لايف ستايل
موقع كل يوم -ال عربية
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٢
هذه قصّة أحَد مرضايَ والذي إسمه عفيف. لستُ أدري إن كانت كلمة 'مريض' في محلّها، فهو بالحقيقة لَم يكن يُعاني مِن شيء سوى ظواهر مرض غير موجود. كلّ شيء كان يدلُّ على تشميعٍ في الكبد، لكن بعد إجراء كل الفحوصات والصوَر المُمكنة، إتضحَ أنّ الرجل بصحّة مُمتازة! حيّرَني الأمر كثيرًا وخلتُ طبعًا أنّ سبب تلك العوارض هو نفسيّ، فأحَلتُه إلى زميل لي الذي قال لي مُندهشًا: 'الشخص الذي أرسلتَه إليّ بحالة نفسيّة أفضل مِن حالتي! هل هذه دعابة مِن جانبكِ؟'. إحترتُ لأمري فسألتُ عفيف عن رأيه بحالته، كونه هو الآخر طبيبًا. فإبتسَم هازًّا برأسه وقائلاً:
- جئتُ إليكِ شكليًّا يا دكتور، فقط لأنّني رجل علم وأُفضّلُ المنطق على أيّ تفسير آخر، لكنّ الواقع صعب التصديق. سأخبرُكِ بكلّ شيء:
أنا لستُ خائفًا مِن الموت، صدّقني، مع أنّ المنيّة باتَت قريبة وتنتظرُني في كلّ لحظة. هل أنا مُصابٌ بداء ما؟ أبدًا. إلا أنّني مُتأكّدٌ مِن أنّني راحل مِن هذه الدنيا قريبًا جدًّا. فيوم وُلدتُ، ترافقَت صرخَتي الأولى مع صرخة ثانية أطلقَها نجيب، أخي التوأم، وتفاجأَ الجميع بهذه الولادة المُزدوجة. فآنذاك لَم يكن هناك مِن طرق لمعرفة حالة الجنين سوى بالوسائل التقليديّة مِن قِبَل الطبيب أو الداية.
شعرتُ بدفء شديد منذ أيّامي الأولى، ليس فقط بفضل حنان أمّي، بل لأنّ إنسانًا آخر كان بجانبي منذ تكويني وطوال حياتي. فقد كنّا توأمَين مُطابقَين، أيّ أنّنا شخص واحد مقسوم في جسدَين. ولا يعرفُ تمامًا ماذا أقصدُ بذلك، إلا التوأمان.
كانت لنا طفولة سعيدة وسط والدَين مُحبَّين، وأهل أحاطوني وأخي نجيب بالحبّ والكثير مِن الهدايا. كانت حياتي كاملة، وأذكرُ أنّني سألتُ نفسي يومًا إن كان هناك مِن شيء أُريدُه أكثر مِن ذلك، فكان الجواب لا.
حين بلَغنا الثامنة عشرة مِن عمرنا، أرادَ نجيب السفَر إلى الولايات المُتحّدة لدخول الجامعة هناك والتخصّص بالطبّ. لَم أكن مِن رأيه في ما يخصّ السفَر، وكانت تلك أوّل مرّة لا نُريدُ الشيء نفسه.