شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، في دورته الرابعة، العرض العربي الأول لفيلم 'شرق 12' للمخرجة هالة القوصي، الذي يعرض ضمن برنامج 'رؤى جديدة'.

وقبل وصوله إلى مهرجان البحر الأحمر، خاض الفيلم رحلة مهمة في مهرجانات مختلفة، منها عرضه في فعالية 'نصف شهر المخرجين' بمهرجان كان السينمائي الدولي.

ينتمي فيلم 'شرق 12' لنوعية الكوميديا السوداء ويغلب عليه طابع الفانتازيا الساخرة، حيث تدور أحداثه في عالم مغلق خارج الزمن. وقد تم تصوير الفيلم في 22 يومًا باستخدام خام السينما، ليكون أول فيلم يتم تصويره بهذه الطريقة منذ أكثر من عقد.

التقى FilFan.com بالمخرجة هالة القوصي لتحدثنا عن تجربتها مع 'شرق 12' والصعوبات التي واجهتها.

في البداية، حدثينا عن تكرار التعاون مع الفنانة منحة البطراوي؟

أول تجربة ليا في الإخراج كانت في فيلم 'زهرة الصبار' واتعرفت من خلاله على منة البطراوي وامتدت العلاقة بينا وتحولت إلى صداقة، هي شخصية ملهمة وهي نواة النواة اللي بدأت منها فكرة فيلم 'شرق 12'. طول الوقت أنا مشغولة بفكرة الذاكرة وبجمع أرشيف فوتوغرافي لمصر من 10 سنين، فكرة أهمية الذاكرة في تاريخ الشعوب، هل مهم إننا نفتكر؟ الخط بتاع دور شخص اكتسب حكمة بفضل سنين عمره فايدته إيه في حياة ناس صغيرين.

كونك فنانة تشكيلية وتحاولين حفظ الذكريات عن طريق الفن والفوتوغرافيا، من وجهة نظرك من يحفظ الذاكرة ويوصلها بشكل أسرع الفن التشكيلي أم الفوتوغرافيا أم السينما؟

في الأساس كنت بعمل فن تشكيلي ووصلت ليه لنقطة كويسة، لكن أنا شايفة أن السينما متفوقة على كل الوسائط، السينما مش محتاجة حد يترجمها لحد، الكتب مثلا محتاجة حد يفهمها، أنا مهتمة بفكرة أن في مجتمعنا الصورة مهمة كل واحد بيتلقاها على مستوى ما، الفيلم زي الفيروس بينتقل من غير ما حد يساعده هتشوفه السنة دي وهتشوفه كمان 20 سنة.

لماذا تفضيلن التعاون مع مدير التصوير عبد السلام موسى؟

أنا بتعاون مع نفس مدير التصوير عبد السلام موسى من سنة 2009، وفريق العمل لفيلم 'شرق 12' مؤلف الموسيقى ومهندس الصوت دا تالت تعاون، بحس لما بيحصل تواصل فكري مع مجموعة من المحترفين المهنيين مؤمنين باللي أنت بتعمله بيكون أفضل إننا نفضل مع بعض وبنكبر مع بعض ونكتسب خبرات من بعض، السينما مهنة تعاونية من الدرجة الأولى ولو الناس مبصتش عليها أنها مهنة تعاونية دا بيكون بداية فشل الفيلم، إنت المخرج أه لكن في ناس تانية معاك مدير التصوير ممكن يكون بيفضل في موقع التصوير أكتر منك.

وتابعت: لما كان معايا الفيلم دا عبد السلام اتكلم معايا أن نعمل فيلم تاني هيكون أسهل في التكاليف، واتكلمنا عن تصورات إزاي نقدر نقدمه، وهو سألني إن كنت عايزة أعمل الفيلم أبيض وأسود الفكرة طلعت وإحنا بنتكلم، وخلينا الواقع بالأبيض والأسود لأنه مشؤوم والخيال هو الألوان، وصورناه بخام الفيلم وحسيت أن دا هيخلي الناس بعد كده مش عارفة الفيلم اتصور أمتى، وعبد السلام موسى كان آخر مدير تصوير يصور فيلم بخامة الفيلم.

ما الصعوبات التي واجهتك مع اختيارك لتصوير الفيلم بطريقة الخام وليس الديجيتال؟

أول صعوبة إننا معندناش معمل مفتوح، بعد آخر فيلم اتعمل خام محدش بقى بيستخدمه فالمعامل قفلت، فكان التصور الأول تحميض الفيلم برا، وبعتنا لمعمل في هولندا ونشوف التكلفة ومكنتش التكلفة عائق الناس فاهمة أنه مكلف، لكن كان في صعوبة أننا نخرج خام الفيلم للخارج بقالنا 10 سنين مش بنعمل كده، كان في بروتوكول لده الرقيب يحضر تصوير الفيلم ويشمع الأفلام وتسافر، كان في مخاطرة لو رحت لموظف بعلبة خام الفيلم وقرر أنه يفتحهها كده ممكن يروح مني تصوير نص يوم لو اتفتح هيتحرق، مكنش ينفع أننا نحمض الفيلم مرة واحدة.

