ الأزهار، تشيرُ إلى أن أصولَ والدها، تعودُ إلى منطقةٍ ريفيَّةٍ في جنوب غربي فرنسا، بينما تنتمي والدتها إلى جزيرةِ كورسيكا المتوسطيَّة، وقد نشأت في هذين المكانَين الجميلَين بين الجبالِ والغاباتِ والبحر، وقضت معظمَ طفولتها في الهواءِ الطلق، وعشقت الطبيعةَ منذ صغرها، لذا يتمحورُ فنُّها حول هذا العالمِ الطبيعي. وتحبُّ الفنَّانةُ أن تتخيَّل أنها تساعدُ عملاءَها في إضفاءِ جمالِ الحدائق على منازلهم من خلال أعمالها التي تتجسَّدُ في ورقِ جدرانٍ مزهرٍ، أو دفاترِ ملاحظاتٍ منقوشةٍ، أو مناديلِ شاي للمطبخ، فالأنماطُ الزهريَّة، تحملُ طابعاً كلاسيكياً، وتُقدِّم إمكاناتٍ إبداعيَّةً لا حدودَ لها.
وتصفُ ماري هذه الأنماطَ بأنها ساحرةٌ، وأنيقةٌ، ورقيقةٌ، ويمكن أن تتَّسمَ بالحداثةِ، أو القِدمِ، أو حتى العراقة، كما أنها كانت حاضرةً في الحضاراتِ القديمة، ولا تزالُ محبوبةً لدى المصمِّمين. وتوضحُ أن سجلَ أعمالها، يحملُ مطبوعاتِ لينو، استوحتها من الأساطيرِ اليونانيَّة، لكنَّها مع ذلك ترجعُ على الدوام إلى الطبيعةِ للاستلهامِ من النباتات، والأزهارِ، والأصدافِ البحريَّة، خاصَّةً المنتميةِ إلى المنطقةِ التي نشأت فيها. وفي إجابةٍ عن سؤالٍ حول خياراتِ الألوان لقطعها المحمَّلةِ بمطبوعاتِ الأزهار، تقولُ: «أختارُ دائماً الألوانَ الطبيعية، وهذا سهلٌ مع الأزهار، لكنَّني أحبُّ أيضاً الأسودَ الجريء، والكلاسيكي. كذلك أعملُ وفقاً للفصول، وعادةً ما أستلهمُ من الألوانِ المتفتِّحةِ في الطبيعةِ الخارجيَّة». وتضيفُ ماري: «أحبُّ الأنماطَ أحاديَّةَ اللون، وأحياناً مزيجاً من لونَين، لكنْ الأمرُ يختلف مع مطبوعاتِ اللينو، إذ أفضِّل تعزيزها بالألوانِ المائيَّة». مع ذلك، لا تحصرُ الفنَّانةُ أعمالها في الأسلوبِ الكلاسيكي، بل ترى أن قطعَ الديكورِ التي تُقدِّمها، لا تقتصرُ فقط على المنازلِ العتيقة، بل وتستمتعُ أيضاً بإضافةِ لمسةٍ عصريَّةٍ إلى القديم، والعكسُ صحيحٌ. تذكرُ: «بعضُ الوسائدِ المزخرفةِ بالورد على أريكةٍ سوداء. مزيجٌ من الأنماطِ الزهريَّةِ والمخطَّطةِ من الأشياء المفضَّلة لدي. ورقُ جدرانٍ متناسقٌ مع الوسائدِ، أو الكراسي. كلُّ شيءٍ ممكنٌ عندي». وحول إمكانيَّةِ دمجِ الأنماطِ المختلفةِ ببعضها، توضحُ ماري: «يُعجبني العرضُ الباهرُ للأنماطِ المتطابقة، كما هو الحالُ في قصرِ فرساي، والديكوراتُ الداخليَّةُ الإنجليزيَّة، لكنَّني أفضِّله ببساطةٍ أكثر في منزلي، فلكلِّ شخصٍ ذوقه الخاص».