اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٠ كانون الأول ٢٠٢٥
إبراهيم شاكر - الخليج أونلاين
رئيس مجلس القيادة الرئاسي هاجم من الرياض خطوات الانتقالي الأحادية في محافظات اليمن الجنوبية والشرقية.
تأخذ الأحداث في اليمن منحى متصاعداً، بعد التحركات الأخيرة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظات الشرق، ومغادرة مجلس القيادة الرئاسي وأغلب أعضاء الحكومة إلى العاصمة السعودية الرياض.
'الانتقالي' الذي لا يخفي نزعته الانفصالية في اليمن، فرض سيطرته على حضرموت، أكبر محافظات اليمن، وعلى المناطق النفطية، وكذلك على مطار سيئون وميناء شحن بالمهرة شرقي البلاد، معززاً سيطرته على الجغرافيا الممتدة من باب المندب في الجنوب الغربي وحتى المهرة شرقاً.
تطورات تعكس حجم الهوة بين القوى اليمنية المنضوية تحت مظلة الشرعية، ولها انعكاس مباشر على حدود الدور السعودي في الملف اليمني مستقبلاً، ولا سيما أن تحركات 'الانتقالي'مثلت انقلاباً على الاتفاقات والتوافقات الممتدة من 2019 وحتى اليوم.
المشهد الميداني
على الأرض في حضرموت فرضت قوات الدعم الأمني والنخبة الحضرمية سيطرتها على وادي حضرموت والهضبة النفطية، حيث حقول بترومسيلة النفطية، بعد اشتباكات محدودة مع قوات حماية حضرموت التابعة لـ'حلف قبائل حضرموت'، التي كانت تحظى بدعم الرياض.
كما استولت قوات 'الانتقالي'على مقر ومواقع المنطقة العسكرية الأولى، آخر وحدات الجيش اليمني في حضرموت، إضافة إلى سيئون، ثاني أكبر مدن المحافظة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزت قوات 'الانتقالي'حدود حضرموت وانتشرت في الغيضة عاصمة المهرة، ومنفذ شحن الحدودي بين اليمن وسلطنة عُمان، إلى جانب سيطرتها على حقل العقلة النفطي في محافظة شبوة.
وبالرغم من رعاية وفد سعودي يرأسه اللواء محمد القحطاني، رئيس اللجنة الخاصة المعنية بشأن اليمن، لاتفاق تهدئة بين المكونات القبلية وبين قوات 'الانتقالي'، يوم 3 ديسمبر 2025، فإن قوات الأخير واصلت تقدمها.
ويوم 5 ديسمبر 2025، شدد القحطاني على ضرورة خروج جميع القوات القادمة من خارج حضرموت، على أن تحل محلها قوات 'درع الوطن'، وهي قوات تشكلت حديثاً بقرار من رئيس مجلس القيادة بدعم من السعودية.
لكن 'الانتقالي'تجاهل التحذيرات، وواصلت قواته الانتشار؛ ما أدى لانسحاب قوات 'درع الوطن' من عدة مواقع، وسط أنباء عن توجه لدى الرياض لإعادة تموضع قواتها وتقليصها في اليمن.
كما شرع 'الانتقالي'بإقامة اعتصامات في عدن وسيئون والمكلا وشبوة والمهرة ولحج وأبين، للمطالبة بإعلان انفصال جنوب اليمن عن شماله، وشرع المجلس برفع أعلام التشطير على المؤسسات الحكومية في المحافظات التي توغل فيها مؤخراً.
أزمة سياسية
تحركات الانتقالي انعكست سريعاً على المشهد السياسي، إذ سرعان ما غادر رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس حكومته وعدد من الوزراء العاصمة المؤقتة عدن باتجاه الرياض، واستولت قوات 'الانتقالي'على قصر الرئاسة في المعاشيق، وشرع المجلس بعقد عديد من اللقاءات، في خطوة اعتُبرت لدى عدد من المحللين انقلاباً داخل مجلس القيادة.
وتزامنت سيطرة الانتقالي على قصر المعاشيق مع انسحاب كتيبة الحماية السعودية من القصر ومن مرافق أخرى، وسط أنباء تناقلتها وسائل إعلام يمنية عن سحب الرياض ما تبقى من وحداتها الموجودة داخل الأراضي اليمنية، في خطوة إن صدقت تمثل تطوراً في علاقة المملكة بالملف اليمني.
وفي الرياض باشر العليمي لقاءاته مع العديد من سفراء دول العالم لدى اليمن، ويوم 8 ديسمبر 2025، انتقد خلال لقائه بسفراء الدول الراعية للسلام في اليمن تحركات 'الانتقالي'، معتبراً إياها انقلاباً على التوافقات داخل المجلس.
وقال العليمي، بحسب وكالة 'سبأ' الحكومية، إن الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وتهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني والعسكري، وتقويضاً لسلطة الحكومة الشرعية، وتهديداً خطيراً للاستقرار، ومستقبل العملية السياسية برمتها.
العليمي حذر من التداعيات الاقتصادية والمعيشية الخطيرة لأي اضطراب، خصوصاً في محافظتي حضرموت والمهرة، لافتاً إلى أن ذلك قد يعني تعثر دفع مرتبات الموظفين، ونقص الوقود لمحطات الكهرباء، وتفاقم الأزمة الإنسانية، ونسف كل ما تحقق من إصلاحات اقتصادية، وإضعاف ثقة المانحين بالحكومة الشرعية.
