الإمارات في 2025.. وجهة رئيسية للاستثمار الخارجي والمقرات الإقليمية

طه العاني - الخليج أونلاين

ما دلالات حلول الإمارات بالمركز الثاني بتقرير 'كيرني' 2025؟

يؤكد قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بشكل متسارع.

لماذا توصف الإمارات بأنها عاصمة المال في العالم؟

ترسخ الإمارات يوماً بعد يومٍ موقعها مركزاً عالمياً للمال والأعمال، معززة مكانتها وجهة رئيسية للشركات الدولية الباحثة عن مقرات إقليمية أو عالمية.

ويستند هذا الحضور إلى منظومة تشريعية متطورة، وبنية تحتية رقمية ومالية متقدمة، إضافة إلى موقع جغرافي يربط بين أسواق آسيا وأفريقيا وأوروبا.

جاذبية استثمارية

وأظهرت تقارير اقتصادية عالمية خلال عام 2025 أن الإمارات من أكثر الأسواق جذباً للاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأشار تقرير نشرته وكالة الأنباء الإماراتية في 30 أغسطس 2025 إلى أن الإمارات احتلت المركز الثاني بين الأسواق الناشئة في تقرير 'مؤشر الثقة بالاستثمار الأجنبي المباشر 2025' الصادر عن مؤسسة 'كيرني'، كما جاءت ضمن الدول الأكثر تنافسية في 'الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2025' الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية 'IMD'.

وتؤكد هذه المؤشرات الدولية أن الدولة تمثل بيئة متقدمة للتوسع، وتضعها في صدارة الوجهات التي تستقطب استثمارات وشركات عالمية كبرى.

وشهد عام 2025 تزايداً ملحوظاً في قرارات التوسع للشركات الدولية داخل الإمارات؛ فقد افتتحت 'باي بال' مقرها الإقليمي بدبي في أبريل 2025 ليكون الأول لها في الشرق الأوسط وأفريقيا، ويخدم أكثر من 80 سوقاً في المنطقة.

كما نقلت شركة 'فيون' العالمية للاتصالات المدرجة في 'ناسداك' مقرها الرئيسي إلى دبي في نهاية عام 2024، لتصبح من كبرى الشركات العالمية التي تدير عملياتها من الإمارات.

وفي يونيو 2025، افتتحت 'بارتنرز غروب' مكتباً إقليمياً في أبوظبي، فيما أعلنت 'فورتريس إنفستمنت غروب' الأمريكية في مايو 2025 عن تأسيس مكتب في أبوظبي لتعزيز نشاطها الاستثماري.

وانضمت منصة 'بيتكوين دوت كوم' إلى مركز كريبتو التابع لمركز دبي للسلع المتعددة، في خطوة تعكس الحضور المتنامي للشركات العاملة في التقنيات المالية.

وإلى جانب هذه الأسماء الجديدة، تستمر شركات كبرى مثل 'ميتا'، و'جوجل'، و'أوراكل'، و'مايكروسوفت'، و'أمازون'، و'سيسكو'، و'فيزا'، و'ماستركارد' في إدارة عملياتها من الدولة، ما يعكس رسوخ الإمارات كوجهة استراتيجية طويلة الأمد.

نجاحات عالمية

ويقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي، الدكتور عبد الرحيم الهور، إن الصعود المتسارع للإمارات في تصنيفات التنافسية العالمية، يعكس نجاحها في إعادة صياغة بيئتها الاقتصادية، مما جعلها جاذبة للاستثمارات العابرة للحدود وقادرة على التكيف مع التحولات التكنولوجية والمالية العالمية.

ويوضح لـ'الخليج أونلاين' أن هذا الإنجاز يمتد أثره ليعزز موقع المنطقة الخليجية والعربية ككل في النظام الاقتصادي الدولي، ويمنح الكتلة العربية أداة تفاوضية أقوى في ملفات التجارة والاستثمار والسياسات المالية العالمية.

ولفت الهور إلى أن انتقال مقرات كبرى الشركات العالمية مثل 'فيون' و'باي بال' إلى الإمارات يُعد دليلاً على ثقة رأس المال العالمي ببيئتها التنظيمية والتشريعية.

ويشير إلى أن هذا التحول يُعيد رسم خريطة الأعمال في الشرق الأوسط ويبرز قدرة المنطقة على استقطاب مراكز صنع القرار المالي والابتكاري.

ويردف الهور أن هذه الظاهرة تسهم في تطوير اقتصاد إقليمي أكثر ترابطاً وتنافسية، حيث تخلق شبكة ديناميكية تُحفّز الشركات الناشئة والمواهب وتدفع بتقوية سلاسل القيمة الإقليمية.

كما يرى أنه رغم أن الحوافز الضريبية والبنية التحتية كانت من ركائز الجاذبية الاستثمارية سابقاً، فإن التحدي المستقبلي يتمثل في تعزيز القدرة المؤسسية على الابتكار وإدارة المخاطر.

وشدد على ضرورة توفير بيئة تشريعية مرنة تتواكب مع الثورة الرقمية والتحولات الخضراء، موضحاً أن المنافسة الإقليمية اليوم لم تعد تقتصر على تكاليف التشغيل، بل تشمل القدرة على صياغة بيئة أعمال مستدامة ومتطورة تقنياً وإنسانياً.

