اخبار الإمارات
موقع كل يوم -مباشر
نشر بتاريخ: ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥
مباشر ـ محمد شاكر: يمثّل عام 2025 محطة استثنائية في مسيرة دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث نجحت الدولة في التحول من مرحلة استشراف المستقبل إلى مرحلة صناعته والسيادة عليه.
لقد كان عاماً حافلاً بالإنجازات التي شملت إعادة هيكلة منظومة الحكم، وتحقيق قفزات تكنولوجية جعلت من الإمارات القطب الرقمي الثالث عالمياً، تزامناً مع أداء اقتصادي هو الأقوى في المنطقة.
ويعكس هذا التقرير الحصاد الختامي لعام من الطموح الوطني، الذي تلاحمت فيه الرؤية القيادية مع المنجزات القطاعية، لترسيخ مكانة الإمارات كوجهة أولى للاستثمار والابتكار وجودة الحياة في مطلع الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين،وفق بيانات جمعتها 'معلومات مباشر'.
العمل المجتمعي
شهد عام 2025 في دولة الإمارات تغييرات سياسية وإدارية مهمة عززت كفاءة الأداء الحكومي واستعداد الدولة لمواكبة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية العالمية.
ففي يونيو 2025، تم إجراء تعديل وزاري شامل أعاد رسم الخريطة المؤسسية للحكومة الاتحادية، حيث تم استحداث وزارة التجارة الخارجية كوزارة مستقلة لتعزيز دور الإمارات في التجارة الدولية، إلى جانب تغيير مسمى وزارة الاقتصاد لتصبح وزارة الاقتصاد والسياحة، ما يعكس التكامل بين التنمية الاقتصادية وتنشيط قطاع السياحة باعتباره أحد محركات الناتج المحلي. كما أُقر اعتماد منظومة الذكاء الاصطناعي الوطنية كعضو استشاري دائم في جميع المجالس الحكومية، على أن يبدأ التطبيق اعتبارًا من يناير 2026.
على الصعيد التشريعي، شهد العام إصدار حزمة من القوانين المهمة، حيث تم إقرار قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي يعكس رؤية الدولة في تطوير منظومة العدالة الاجتماعية، وإعادة تنظيم جهاز الدفاع المدني لتعزيز الاستجابة للطوارئ والكوارث، بالإضافة إلى تعديلات شاملة على قانون الشركات التجارية بهدف زيادة تنافسية السوق.
كما واصلت الحكومة تنفيذ برنامج تصفير البيروقراطية، حيث تم إلغاء أكثر من 2.500 إجراء حكومي، وتحويل شريحة واسعة من الخدمات إلى خدمات رقمية استباقية.
واجتماعياً، أعلن صاحب الشيخ محمد بن زايد رئيس الدولة عام 2025 'عام المجتمع'، حيث تم إطلاق 'ميثاق الأسرة الإماراتية' وتخصيص منح سكنية واجتماعية تجاوزت 15 مليار درهم، مع تحديث نظام الخدمة الوطنية ليشمل مسارات تخصصية في الأمن السيبراني.
الاقتصاد الكلي والتجارة الدولية
شكّل عام 2025 مرحلة مهمة في مسيرة الاقتصاد الإماراتي، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 4.9% وفق تقديرات المصرف المركزي، و4.8% وفق البنك الدولي.
ويتوقع أن يرتفع النمو إلى ما بين 5.3% و5.4% خلال عام 2026 بفضل انتعاش القطاع النفطي واستمرار الزخم في قطاع الذكاء الاصطناعي.
وحافظت الدولة على تصنيفات ائتمانية مرتفعة (Aa2/AA-) مع نظرة مستقبلية مستقرة، بينما استقر معدل التضخم عند نحو 1.5%، وهو من بين الأدنى عالميًا.
على صعيد التجارة، عززت الإمارات شبكة اتفاقياتها الاقتصادية من خلال تفعيل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة مع فيتنام وكوريا الجنوبية وكولومبيا والهند، وإحراز تقدم كبير في مفاوضات مع أستراليا ونيوزيلندا ومصر، بهدف رفع قيمة التجارة غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم.
كما شهد العام انضمام الإمارات رسمياً وفاعلاً لمجموعة 'بريكس'، ما عزّز من استخدام الدرهم في التبادلات التجارية الدولية.