وشدد على ضرورة وجود موقف دولي يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، كما حذر من منازعة الحكومة لسلطاتها الحصرية، مطالباً بضرورة إعادة القوات الوافدة من خارج حضرموت والمهرة.
بدوره قال عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة، إن التصرفات خارج 'الإجماع الوطني' تتيح فرصة للحوثيين لتعزيز نفوذهم، وتقويض الجهود الوطنية والأممية المبذولة في كل المسارات.
فيما ذكر القيادي في المجلس الانتقالي عمرو البيض لوكالة 'رويترز' (8 ديسمبر 2025)، أن أعضاء الحكومة المعترف بها دولياً غادروا اليمن، وأن الانتقالي لم يطلب منهم المغادرة.
ونقلت قناة 'سكاي نيوز عربية' عن قيادي بالانتقالي قوله إنه ليس هناك ما يستدعي مغادرة أعضاء الحكومة عدن، وإن هدف التحركات الأخيرة 'توحيد الجبهات ضد جماعة الحوثي'.
اختبار صعب
ومن وجهة نظر الأكاديمي والمحلل السياسي اليمني عادل المسني، فإن جنوب اليمن يشهد موجة عاصفة من التطورات التي من الممكن أن تغير شكل المنطقة.
ولفت في تصريح لـ'الخليج أونلاين' إلى أن 'تداعيات هذا التوتر والاستفزاز لن تقف عند اليمن بل ستمتد إلى مساحات وملفات عديدة في الخليج والإقليم'، مضيفاً: 'نشهد بوادر تشكل جبهة خليجية جديدة لمواجهة التحديات الراهنة في اليمن والسودان والمنطقة'.
ويشير إلى أن 'تغيير الأوضاع وفرض وقائع جديدة على المجلس الرئاسي والمملكة يشكل انقلاباً على التحالف وإطاحة به وبدوره، مما يقود إلى نذر مواجهات'.
واختتم المسني حديثه بالقول: 'الأنظار تتجه نحو الخطوة التالية، إلى البيان الذي سيعلنه الانتقالي، من الممكن أن يخفف من حدة التوتر أو يقود إلى خلاف غير مسبوق، ولا سيما إذا أعلن المضي قدماً نحو الانفصال أو الإدارة الذاتية، فقد يدخل اليمن والإقليم مرحلة جديدة من الصراع'.
الأثر الإقليمي
رئيس الوفد السعودي إلى اليمن، أكد أن المملكة ترفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال حضرموت في دوامة صراعات جديدة، موضحاً أن هذا الموقف ثابت وواضح في كل ما يتعلق بأوضاع المحافظة.
وخلال لقائه مجموعة من المشايخ والوجهاء من وادي وصحراء حضرموت (شرق اليمن) رفقة محافظ المحافظة سالم الخنبشي، عصر الثلاثاء (9 ديسمبر)، قال القحطاني، وهو رئيس اللجنة الخاصة المعنية باليمن: إن موقف السعودية يشمل 'خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة'، وإن قوات 'درع الوطن' ستتولى استلام المواقع والمعسكرات، مشدداً في الوقت نفسه على رفض 'أي محاولات تعيق مسار التهدئة'.
وتحدث القحطاني عن 'وجود اتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف بما في ذلك المجلس الانتقالي'، مشيراً إلى أن قيادة التحالف العربي تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.
وأوضح أن 'القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها، فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن جهود المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن'.
وتشير العديد من التقديرات إلى أن المملكة تتضرر مباشرة من تغير خريطة النفوذ في شرق البلاد.وقالت مجلة 'نيوزويك' في تقرير لها، يوم 8 ديسمبر، إن سيطرة المجلس الانتقالي على معظم جنوب اليمن، بما في ذلك البنية التحتية للنفط والموانئ، يزيد من المخاطر على النفوذ الخليجي، ويهدد بإعادة رسم الخريطة السياسية لليمن.
وأشارت إلى أن السيطرة على جنوب اليمن 'تمنح نفوذاً على احتياطيات النفط الحيوية والموانئ والحدود، مما قد يُحدد مستقبل الحكم المُجزأ في البلاد'، وهذا وفق المجلة سيؤدي إلى 'فقدان السعودية قدرتها على تشكيل المسار السياسي لليمن وتأمين حدودها الجنوبية'.
ونقلت المجلة عن الخارجية الإماراتية قولها: 'نحن لا نزال ملتزمين بجميع جهود السلام الدولية التي تؤدي إلى استئناف العملية السياسية، وتخدم في نهاية المطاف تطلعات الشعب اليمني إلى الأمن والاستقرار والازدهار'.
ولفتت إلى أن هذا التحول الذي يشهده اليمن 'يقوّض الجهود السعودية للحفاظ على جبهة موحدة ضد الحوثيين، مما يجبر المملكة على إعادة تقييم ما إذا كانت ستحاول الرد العسكري، أو متابعة المفاوضات الدبلوماسية مع المجلس الانتقالي الجنوبي، أو قبول دور أقل في جنوب اليمن'.


































