صحراء الأنبار.. جغرافيا الوعورة تضع بغداد أمام امتحان التثبيت

15 شتنبر، 2025

بغداد/المسلة: أعلنت وزارة الدفاع العراقية سيطرتها الكاملة على وادي حوران في صحراء الأنبار، في خطوة وُصفت بأنها رسالة اطمئنان في توقيت حساس يتزامن مع انسحاب قوات التحالف الدولي، ورسالة سياسية أرادت بغداد من خلالها تأكيد جاهزية مؤسساتها الأمنية لتولي زمام المبادرة في أكثر البقاع الجغرافية وعورة وتعقيداً.

الخريطة الجغرافية والتحديات

وتمتد تضاريس الوادي على مساحات مترامية يصعب ضبطها بالوسائل التقليدية، إذ يشكّل الوادي بجباله وتعرجاته الطبيعية بيئة مثالية للاختباء والكمائن، وهو ما جعل أي إعلان للسيطرة سابقاً يبدو مشروطاً باستمرارية التمشيط والاستطلاع. وتبقى هذه الطبيعة الجغرافية عاملاً يفرض على الدولة خيارات عسكرية واستخبارية مبتكرة لتفادي عودة التسلل.

الأبعاد السياسية والرمزية

وجاء الإعلان في سياق سياسي يتجاوز المعركة الميدانية، فالتأكيد على السيطرة يتقاطع مع سعي بغداد إلى ملء الفراغ الناتج عن انسحاب التحالف، وإلى تكريس سردية «القدرة الذاتية» على الحماية. ويقرأ مراقبون هذه الخطوة بوصفها محاولة لإعادة ترسيم صورة العراق كدولة قادرة على ضبط حدودها الداخلية، وإغلاق ملف «المناطق العصية» التي طالما استخدمت كذريعة للتدخل الخارجي.

واقع العمليات والشكوك المتبقية

وظل الخطاب الأمني محل اختبار على الأرض، حيث يثير بعض المحللين شكوكاً حول إمكانية إعلان النصر النهائي في منطقة لم تعرف الاستقرار منذ عقود. وتستمر الدعوات إلى مراقبة دقيقة طويلة الأمد وإشراك المجتمعات المحلية في تأمين محيط الوادي، حتى لا يتحول الإعلان إلى حدث رمزي فقط بلا انعكاسات عملية.

وتكشف قراءة المشهد أن المعركة الحقيقية تبدأ بعد الإعلان، فالتثبيت لا يقل صعوبة عن الاستعادة، والرهان على بناء شراكة مجتمعية وأمنية سيكون الاختبار الأهم أمام الدولة العراقية، لتتحول «السيطرة» من إلى واقع مستدام.

About Post Author

moh moh

See author's posts