اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ١٢ أيلول ٢٠٢٥
12 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: تمخض المشهد في منطقة المعامل شرق العاصمة بغداد عن صورة دامية أعادت للذاكرة مشاهد الحروب المصغرة التي تتحول فيها الأحياء إلى جبهات نزاع عشائري مسلح، حيث دوّت أصوات الرصاص لساعات متواصلة وأجبرت العائلات على النزوح المؤقت، بينما انتشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل تظهر مسلحين يسيطرون على الشوارع بمدافع متوسطة وكأنها ثكنة حرب.
وقال شهود عيان إن الرعب خيّم على الأهالي، فيما دوّت دعوات الاستغاثة عبر صفحات فيسبوك وتويتر، إذ كتب أحد الناشطين: 'المعامل تحترق، والأطفال يختبئون في الأقبية خوفاً من الرصاص الطائش'. وذكر آخر: 'لا دولة هنا.. السلاح هو من يحكم'.
وأحدثت هذه الأحداث جدلاً واسعاً في الشارع العراقي حول ظاهرة السلاح المنفلت، إذ يؤكد مراقبون أن العشائر العراقية باتت كلها تقريباً مسلحة بأسلحة خفيفة وثقيلة، الأمر الذي يحول أي خلاف اجتماعي أو تجاري إلى مواجهة دموية واسعة. وأوضح الباحث الاجتماعي علي الكرخي في حديث للتقرير أن 'الثقافة العشائرية تستند إلى مبدأ القوة والردع، وهذا ما يجعل أي نزاع مرشحاً للانفجار بسرعة'.
وأكدت مصادر أمنية أن محاولات حصر السلاح بيد الدولة ما زالت تواجه فشلاً واضحاً، فبينما تُعلن الحكومات المتعاقبة عن حملات لجمع السلاح، يتجدد النزاع في كل مرة بأشد الصور. وأشار ضابط متقاعد إلى أن 'القانون بلا تنفيذ صار حبراً على ورق، والسلاح منتشر من أقصى الجنوب إلى شمال العاصمة'.
وصرحت وزارة الداخلية بأن هذه الحوادث لا تمثل إلا حالات فردية لسلاح غير مرخص، في محاولة للتقليل من حجم الظاهرة. غير أن أصواتاً سياسية وشعبية ردت بشدة، معتبرة أن توصيفها كـ'فردية' ينطوي على إنكار للواقع.
وغرّد الصحافي محمد السامرائي: 'من يقول فردية؟ بغداد تعيش منذ سنوات على وقع الاشتباكات العشائرية.. المشكلة أعمق من تصريح عابر'.
وأكد قائد عمليات بغداد الفريق الركن وليد خليف التميمي أن أبرز التحديات التي تواجه القوات الأمنية هي عدم تحمل بعض العشائر لمسؤوليتها في الحد من النزاعات، إلى جانب فشل تسجيل الأسلحة لدى وزارة الداخلية. وقال التميمي: 'لا يمكن لأي قوة أن تسيطر على مدينة ضخمة مثل بغداد في ظل رفض قطاعات اجتماعية كبيرة الإفصاح عن مخازن سلاحها'.
وأثارت هذه الاعترافات تساؤلات غاضبة بين السكان، إذ قال المواطن حسين المعموري: 'إذا كانت قيادة العمليات تعترف بالعجز، فمن يحمي الناس إذن؟'، بينما أشارت ناشطة مدنية إلى أن 'تطبيع العنف صار سلوكاً يومياً، وغياب هيبة الدولة يفتح الباب لجولات دم لا تنتهي'.
و يحذر الخبير القانوني علي التميمي من وجود 'مشاكل قانونية' في قانون الأسلحة العراقي رقم (51) لسنة 2017، معتبرا أنها ساهمت في الانتشار المفرط للسلاح في البلاد، بالإضافة إلى ما خلفه 'الاحتلال الأميركي'.
وقال التميمي إن القانون 'أجاز بيع الأسلحة في المحلات والشوارع'، واصفا ذلك بـ'أكبر خطأ تشريعي'، ومؤكدا أن 'العراق ليس ولاية أميركية مثل تكساس حتى تُباع فيه الأسلحة بهذه الطريقة'.
وأضاف أن عقوبة حيازة السلاح بموجب القانون الحالي هي 'جنحة' لا تزيد مدة الحبس فيها عن خمس سنوات، وهو ما لا يحقق الردع المطلوب، برأيه.
واقترح التميمي أن يتم تشديد العقوبة لتصبح 'جناية' تتجاوز 5 أعوام، وشراء الأسلحة من المواطنين بأسعار مرتفعة مع منح مهلة ثلاثة أشهر لتسليمها، وبعدها يتم تطبيق القانون بصرامة على كل من يحوز سلاحا دون ترخيص.
وأكد أن قانوني الأسلحة رقم (51) والمخدرات رقم (50) لسنة 2017 بحاجة ماسة إلى التعديل وتشديد العقوبات.
About Post Author
moh moh
See author's posts