اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ١٧ أيلول ٢٠٢٥
17 شتنبر، 2025
بغداد/المسلة: استحضر الواقع العراقي تأثير انتشار السلاح الشخصي على النسيج الاجتماعي والأمني بشكل أكثر عمقاً من مجرد التصريحات، حيث امتلاك الأسلحة أصبح جزءاً من الثقافة والموروث العشائري، فيما يعكس السلاح شعور المواطن بالعزة والكرامة ويكسبه ثقة في مواجهة التحديات اليومية، خصوصاً في بيئة شهدت حروباً طويلة وهجرات داخلية.
ولعبت المراحل التاريخية للعراق دوراً محورياً في تشكيل هذه الظاهرة، حيث ربط الملك فيصل الأول العشائر بالزراعة واقتصاد الدولة، فحد من النزاعات المسلحة ولكنه لم يقض على ارتباط المواطن بالسلاح كرمز للقوة والشرف، ومن ثم ساهمت التغيرات الديموغرافية بعد 1958 في تعزيز السلوك العشائري داخل المدن، وتحول امتلاك السلاح إلى وسيلة لتأكيد الذات والهيبة داخل المجتمع المدني الجديد.
وأدى غياب خطط عملية سحب الأسلحة بعد حروب الثمانينات والتسعينات، وانهيار النظام السابق، إلى تراكم كبير للأسلحة بين المواطنين، مما جعل تسجيل الأسلحة أو الإجراءات القانونية البسيطة غير كافية، إذ يكتفي المواطنون غالباً بتسجيل قطعة واحدة ويحتفظون بقطع متعددة، ما يضاعف خطر العنف ويزيد من صعوبة التحكم الأمني على الأرض.
وصار السلاح الشخصي عنصراً يغيّر ديناميات النزاع داخل المجتمع العراقي، إذ يمكن لمشاجرة صغيرة أن تتحول إلى مواجهة كبيرة بسبب الأسلحة المتوفرة بسهولة، الأمر الذي يضع الدولة أمام تحديات مزدوجة: الحفاظ على الأمن ومواجهة النزعات العشائرية التقليدية، وتحجيم الفوضى الناتجة عن انتشار الأسلحة دون ضوابط فعالة.
والتحليل لانتشار السلاح يشير الى انه يجب أن يأخذ في الحسبان الأبعاد النفسية والاجتماعية والتاريخية، إذ أن المحاولات القانونية أو الأمنية وحدها لا تكفي، ويجب أن تصاحبها سياسات تحفيزية لتسليم الأسلحة، وبرامج توعية تربط بين حفظ الأمن وكرامة الفرد، مع مراقبة صارمة للأسواق السوداء، وإدماج هذه الإجراءات في رؤية استراتيجية طويلة المدى لضمان نجاحها.
ولم يعد امتلاك السلاح مجرد أداة دفاعية، بل أصبح جزءاً من الهوية العراقية اليومية، وتحوّل إلى مؤشر على القوة والهيبة في حياة المواطنين، ما يجعل أي خطة حكومية لتقنين السلاح تحدياً معقداً يتطلب دمج التاريخ، الثقافة، والتحولات الديموغرافية في صياغة حلول عملية مستدامة.
About Post Author
Admin
See author's posts