اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٤ كانون الأول ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
المحلل السياسي مسار عبد المحسن راضي:
كلمة السر الأهم التي تجمع بين إيطاليا ودول الخليج هي الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
دول الخليج العربي شريك موثوق إقليمياً ودولياً ودبلوماسيتها معروفة ومفهومة.
أثبتت الدبلوماسية الخليجية أنها خالية من المفاجآت لكنها في نفس الوقت قادرة على التحوَّلات.
تشير القمة الخليجية الإيطالية التي عقدت في المنامة أخيراً إلى حقبة جديدة من التعاون بين دول مجلس التعاون وأوروبا عبر روما.
ففي أعقاب جلسة مباحثات عقدها قادة دول الخليج مع رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، على هامش القمة الـ 46 لـ مجلس التعاون لدول الخليج العربي، الأربعاء (3 ديمسبر 2025)، جرىالاتفاق على وضع خطة عمل مشتركة للارتقاء بالعلاقات إلى شراكة استراتيجية شاملة.
الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي، قال عقب القمة إن 'العلاقات الخليجية الإيطالية ممتدة وراسخة'، مسلطاً الضوء على التطور الملحوظ الذي شهدته في مختلف المجالات خلال السنوات الأخيرة.
البديوي الذي أعرب عن ثقة الجانبين في أن 'الشراكة الاستراتيجية' يمكن أن تشكّل جسراً لتعاون أوسع، بين أن حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وإيطاليا تجاوز 35 مليار دولار خلال عام 2024، مما يعكس قوة الروابط الاقتصادية واتساع مجالات التعاون.
من جانبها، شددت رئيسة الوزراء الإيطالية على أن بلادها مستعدة لاستضافة قمة بين دول البحر المتوسط ودول الخليج، في إشارة إلى رغبة روما في أن تكون 'جسر عبور للخليج نحو السوق الأوروبية'.
كما أضافت أن إيطاليا تنظر إلى الدول الخليجية بوصفها 'شركاء حقيقيين' يمكن أن يسهموا في تحقيق استقرار أوسع، خصوصاً عبر تعاون أمني وسياسي في ملفات إقليمية حساسة مثل الملف النووي الإيراني.
تطور الاقتصاد والتبادل التجاري
أحد أبرز مؤشرات عمق العلاقة بين الخليج وإيطاليا هو النمو المتسارع في حجم التبادل التجاري بينهما.
فحسب وزير الدولة للتجارة الخارجية في الإمارات، ثاني الزيودي، فإن إيطاليا تعتبر الشريك التجاري الأول غير النفطي للإمارات في الاتحاد الأوروبي، حيث سجل حجم التبادل التجاري بين البلدين 14.1 مليار دولار خلال العام الماضي بنمو 21%، وفق ما أوضح 'العربية نت' في فبراير الماضي.
واستناداً لبيانات مركز التجارة الدولية، فإن السعودية تعد الشريك التجاري الثاني لإيطاليا بين دول منطقة الشرق الأوسط، بحجم تبادل تجاري بلغ 10.8 مليارات دولار عام 2023.
كما بلغحجم التبادل التجاري بين قطر وإيطاليا بلغ 4.2 مليار دولار خلال العام 2024، ومع الكويت 1.25 مليار دولار، ومع سلطنة عُمان 826.8 مليون دولار، والبحرين791 مليون دولار.
وتدل هذه الأرقام على اتساع مجالات التعاون التجاري والاستثماري بين روما والخليج، وهو ما يعزز جدية الالتزام بخطة الشراكة الجديدة.
'فطيرة دبلوماسية'
لكن الشراكة بين الخليج وإيطاليا لم تعد تقتصر على التبادل التجاري التقليدي، ففي السنوات الأخيرة برز اهتمام مشترك في مجالات الطاقة من خلال التحول نحو الطاقة النظيفة، والاستثمارات في البنية التحتية والتقنيات المتقدمة.
وفي سياق أوسع، مثلت أول قمة بين الاتحاد الأوروبي و مجلس التعاون في أكتوبر 2024 محطة مفصلية، إذ تم خلالها الاتفاق على تعزيز الشراكة بين التكتلين ضمن محور 'السلام والازدهار'، مع تركيز على الاستثمار والطاقة والتغير المناخي.
هذا التوجه يعطي إشارة واضحة إلى أن دول الخليج باتت ترى في إيطاليا ليس شريكاً تجارياً فحسب، بل بوابة إلى أوروبا، ومساهماً لتوسيع فرص الاستثمار في الطاقة المتجددة، البُنى التحتية، وربما القطاعات التقنية والصناعية في المستقبل.
فحديث ميلوني عن إمكانية استضافة قمة دول البحر المتوسط ودول الخليج، وسعي إيطاليا لأن تكون 'جسر أوروبا للخليج'، يعكس رغبة روما في لعب دور محوري كوسيط بين الشرق الأوسط وأوروبا في ملفات سياسية كبرى تشمل الأمن والاستقرار.
المحلل السياسي مسار عبد المحسن راضي، يشبه سياسة جورجيا ميلوني الخارجية بـ'فطيرة دبلوماسية متعددة الطبقات'، لافتاً إلى أن 'الاقتصاد، الأمن، والتكنولوجيا، حاضرة دائماً في مطبخ السياسات الخارجية لحكوماتها'.
ويضيف راضي الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين' أن 'كلمة السر الأهم' التي تجمع بين إيطاليا ودول الخليج العربي، هي الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا موضحاً في هذا السياق:
- المشروع يحتاج تبادل الخبرات والمعارف التكنولوجية، إضافة إلى شريك موثوق، ودول الخليج العربي شريك موثوق إقليمياً ودولياً، فدبلوماسيتها معروفة ومفهومة، وأثبتت أنها خالية من المفاجآت، لكنها في نفس الوقت قادرة على التحولات.
- الجانب الاقتصادي له حيز كبير وشديد الأهمية في هذا الجانب، وعليه فإن الشركات الإيطالية تعتبر دول الخليج العربي وخاصة السعودية شريكاً رئيسياً.
- لهذا شاهدنا خلال الشهور والأيام الماضية دبلوماسية إيطالية مكوكية، قادها وزير الخارجية الإيطالي انطونيو تاجاني.
- على الرغم من كل ذلك، هناك عائق وحيد يقف أمام ترسيخ الشراكات الخليجية - الإيطالية، والخليجية - الأوروبية.
- هذا العائق يتجسد بقدرة روما وبروكسل على المضي بسياسات خارجية مختلفة عن الأجندة التقليدية الأوروبية، المعتمدة على دبلوماسية الطاقة، وردَّات الفعل أمام سياسات واشنطن في الشرق الأوسط، المعتمدة على أُسس أمنية تقمع أدوار الاقتصاد ومشاركة الخبرات، رغم رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتغيير هذه المعادلة، ولكن سيحتاج ذلك إلى وقت طويل.
- لكن الآفاق مفتوحة وتشي بالكثير بين دول الخليج العربي وإيطاليا وأوروبا، أهمها قدرة المشرق العربي على أن يكون 'دودة القز' التي توفر الحرير لكل الطرق التي تربط العالم.
- المؤكد بأن فلسفة دول الخليج العربي هي 'أنت ما تصنع لا ما تملك'، هي المناسبة لعدم اليقين في القرن الحادي والعشرين.


































