زحف تظاهرات "جيل زد" ليس بعيدا من الجزائر

دعوات شبابية عبر مواقع التواصل للخروج غداً والسلطات تعدها نداءات مدسوسة تستهدف زعزعة استقرار البلاد

تشهد مواقع التواصل الاجتماعي داخل الجزائر فوضى عارمة على خلفية دعوات 'مجهولة' للخروج إلى الشارع والتظاهر، ضمن سياق حراك ما بات يُعرف بـ'جيل زد' الذي تعيشه المغرب، وبين من يرى أن الخطوة لا جدوى منها إذ إن البلاد عاشتها خلال الـ22 من فبراير (شباط) 2019، ومن يعدها مناسبة من أجل تحقيق مطالب، حذرت السلطات من مغبة الانسياق وراء هذه الحملات.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية أن 'السلطات تحذر من دعوات مجهولة عبر منصات التواصل الاجتماعي للتظاهر الجمعة المقبل (غداً)، معتبرة أنها دعوات مدسوسة تستهدف زعزعة الاستقرار في البلاد'، وأوضحت أن مجموعة تطلق على نفسها 'جيل زد 213'، وهو الترقيم الهاتفي الدولي للجزائر، تقف وراء هذه الدعوات، مشددة على أن الأمر ليس حركة عفوية بل محاولة منظمة تعتمد أدوات حديثة للتواصل تستهدف فئة الشباب المترابط عبر الفضاء الرقمي، وقالت إن الرد يكمن في اليقظة، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتطوير النموذج الاجتماعي الجزائري بصورة متواصلة.

وأضاف التقرير أن 'دعوات مشابهة أطلقها معارضون مقيمون في الخارج خلال أغسطس (آب) الماضي للخروج إلى الشارع لم تلق أي تجاوب داخلي، مما يعكس رفض الجزائريين الانسياق وراء محاولات مشبوهة'، مؤكداً أن الجزائر تملك من الموارد السياسية والاجتماعية والتاريخية ما يضمن حماية تماسكها.

وأشارت الوكالة إلى السياسات العمومية في مجالات الصحة والتعليم المجانيين، ودعم الشباب والسكن الاجتماعي وتمكين الشركات الناشئة، مشددة أن الجزائر تعتمد نموذج الدولة الاجتماعية، وتوفر شبكات حماية قوية ومساعدات للأسر والفئات الهشة، إضافة إلى منحة البطالة التي يستفيد منها نحو 1.5 مليون شاب، والتي أعلن الرئيس عبدالمجيد تبون أخيراً رفعها من 85 إلى 100 يورو شهرياً، أي نحو من 90 إلى 110 دولارات شهرياً.

وترى السلطات أن هذه الدعوات ليست سوى محاولة خارجية لزعزعة الاستقرار عبر استغلال الشباب والفضاء الرقمي، مؤكدة أن النموذج الاجتماعي والسياسات العمومية القائمة تشكل جدار حماية متيناً ضد أية محاولات للتأثير في تماسك المجتمع الجزائري.

وتأتي تحذيرات السلطات في الجزائر عقب دعوات إلى التظاهر غداً الجمعة الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) داخل مختلف مناطق البلاد، مصدرها معارضون جزائريون في الخارج، تبعتها صفحات 'مجهولة' تعمل على تجييش وتعبئة المتابعين، مرفوقةً بشعارات 'لا للتهميش' و'لا للفقر' و'لا للتضييق' وغيرها، وصور بين قديمة وأجنبية تعبر عن الحرمان، مما جعل معركة التعليقات تأخذ مسارات السب والشتم بعدما انطلقت خفيفة في الردود واستبيان الحقائق بين الاستهزاء والافتخار.

وازداد الوضع توتراً على الفضاء الأزرق بعد دخول معارضين جزائريين يقيمون في فرنسا وبريطانيا على خط الدعوة للخروج، معروفين بالترويج لمغربية الصحراء الغربية وأطروحة الحكم الذاتي، وانتقادهم للمؤسسة العسكرية والجيش الجزائريين، والدفاع عن إسرائيل والصهيونية وآخرهم المدعو محمد سيفاوي، الذي صدم الجزائريين بقوله بالصوت العالي 'أنا صهيوني'، مما جعل المتابعين ينظرون إلى 'التظاهر' بريبة وتوجس على أنه غير بريء.

وفي السياق، يقول المتخصص في مجال العلوم السياسية أحميدة بوخاري، ضمن تصريح لـ'اندبندنت عربية'، إن الدعوات للخروج إلى الشارع التي عجت بها مختلف مواقع التواصل الاجتماعي ليست بريئة بعدما ثبت وقوف من يطلقون على أنفسهم معارضة الخارج وراءها، مشيراً إلى أن هؤلاء مواقفهم معروفة لدى العام والخاص كما أن أهدافهم واضحة. وأوضح أن هناك صفحات مشبوهة منها جزائرية وأخرى أجنبية تعمل على زرع الشكوك وبث الفوضى بين الشعب، في محاولة لتكرار ما يعرف بالربيع العربي، مضيفاً أن ما يحدث صورة من صور الحرب الرقمية التي باتت تُستخدم لزعزعة الاستقرار.

ويتابع بوخاري أن الدعوات للتظاهر استخدم أصحابها أسباباً لا تنطبق على الجزائر، مثل الفقر والبطالة وغياب الآفاق والحرمان وضعف الصحة والتعليم، وقال 'صحيح الخروج للشارع من أجل المطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية أمر مشروع، لكن الجزائر معنية بهذه المشكلات في ظل الأرقام الإيجابية التي تقدمها مختلف الهيئات الدولية'، متوقعاً عدم مسايرة الجزائريين لمثل هذه الدعوات لا سيما أن حراك الـ22 من فبراير 2019 سبق الجميع وحقق مطالبه، وأكثر من ذلك كان سلمياً لدرجة أن العالم تحدث عن تحضر ورُقي ووعي الشعب الجزائر.

وليست المرة الأولى التي دعت فيها أطراف مجهولة ومعلومة إلى التظاهر والخروج إلى الشارع، وآخرها منذ شهر، حين حُرِّض على إحياء الحراك، وذلك إثر تداول رسائل عبر منصات التواصل الاجتماعي تُشجع على تنظيم احتجاجات في الشارع للتعبير عن التذمر من سياسات الحكومة في مجال تسيير الاقتصاد، والتقييد الذي تشهده الحريات خلال الأعوام الأخيرة، وهو ما تعاملت معه السلطات بجدية ونشرت قوات الأمن داخل شوارع العاصمة ومحاورها الرئيسة حماية للمواطنين والأملاك العمومية.

ويعيش المغرب لليلة الخامسة على التوالي احتجاجات مناهضة للحكومة، تطورت إلى أعمال عنف وتخريب داخل عدد من المدن، حيث يقود 'جيل زد' التنظيم غير المهيكل الذي ظهر على الفضاء الافتراضي تظاهرات تطالب بتحسين الأوضاع الاجتماعية للمواطنين، رافعين شعارات 'لا لكأس العالم، نعم لترقية الصحة' و'لا لمشاريع التزيين، نعم لجودة التعليم' و'لا للفقر'، وغيرها من الشعارات.