ويعتقد أن الاستثمار الإماراتي المكثف في تقنيات الذكاء الاصطناعي هو مثال واضح على التوجّه الاستراتيجي نحو بناء ميزة تنافسية نوعية، مما يعزز الكفاءة الاقتصادية، ويحفز قطاعات التمويل والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية.

ويخلص الهور إلى أن هذا التوجه يرسّخ الدور الإماراتي ليس فقط كمركز للأعمال والمال، بل كمنصة للابتكار التكنولوجي تدعم مسار التحوّل نحو اقتصاد المعرفة.

بيئة أعمال

وتشير تصريحات مسؤولي الشركات العالمية إلى أن السوق الإماراتية تتمتع بمرونة عالية وبنية تحتية متطورة تدعم الابتكار.

وحول ذلك، أوضح المدير العام الإقليمي لشركة 'إنسينكراتور' التابعة لـ'ويرلبول'، محمد كرم، أن السياسات الاقتصادية والبنية المتقدمة جعلت الإمارات مركزاً للشركات الباحثة عن فرص نمو مستدامة.

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية عن كرم قوله: 'التزام الدولة بالاستدامة والتحول نحو الاقتصاد الدائري يشكل عاملاً إضافياً لجذب الشركات في مجالات التكنولوجيا والصناعة والخدمات'.

بدوره، اعتبر المدير الإقليمي في 'أليانز بارتنرز' لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وأفريقيا، فيناي سورانا، أن الإمارات توفر بيئة متكاملة تراعي الإنسان وتحتضن الابتكار، بما يمنح الشركات العالمية فرص نمو نوعية.

أما رئيس 'دايكن الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا'، حسن أوندر، فأشار إلى أن ما يميز الإمارات هو الجمع بين النمو الاقتصادي السريع وتبني أحدث التقنيات، ما يجعلها منصة للتوسع نحو أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.

ورجّح أوندر أن تسهم التشريعات المتقدمة والسياسات المنفتحة، في تعزيز ثقة الشركات العالمية الراغبة في التوسع بالمنطقة.

أبعاد استراتيجية

بدوره يؤكد الخبير الاقتصادي، جلال بكار، أن حجم المنافسة الراهن على جميع قطاعات التكنولوجيا والقطاعات المالية أصبح بالفعل مرعباً لكل الأسواق، سواء على مستوى الشرق الأوسط أو حتى على المستوى الدولي.

ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن المواجهات الاقتصادية اليوم أصبحت واضحة، حيث غدت أقل تكلفة ولكنها أشد خطورة على القطاعات، وخاصة القطاعات المالية.

ويرى بكار أن المنطقة تقف اليوم أمام مجموعة من الفرص والمخاطر في آن واحد. ولذلك، يعتقد أن الحوكمة الاقتصادية والاستراتيجية الرقمية التي تعمل عليها إمارة دبي وحكومة الإمارات ككل، 'هي في الواقع استراتيجية تُدرَس ولها بُعد استراتيجي مستقبلي واضح المعالم'.

وأوضح أنه من المنظور الاقتصادي الحقيقي، فإن المستثمر أو صاحب الفكرة يبحث عن رؤية استراتيجية مستقبلية واضحة.

ويلفت إلى أن هذا ما يميز الإمارات والسعودية عن الدول الأخرى، حيث لديهما رؤية حقيقية لاستقطاب الإمكانيات المالية والعمل على جذب الاستثمار الذكي.

وأضايف بكار أن الاستثمار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وغيره من الاستثمارات التي ستدعم القطاعات المالية، يعتبر عنصراً حاسماً.

ويردف أن هذا، بالإضافة إلى الجذب من خلال التخفيضات الضريبية ووضع الإمكانيات العالية في متناول اليد الأجنبية والإماراتية على حد سواء، هو ما سيجعل الإمارات والسعودية متميزتين عن البلدان الأخرى.

عاصمة المال

وتواصل الإمارات استقطاب اهتمام كبار المستثمرين ورواد الأعمال حول العالم، بفضل ما توفره من بيئة اقتصادية متكاملة تجمع بين التشريعات المرنة والضرائب المنخفضة والموقع الاستراتيجي.

وفي هذا السياق، أشاد رائد الأعمال والمستثمر الكندي المعروف، كيفن أوليري، بالاقتصاد الإماراتي، واصفاً الدولة بأنها عاصمة المال في العالم، وقال في منشور عبر حسابه على منصة 'إكس' في 24 يوليو 2025: 'الإمارات هي عاصمة المال في العالم'.

وأضاف أوليري أن الإمارات توفر بيئة أعمال مشجعة وضرائب منخفضة، إلى جانب قطاع عقاري مزدهر، مشيراً إلى أنها دولة آمنة وعصرية وتتمتع بموقع استراتيجي فريد.

وأوضح المستثمر الكندي أن 'منطقة الخليج بالكامل تشهد نمواً كبيراً، والإمارات في قلب هذا النمو'، لافتاً إلى أن سوق العقارات في الدولة يمثل أحد أفضل مجالات الاستثمار.

وشدد على أهمية التنويع الجغرافي للأعمال، مؤكداً أن الإمارات من أفضل الوجهات العالمية لممارسة الأنشطة الاقتصادية.

وكان أوليري قد أشاد في تصريحات سابقة بجهود الدولة في تطوير قطاع الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن الإمارات تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في حجم الاستثمارات بهذا المجال، بعد الولايات المتحدة والصين.