اخبار الجزائر
موقع كل يوم -وطن يغرد خارج السرب
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
وطن – بينما تستعد بغداد لاحتضان قمة عربية يُفترض أن تناقش وحدة الصف العربي، اهتزّت الساحة الجزائرية بنداءات غير معتادة: 'عمي تبون، لا تذهب إلى العراق!'. هذه العبارة التي تصدّرت الوسوم على مواقع التواصل الاجتماعي، لم تكن صرخة سياسية فقط، بل وجدان جماعي تحرّكه الذاكرة التاريخية المؤلمة بين الجزائر وبغداد.
ففي قلب هذه الذاكرة، يقف اسم هواري بومدين، الرئيس الجزائري الراحل، الذي زار بغداد عام 1978 وعاد منها مريضًا بمرض غامض أودى بحياته بعد شهور. ظلت فرضية التسميم تلاحق تلك الزيارة، رغم غياب الدليل. كما تحضر قصة محمد الصديق بن يحيى، وزير الخارجية، الذي قُتل عام 1982 إثر سقوط طائرته في ظروف وصفت بالغامضة خلال وساطة في الحرب العراقية الإيرانية. قيل حينها إن الصاروخ الذي أسقط الطائرة كان عراقيًا.
هذه الحوادث جعلت العراقي 'مكانًا غير آمن' في المخيال الشعبي الجزائري، ليس بسبب سياسة بغداد الحالية، بل لما ترمز إليه في الذاكرة الوطنية. ورغم أن القمة الحالية تعقد في ظرف مختلف، وتحت غطاء عربي موحّد، إلا أن الرئيس عبد المجيد تبون اعتذر عن الحضور، وكلّف وزير الخارجية أحمد عطاف بتمثيله.
ردّة الفعل الجزائرية كشفت أن السياسة لا تُمارس في الفراغ، وأن الشعوب تتذكر وتخشى تكرار التاريخ. القمة ستُعقد، وستتحدث الجزائر بصوتها، لكن في وجدان الجزائريين، ظلّ بومدين وبن يحيى يحضران أكثر من أي تصريح رسمي.
الحدث لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل علامة على أن الرمزية السياسية والتاريخية قد تكون أعمق تأثيرًا من أجندات القمم. وربما تقول لنا هذه القصة شيئًا آخر: في الوطن العربي، الذاكرة قد تصوّت بصوت أعلى من القادة.