لايف ستايل
موقع كل يوم -مجلة سيدتي
نشر بتاريخ: ٨ تموز ٢٠٢٥
لبنان يحقّق قفزةً نوعيةً في عالم الجراحة، في حدث يُعدّ سابقة طبية على مستوى لبنان والمنطقة، حيث أُجريت أول جراحة روبوتية متطوّرة للكبد في مستشفى المشرق – Hopital Francais du Levant، بالتعاون مع مركز Ircad Liban، بنجاح تام.
تم الإعلان عن هذا الإنجاز الطبي خلال مؤتمر صحفي حضره نخبة من الشخصيات الرسمية والطبية والعلمية ووسائل الإعلام.
'سيّدتي' واكبت المؤتمر، وكان لها حوار مع الطبيب اللبناني العالمي الدكتور أحمد أبو عباس، مدير جراحة الكبد والقنوات الصفراوية في كاليفورنيا، الذي جاء خصيصاً من الولايات المتحدة الأميركية لتدريب الأطباء على استعمال الروبوت.
هل تلخصون لنا أهمية الجراحة الروبوتية في العلميات الأكثر دقة خصوصاً؟
الروبوت الجراحي هو عبارة عن آلة يستعملها الطبيب الجراح كما لو كان يقود سيارة. هو يحركها وهي تتحرك بداخل المريض؛ وهذا الأمر يجعلنا نقوم بجراحات من خلال ثقوب صغيرة، دون تعريض المريض لشقوق كبيرة.
كما أن الروبوت يساعد الطبيب على إجراء العمليات الأكثر تعقيداً على نحو دقيق جداً من خلال المنظار، أي دون الاضطرار إلى شق جسد المريض، مما يجعل الأخير يتعافى بسرعة، ألم أقل مقارنة إذا ما تمّ إجراء شقوق كبيرة في جسده.
الجراحة الروبوتية موجودة منذ سنوات، ولكن تطورت وباتت أكثر انتشاراً، حيث اعتمدها الجراحون في الولايات المتحدة الأميركية بداية، من ثم في أوروبا، وحول العالم اليوم.
الروبوت يُساهم اليوم في إجراء أدق الجراحات في الكبد والبنكرياس كما جاء في المؤتمر. فهل يُعتبر هذا الخبر سارّاً للمصابين بسرطاني الكبد والبنكرياس الأكثر خطورة؟
المرضى الذين يعانون من أورام في الكبد أو في البنكرياس، كانت الجراحة الكلاسيكية صعبة جداً بالنسبة إليهم، لكن بفضل الروبوت باتت العملية شبه خالية من المخاطر ولا خوف منها، مثلما كان الأمر من ذي قبل.
على سبيل المثال المريض الذي كان يتوجب عليه البقاء في قسم العناية الفائقة لمدة 4 أيام تقريباً، والمكوث في المستشفى لمدة أسبوعين إلى شهر تقريباً، مع آلام قوية، بات اليوم، مع الجراحة الروبوتية، لا يدخل إلى قسم العناية الفائقة ويبقى في المستشفى لمدة 3-4 ايام فقط، مما يجعله يستعيد حياته الطبيعية على نحو أسرع. وهذا الأمر على قدر من الأهمية.
قد تهمك مطالعة سرطان الكبد: أعراض تستدعي مراجعة الطبيب وطرق حماية الكبد
مرضى السرطان يحتاجون إلى تلقي العلاج الكيميائي بعد الجراحة. فما أهمية الجراحة الروبوتية في هذا الإطار؟
بالطبع يحتاج مرضى سرطان الكبد والبنكرياس بعد إجراء الجراحة إلى تلقي العلاج الكيميائي سريعاً، وهنا تكمن أهمية الجراحة الروبوتية التي تكون مدة التعافي بعدها قصيرة، مما يُمكِّن المريض من الخضوع لجسلات العلاج الكيميائي بسرعة، لكي تتحسن حالته.
إنما في الجراحة الكلاسيكية، قد تطول مدة تعافي المريض ليصبح قادراً على تلقي العلاج الكيميائي، مما يجعل هذا العلاج غير مجدٍ.
ماذا عن دقة الروبوت في الوصول إلى الأهداف داخل جسد المريض؟
الروبوت مزوّد بكاميرا قادرة على تكبير أي شريان أو ورم على سبيل المثال، إلى عشرة أضعاف، فضلاً على أنها ثلاثية الأبعاد؛ مما يُمكِّن الأطباء من إصابة الهدف بدقة عالية جداً، تفوق قدرة أيدي الجراح بكثير.
هل تكلفة الجراحات الروبوتية مرتفعة؟
إذا ما تمت مقارنة احتياج المريض إلى المكوث في المستشفى مدة طويلة في الجراحة الكلاسيكية، مع مكوثه لمدة 4 أيام بعد الجراحة الروبوتية، يمكننا القول إن الأخيرة لا تُعتبر مرتفعة التكلفة.
الجراحة الروبوتية ليست منتشرةً بعد على نطاق واسع في الدول العربية، بسبب غياب التدريبات على استعمال الروبوت حتى الآن خصوصاً في جراحة الكبد والبنكرياس.
البروفسور أنطوان معلوف: الإرادة للتعلم على الروبوت هي الأساس
وفي سؤال وجهته 'سيّدتي' إلى البروفسور أنطوان معلوف، مدير مستشفى المشرق ومركز Ircad Liban 'ما الذي يجب أن يتوفر في الطبيب الجراح، لكي يتلقى تدريبات على استخدام الروبوت في الجراحة؟' أجاب:
'يجب أن يكون لدى أي طبيب الإرادة للتعلم أولاً. ثم يكون الأمر بالتدريج، لأنه يحتاج إلى ساعات معينة للتدريب تحت رعاية مركز Ircad Liban، حيث يبدأ بتعلّم إجراء خياطة الجرح أي 'قطبة جراحية'، ثم العمل على إجراء عملية افتراضية ليصل إلى مرحلة العمل على جسد المريض.
رحلة التدريب تمتد عادة نحو أسبوع فأكثر قليلاً وفقاً لقدرات كل جراح. بعد ذلك، يحصل الجراح على شهادة رسمية من Ircad Liban، تخوله القيام بالجراحة الروبوتية.
وستبدأ الجراحة الروبوتية حصراً في مستشفى المشرق في بيروت، على أن يُصار إلى التعاون بين كافة الدول العربية، لأن أكاديمية Ircad Liban ليست مجرد مركز تدريب، بل هي منصّة استراتيجية تُعيد للبنان دوره التاريخي كمركز طبي مرموق وتمنح الأطباء في لبنان والشرق الأوسط فرصة الوصول إلى خبرات عالمية دون مغادرة المنطقة.
هنا أريد أن أنوّه بأن Ircad Liban الفرع الإقليمي للمركز الفرنسي الشهير، كان قد تأسس بهدف تطوير التعليم الجراحي في لبنان والشرق الأوسط من خلال برامج تدريب احترافية معترف بها دولياً، في ظل واقع يفتقر فيه العديد من المراكز الأخرى للترخيص أو المعايير الأكاديمية المعتمدة. مع التأكيد مجدداً على قدرة لبنان على احتضان التكنولوجيا الطبية المتقدمة، وتعزيز مكانته كمركز ريادي في الرعاية الصحية والتعليم الجراحي في المنطقة، رغم التحديات التي يواجهها'.
*ملاحظة من 'سيّدتي': قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.