الطاقة والبيئة والاستدامة
واصلت دولة الإمارات دورها الرائد في تعزيز الاقتصاد الأخضر والطاقة المستدامة. ففي أكتوبر 2025، استضاف مركز دبي التجاري العالمي القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، حيث تم التركيز على الابتكار كعامل رئيسي لتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة. وشهد العام الإنجاز التاريخي بتشغيل الوحدة الرابعة من محطة 'براكة' للطاقة النووية بكامل طاقتها، لتغطي 25% من احتياجات الدولة للكهرباء النظيفة.
كما تم إطلاق 'مؤشر الإمارات للسياحة الخضراء' وإلزام المنشآت السياحية بخفض الانبعاثات بنسبة 20%، تزامناً مع استثمارات ضخمة في الهيدروجين الأخضر في منطقة رويس.
التكنولوجيا والابتكار والسيادة الرقمية
شهد عام 2025 تعزيزًا كبيرًا لمكانة الإمارات كقوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي. فقد تم توقيع صفقة استراتيجية مع شركة NVIDIA لتوريد رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة (H200) لبناء مراكز بيانات سيادية. بالإضافة إلى ذلك، تم تفعيل الشراكة الاستراتيجية بين Microsoft وG42 باستثمارات مستهدفة 100 مليار دولار.
وفي هذا الإطار، أطلقت الإمارات نموذج 'فالكون 3' كأقوى نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر عالميًا، بينما بلغت نسبة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي داخل الدولة نحو 97%، الأعلى عالميًا. كما شهد قطاع الفضاء اكتمال النماذج الهندسية لـ 'مهمة استكشاف حزام الكويكبات'.
الفعاليات الاقتصادية الكبرى لعام 2025
شهدت دولة الإمارات زخماً في الأحداثوالفعاليات الاقتصادية الكبرى خلال عام 2025، ما عزّز مكانتها كأحد أهم مراكز جذب رؤوس الأموال في منطقة الشرق الأوسط.
وتوزعت هذه الفعاليات على قطاعات حيوية شملت الطاقة والطيران والمالية والتكنولوجيا والاقتصاد الأخضر.
افتتحت أبوظبي أجندة الفعاليات الاقتصادية في فبراير بتنظيم 'إنفستوبيا 2025'، التي جمعت نخبة من قادة الأعمال والمستثمرين الدوليين.
وركزت القمة على استشراف مستقبل الاستثمارات الضخمة في قطاعات الاقتصاد الجديد، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والرعاية الصحية، بما يعزز مكانة الإمارات كمحور عالمي للاستثمارات المستقبلية.
في مطلع أكتوبر، استضاف مركز دبي التجاري العالمي القمة العالمية للاقتصاد الأخضر، التي سلّطت الضوء على الابتكار كعامل رئيسي لتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة.
كما ناقشت القمة آليات تعزيز تمويل المشاريع الخضراء من خلال شراكات دولية واسعة، دعماً لأهداف الاستدامة العالمية.
في منتصف أكتوبر، احتضن مركز دبي التجاري العالمي معرض 'جيتكس جلوبال 2025'، بمشاركة أكثر من 180 دولة وآلاف الشركات التقنية والناشئة والمستثمرين.
واستعرض المعرض أحدث الابتكارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والأمن السيبراني والتكنولوجيا المستدامة، مؤكداً دور دبي كمركز عالمي للتقنيات المتقدمة.
استضافت إمارة الشارقة في نهاية أكتوبر منتدى الشارقة للاستثمار، الذي يُعد منصة رئيسية لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
واستقطب المنتدى آلاف المشاركين من أكثر من 140 دولة، حيث تم استعراض فرص الاستثمار المستدام، والشراكات العابرة للحدود، وتوظيف الذكاء الاصطناعي في المشاريع الاستثمارية.
في مطلع نوفمبر، استضافت أبوظبي معرض ومؤتمر 'أديبك 2025'، أحد أهم الفعاليات العالمية في قطاع الطاقة.
وشهد الحدث استعراض أحدث حلول الذكاء الاصطناعي في القطاع، وأسفر عن تنفيذ نحو 35 ألف صفقة بقيمة إجمالية بلغت 46 مليار دولار.
كما أسهم في دعم اقتصاد أبوظبي بعوائد تُقدَّر بنحو 400 مليون دولار، خاصة في قطاعات الضيافة والسياحة والنقل.
