اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٣١ كانون الأول ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- ما أهمية الخط البحري المباشر بين العراق والإمارات؟
يفتح مساراً لوجستياً أسرع وأكفأ، ويقلل الاعتماد على النقل البري.
- كيف يعزز الخط موقع العراق إقليمياً؟
يحوّل العراق إلى ممر عبور يربط الخليج بدول الجوار.
يفتتح العراق خطوة لوجستية جديدة بإطلاق خط بحري مباشر مع الإمارات، في توقيت تتزايد فيه أهمية الممرات البحرية القصيرة والربط متعدد الوسائط في إعادة تشكيل خريطة التجارة الإقليمية.
ولا يقتصر هذا التحرك على تسهيل حركة البضائع، بل يعكس سعياً لتعزيز موقع العراق ضمن سلاسل الإمداد العابرة للحدود.
ويأتي الخط البحري بين ميناء راشد وميناء أم قصر في سياق تنافسي إقليمي متسارع، حيث تتجه الدول إلى تقليص زمن العبور وخفض كلف النقل.
ربط بحري مباشر
ويمثل افتتاح الخط البحري المباشر بين العراق والإمارات تحولاً عملياً في نمط الربط اللوجستي، من الاعتماد الكثيف على النقل البري إلى مسارات بحرية مختصرة وأكثر كفاءة.
وأعلنت الشركة العامة لموانئ العراق، في 25 ديسمبر 2025، افتتاح خط بحري دولي مباشر يربط ميناء راشد في دولة الإمارات بميناء أم قصر، مع استقبال أول سفينة قادمة محملة بعربات نقل بنظام (الرو-رو)، وفق بيان صادر عن الشركة نقلته وكالة الأنباء العراقية 'واع'.
وبحسب البيان، يهدف الخط الجديد إلى تعزيز حركة التجارة وتقليص زمن العبور البحري، حيث يعمل بزمن رحلة لا يتجاوز 36 ساعة، وبطاقة استيعابية تصل إلى 145 عربة مقطورة مرافقة في كل رحلة، ما يمنح الشركات خياراً أسرع وأكثر انتظاماً لنقل البضائع.
وأوضح معاون المدير العام للشؤون الفنية في الشركة العامة لموانئ العراق، عبد السادة خلف، أن وصول أول شحنة عبر هذا الخط يشكل بداية عملية لمرحلة جديدة في تطوير خدمات النقل البحري في ميناء أم قصر.
وبيّن خلف في تصريحه، أن النظام المعتمد يسمح بمرافقة السائقين للبضائع، ويقلل الاعتماد على النقل البري طويل المسافات، بما ينعكس على خفض الكلف التشغيلية وتسريع التسليم.
وأشار خلف إلى أن الخط لا يخدم السوق العراقية فقط، بل يفتح ممراً لوجستياً يربط العراق بدول الجوار، من بينها الأردن وسوريا وتركيا، عبر شبكات النقل البرية القائمة، ما يعزز موقع العراق كمحور عبور إقليمي، ويدعم التجارة الثنائية مع الإمارات، ويرفع كفاءة سلاسل التوريد في المنطقة.
وأكدت الشركة، في البيان نفسه، أنها استكملت الترتيبات التشغيلية والفنية في ميناء أم قصر لضمان انسيابية مناولة شحنات (الرو-رو)، ضمن توجه أوسع لتبني حلول نقل بحري أكثر كفاءة واستدامة، تسهم في تقليل الكلف والحد من الانبعاثات مقارنة بوسائل النقل التقليدية، مع الاستمرار في تطوير البنية التحتية وتوسيع الخدمات البحرية مستقبلاً.
أبعاد استراتيجية
ويقول أستاذ السياسة الاستراتيجية الدكتور قحطان الخفاجي إن إطلاق الخط البحري العراقي مع دولة الإمارات يمثل دليلاً واضحاً على انفتاح العراق باتجاه الخليج والمنطقة، ويعكس في الوقت نفسه تعافي حركة التجارة العراقية وعودة الزخم إلى العلاقات العربية – العراقية.
ويرى في حديثه مع 'الخليج أونلاين' أن هذه الخطوة تشكّل بديلاً عملياً في ظل بعض الضغوط الإقليمية، وتسهم في تنويع خيارات العراق التجارية وعدم الارتهان لمسار واحد.
ويضيف الخفاجي أن بدء العمل بهذا الخط البحري يُعد نقطة انطلاق مهمة لتجاوز تحديات قد تؤثر على العراق مستقبلاً، كما أنه تجربة عملية تصب في مصلحة الموانئ العراقية، ولا سيما ميناء الفاو، من حيث تعزيز دوره ووظيفته في منظومة النقل البحري.
