اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ١٤ أيلول ٢٠٢٥
14 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة:
نوفل الحمداني
مسلسلٌ عراقي قديم، كثيرٌ من أبناء الجيل الحالي لم يشاهده أو يدرك مغزاه العميق. لم يكن مجرد حكاية تلفزيونية تُروى للتسلية، بل كان مرآةً لواقع اجتماعي وسياسي، ورسالة نقدية مبطنة تفضح الفساد، وتكشف ظلم المستبدين، وتعرّي استغلال النفوذ. ومن خلاله نستطيع اليوم أن نقيس ما آل إليه حالنا؛ فقد أصبحنا جميعًا تحت موس الفساد، وتحت سكاكين التفرقة والتسقيط الأخلاقي والسياسي، الذي لا يمت إلى قيمنا وأعرافنا بصلة.
لقد تغيّر الزمان وتبدّلت الوجوه، لكن القيم التي تربى عليها العراقيون من شرف الكلمة، والوفاء بالعهد، واحترام الحقوق، لم تزل حية في قلوب المخلصين. غير أن الانحراف عن هذه المبادئ لم يأتِ صدفة، بل كان نتيجة تغلغل الفساد في مفاصل الدولة، وتهاون المجتمع في محاسبة الفاسدين.
إن التغيير الحقيقي ليس شعارًا انتخابيًا يُرفع في مواسم الدعاية، ولا كلمةً منمّقة لتجميل الخطب والوعود؛ إنه فعلٌ يتطلب مواجهةً صادقة للفساد، وكسْرًا لقيود المصالح الضيقة، ووقوفًا شجاعًا في وجه كل من جعل الوطن غنيمة، ومقدراته متاعًا شخصيًا.
التاريخ شاهدٌ على أن الطغاة مهما تجبّروا فلن يخلدوا؛ كم من فرعونٍ سقط، وكم من متجبّرٍ ظنّ أنه لا يُقهر، فإذا به يزول في لحظة. وما نشهده اليوم من غرور وتعنت وجبروت ليس إلا تكرارًا لدروس الماضي. وكما قيل: الظلم لا يدوم، وإن طال الليل فلا بد للفجر أن يطلع.
إن صرخات الشباب التي تُهدر بلا أفق، وآهات الفقراء والمعوزين، والأرواح التي تُزهق في مستشفياتٍ مهملة، كلّها صيحات تنادي بالعدالة والإصلاح. والمصيبة الكبرى أن الربا اصبح أمرًا عاديًا في المصارف، حتى بات بعضهم يزعم أنه يحكم بشرع الله، وهو يكذب على الله وعلى الناس في آن واحد.
لكن دوام الحال من المحال؛ فالشعوب إذا صحَت لا تُقهر، والحق الذي يُسقى بدماء الشرفاء لا يموت. إن شوكة المرابين والفاسدين ستنكسر، ودولة الحق ستعلو مهما حاولوا طمسها.
قال تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.
وقال أحد الحكماء: “الظلم ساعة، ودولة الحق إلى قيام الساعة… وما رأيتُ ملكًا أسرع زوالًا من الظالم وسلطته وسفك الدم.
About Post Author
moh moh
See author's posts