خلال منتصف نوفمبر، استضاف مطار دبي ورلد سنترال معرض دبي للطيران 2025، الذي يُعد منصة محورية للابتكار والشراكات في قطاعي الطيران والفضاء.
وحقق المعرض صفقات ضخمة تجاوزت قيمتها 202 مليار دولار.
في ديسمبر استضافسوق أبوظبي العالمي 'أسبوع أبوظبي المالي'تحت شعار 'آفاق منظومة رأس المال'.
جمع الحدث نخبة من المؤسسات المالية العالمية وصناع السياسات والمستثمرين وقادة السوق، إضافة إلى رؤساء تنفيذيين ورؤساء مجالس إدارة يديرون أصولاً تتجاوز قيمتها 62 تريليون دولار، لمناقشة مستقبل التمويل والاتجاهات العالمية.
اقطاع العقاري والبنية التحتية
سجل القطاع العقاري في دولة الإمارات خلال عام 2025 أرقاماً قياسية غير مسبوقة، حيث تجاوزت القيمة الإجمالية للتصرفات العقارية على مستوى الدولة حاجز 850 مليار درهم.
وفي دبي، حقق القطاع طفرة استثنائية بمبيعات بلغت 672 مليار درهم، بنمو سنوي قدره 26%، مدفوعاً بطلب هائل في مناطق 'نخلة جبل علي' و'دبي الجنوب'.
أما في أبوظبي، فقد سجلت قيمة التصرفات نمواً بنسبة 43%، مع تركيز السيولة الاستثمارية في مشاريع جزر السعديات وياس والريم.
وتميز العام بالتحول الرقمي الكامل عبر تطبيق تقنيات 'التوأم الرقمي' والبلوك تشين في جميع المعاملات، تزامناً مع البدء الفعلي في مشاريع بنية تحتية كبرى شملت توسعة مطار آل مكتوم وتطوير المرافق اللوجستية الذكية، مما عزز مكانة الدولة كأكثر الأسواق العقارية جاذبية للأثرياء والمستثمرين العالميين.
السياحة والطيران
ترسخت مكانة الإمارات كأهم وجهة سياحية عالمية في عام 2025 باستقبالها نحو 25.5 مليون زائر دولي، حيث سجلت دبي وحدها أداءً قياسياً باستقطاب أكثر من 17.5 مليون زائر حتى شهر نوفمبر.
وشهد العام الانطلاق الفعلي لـ 'التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة'، التي ساهمت في زيادة الرحلات السياحية الطويلة والتدفقات البينية بنسبة 30%.
وفي قطاع الطيران، حصد مطار زايد الدولي لقب 'أفضل مطار في العالم'، بينما شهد شهر ديسمبر التشغيل التجاري التجريبي الأول لـ 'التاكسي الجوي' في دبي كجزء من منظومة التنقل الذكي المستقبلي.
كما ارتفعت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي لتتجاوز 12%، مدعومة بإشغال فندقي بلغ متوسطه 82%، وإطلاق 'مؤشر الإمارات للسياحة الخضراء' لتعزيز الاستدامة في المنشآت السياحية.
الدبلوماسية والزيارات الدولية
واصلت الإمارات تعزيز موقعها الدولي بنشاط دبلوماسي مكثف من رئيس الدولة، شمل زيارات تاريخية لواشنطن وباريس وبكين، لإبرام اتفاقيات استراتيجية في التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي. كما استضافت الدولة كبار القادة من الهند وتركيا والمجر وكولومبيا، وقادة العالم في القمة العالمية للحكومات 2025، مما ساعد على ترسيخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للتجارة والابتكار.
توقعات مستقبلية
جمع عام 2025 بين النمو الاقتصادي القوي والتحول الرقمي العميق، ما أسس لمرحلة جديدة من التنمية المستدامة والريادة العالمية. وتشير توقعات عام 2026 إلى استمرار النمو الاقتصادي بنسبة 5.3–5.4%، وزيادة الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية، مع تعزيز مكانة الإمارات كمركز عالمي لجذب رؤوس الأموال وتوطيد دورها القيادي في الابتكار والسيادة الرقمية، وصولاً لمستهدفات 'مئوية الإمارات 2071'.


