وكملت: بدأ مدير التصوير عبد السلام موسى في مفاوضات مع دكتور خالد عبد الجليل لأنه مدير مدينة السينما عشان نفتح المعمل هنا ودا اللي حصل، كانت حاجة صعبة كان في موظفين فنيين في التقاعد رجعوا، كان في مشاكل في مصادر المايه ومشاكل في الكهرباء، ومشاكل في مواد كيماوية بتستخدم، وبشكر كل الفنيين المصريين لأنهم ملهومش مثيل في العالم ومبيعرفوش المستحيل، معندهومش مصادر لقطع الغيار ولو حاجة باظت هو بيدور على حاجة بديلة، كانت تجربة صعبة وفيها مخاطرة.

أين تم تصوير فيلم 'شرق 12'؟

أنا صورت في مكانين، مكان سميته المستعمرة ودا تعبير عن أنه مكان معزول معندوش تواصل مع العالم الخارجي، صورت في مصنع كنت بدور على المكان من سنة 2019، بالصدفة وصلنا لمدينة القصير القديمة ومصنع هناك، ومن بعد الفيلم اتصور فيها حاجات تانية، ومع الأسف في فيلم آخر وصل وصور فيه، رجعت للقاهرة وبحثت عن مصنع تاني، وصلت لمصنع في حلوان وكنت بدور طول الوقت على مصنع متصورش فيه.

كيف تم اختيار الإكسسوارات التي استخدمت في الديكور؟

أنا بداية الفيلم كانت شخصية 'جلالة' بتحكي للناس وهي مصدر الحكايات لأنهم في مكان معزول مفيش تليفزيون ولا إنترنت، تخيلت كمان أن المجتمع دا مش محتاج لفلوس، بيتعامل بالبدل، استخدام ديكور ساعات كتير بيرمز أن الوقت ملوش قيمة الأيام زي بعضها، وفي إكسسوارات من عندي من بيت أهلي، وكل الإكسسوارات أنا جمعتها بنفسي.

ما أصعب مرحلة في إنتاج الفيلم؟

أصعب مرحلة هي ما قبل الإنتاج والبحث عن التمويل، لأنها مرحلة بتكون شايف أنك عملت حاجة جيدة وعندها قيمة وشايف الناس متحمسة، ودلوقتي المنصات اللي بتديك منح بتكون طالبة ملف كامل مكتوب بالعربي والإنجليزي وقبل كده وجهت للموضوع دا نقد، أنت بتحط صانع الأفلام العربي تحت ضغط أنت بتطالبه يقدملك الملف كامل بالعربي والإنجليزي، وفي وقت بتتعرض للرفض وبتدخل في مرحلة الشك في نفسك.

كلمينا عن رحلة الفيلم في المهرجانات؟

إحنا مكنش معانا موزع للفيلم دخلنا مهرجان 'كان' بتقديم أنا عملته عشان كده إحساس الفرحة كان مضاعف، لأن فرص الاشتراك في المهرجان لما يكون معاك شريك فرنسي بتكون أكتر، لكن تواجدنا في المهرجان وفي هذا القسم الناس دي فاهمة إحنا بنعمل إيه. إحنا عرضنا الفيلم في 15 مهرجان وسافرنا لكذا مكان، الهند واليابان وأوروبا، عندي أمل إننا نعرض كمان في تونس وأحب جدا أن يكون في عرض جماهيري.

ما رأيك في فكرة فيلم جماهيري وفيلم مهرجانات؟

شايفة أنها حاجة بايخة وكأن اللي بقول دا عنده مفتاح الحقائق عنده قائمة إيه الحاجة اللي بتتواجد في فيلم جماهيري أو فيلم مهرجانات، أفلام كتير اتعملت جماهيرية وفشلت، تكاليف عرض فيلم في القاعات فوق قدرة أي حد معندوش إمكانيات الأفلام الجماهيرية، تكاليف النسخ والعرض، فأنك تتحول من فيلم مهرجانات لفيلم جماهيري في خطوات كتير، وإحنا محتاجين نفكر أكتر زي نموذج تونس عندهم نوادي محبي السينما، ممكن تبني قاعدة توصل للجمهور تتيح الأفلام ليهم وتقابلهم بعروض لو مش ببلاش تكون بمبالغ رمزية.