اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٢٠ أيلول ٢٠٢٥
20 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: يعكس الاتفاق طويل الأمد بين الحكومة العراقية وحلف الناتو كإطار سياسي وأمني يعكس رغبة بغداد في إعادة ترتيب قدراتها العسكرية والأمنية ضمن منظومة مؤسساتية حديثة، مع الاحتفاظ بصورة الدولة كفاعل إقليمي مؤثر.
وفي حين تركز الحكومة على تقديم الاتفاق كخطوة لتعزيز الشراكة الاستراتيجية وتطوير المؤسسات الأمنية، وهو ما يترجم خطابياً إلى التزام بالحوكمة ومكافحة الفساد وحقوق الإنسان، لكنه عملياً يثير تساؤلات حول إعادة تموضع القوات الأجنبية والحد من النفوذ المحلي للفصائل المسلحة.
وأعطى الاتفاق مؤشراً على تحول في ديناميات القوة بين الدولة والفصائل المسلحة، إذ ينطوي على إضعاف تدريجي للقدرات شبه المستقلة التي تمتلكها هذه الفصائل منذ سنوات، ما يفتح المجال لإعادة ضبط المعادلة الأمنية والسياسية في العراق. ويدخل هذا التحرك ضمن مسار أوسع لإعادة تعريف السيادة الوطنية في ظل ضغوط إقليمية ودولية، ما يفرض على الحكومة الموازنة بين الاحتياجات الأمنية وبين الاستجابة لمطالب القوى الداخلية التي ترى في الوجود الأجنبي تهديداً مباشرًا لنفوذها.
ووسعت أبعاد الاتفاق لتشمل جوانب مدنية وأمنية متشابكة، من تعزيز الدفاع السيبراني والتخطيط المدني العسكري إلى إصلاح القطاع الأمني والطب العسكري، وهو ما يبرز طابعاً متعدد الأبعاد للسياسات العراقية في مواجهة التحديات المعقدة. ويمثل هذا التوجه مخرجات استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى بناء مؤسسات أمنية متينة وموثوقة، لكنها في الوقت نفسه تعكس حساسية العلاقة بين الدولة والفصائل المسلحة التي ما تزال تحتفظ بقاعدة شعبية وأدوات ضغط مؤثرة على الساحة السياسية.
وبرزت انعكاسات هذا الاتفاق على المستوى الداخلي، إذ أعاد فتح ملف الفصائل غير المنضوية رسمياً ضمن الدولة، ما دفع إلى نقاشات حادة حول قانونية وجودها وأدوارها، إضافة إلى تعزيز جدلية السيادة الوطنية مقابل الضغوط الإقليمية والدولية.
ويمثل الحوار بين بغداد والناتو مؤشرًا على رغبة عراقية في إظهار مصداقية مؤسساتها وإعادة تأكيد دور الدولة في إدارة الأمن، بينما يشكل في الوقت نفسه تحدياً للتماسك السياسي والاجتماعي، خصوصاً في مناطق تتسم بالتعددية الفعلية للمصالح والنفوذ المسلح.
About Post Author
moh moh
See author's posts