ويشير إلى أن الخط البحري يخدم أيضاً مشروع طريق التنمية، بوصفه أحد المسارات التي تسعى لربط الموانئ العراقية بأقصر الطرق التجارية، مؤكداً أن ميناء الفاو يمثل إحدى الركائز الأساسية في هذا المشروع الاستراتيجي.
كما يلفت الخفاجي إلى أن اختيار الإمارات كنقطة انطلاق أولى يعكس أهميتها في الرؤية التجارية العراقية، كما يدل على اهتمام إماراتي متزايد بالعراق، خاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية.
ويردف أن هذا الربط البحري يعزز دور ميناء الفاو، وفي المقابل يسهم الفاو في تنشيط حركة التجارة البحرية بين البلدين، بما يحقق منفعة متبادلة للطرفين.
ويرى أستاذ السياسة الاستراتيجية أن التفريق بين كونه ربطاً تجارياً ثنائياً أو بوابة لوجستية إقليمية ليس ضرورياً، لأن المسارين متكاملان.
كما يعتقد أن الخط البحري بين العراق والإمارات يمكن أن يشكّل مرحلة تأسيسية لبوابة لوجستية أوسع، في ظل المكانة الإقليمية للإمارات ودورها كدولة تجارية نشطة.
ويختم الخفاجي حديثه بالقول، إن هذه الخطوة تعزز الثقة في التوجهات الاقتصادية العراقية، كونها جاءت ضمن مسار مدروس وبداية عملية قابلة للتوسع، ولها أبعاد استراتيجية وتجارب مستقبلية يمكن البناء عليها لتعزيز موقع العراق في التجارة الإقليمية والدولية.
مشروع لوجستي كبير
ويتجاوز الخط البحري العراقي–الإماراتي بعده التشغيلي المباشر، ليتقاطع مع تحرك أوسع يستهدف إدارة وتشغيل أحد أكبر المشاريع اللوجستية في المنطقة، ميناء الفاو الكبير، بما يعزز احتمالات تحوّل العراق إلى عقدة عبور إقليمية.
وتقترب الحكومة العراقية من إبرام اتفاق مع شركة موانئ أبوظبي لتشغيل ميناء الفاو الكبير، وفق ما أعلنه مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون النقل ناصر الأسدي، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول في 17 أكتوبر 2025.
وأشار الأسدي إلى أن الاتفاق بات في مراحله النهائية، مع عقد اجتماعات مكثفة لوضع اللمسات الأخيرة على عقد التشغيل، مرجحاً بدء المرحلة التشغيلية الفعلية في وقت قريب، بالتوازي مع تقدم ملموس في التنفيذ الميداني لمشاريع الميناء.
وبحسب التصريحات، اكتمل تنفيذ 3 مشاريع أساسية من أصل خمسة ضمن ميناء الفاو، فيما تقترب المشاريع المتبقية من مراحل الإنجاز النهائية، في مؤشر على تسارع وتيرة العمل استعداداً للدخول في مرحلة التشغيل التجاري.
وأوضح الأسدي أن الأرصفة الخمسة في الميناء أنجزت بنسبة 100% وتم افتتاحها فعلياً، مع استمرار أعمال التجهيز والتأثيث، لافتاً إلى أن سفناً تجريبية رست على هذه الأرصفة في أكثر من مناسبة، لاختبار الجاهزية التشغيلية.
ويقع ميناء الفاو الكبير عند مصب شط العرب، حيث يلتقي نهرا دجلة والفرات قبل أن يصبا في الخليج، ويُنفذ المشروع بواسطة شركة 'دايو' الكورية الجنوبية، ضمن اتفاقية تبلغ قيمتها نحو 5 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يكون الميناء الأكبر في الشرق الأوسط عند اكتماله.
ويمتد المشروع على مساحة تقدر بنحو 54 كيلومتراً مربعاً، بطاقة استيعابية تصل إلى 90 مرسى، فيما دخل حاجز الأمواج التابع للميناء، بطول يقارب 14 ألفاً و523 متراً، موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأطول حاجز أمواج في العالم.
وتتضمن المخططات المحيطة بالميناء إنشاء منطقتين صناعيتين، ومشاريع سكنية، ومناطق مخصصة للسفر والسياحة، على أن يُنفذ المشروع على 5 مراحل، مع استهداف استكمال المرحلة الأولى وبدء التشغيل بنهاية عام 2025، بمشاركة شركات تركية عدة في أعمال البناء.


































