عبر خدمة 'خرائط جوجل'، لاحظ العلماء في شرق القارة القطبية الجنوبية شكلاً غير عادي أثار نظريات مختلفة عبر الإنترنت. هذا التكوين، الذي تم اكتشافه بالقرب من محطة شوا اليابانية، يشبه إلى حد كبير باباً مستطيلاً ضخماً مصنوعاً من الجليد. وصفه البعض بأنه قاعدة سرية للنازيين، أو مدخلًا للكائنات الفضائية، وحتى منزل لحيوانات ضخمة.

هل هذا باب ضخم؟

في البداية، تم اكتشاف الباب من قبل أحد مستخدمي منصة Reddit الذي نشر إحداثيات الموقع. وسأل: 'هل هذا باب ضخم في أنتاركتيكا؟'.

في وقت قصير للغاية، جذبت الصورة بما فيها من تشكيل غير عادي انتباه الكثيرين على الإنترنت، وبدأوا في مناقشة نظرياتهم الخيالية. واعتقد البعض أن هذا قد يكون مدخلاً إلى قاعدة سرية تحت الأرض، بينما مازح آخرون بأنها ربما كانت منزل مخلوق بيغ فوت الأسطوري، أو سفينة فضائية سرية مخفية.

وتراوحت النظريات من وجود ملاجئ بناها النازيون إلى وجود مدينة خفية داخل قشرة الأرض.

ما رأي العلماء في هذا الأمر؟

في حين انتشرت العديد من الآراء والنظريات على الإنترنت حول هذه الظاهرة، قدم العلماء تفسيراً أكثر بساطة وواقعية. فحصت بيثان ديفيز، عالمة الجليد في جامعة نيوكاسل، موقع هذه الظاهرة باستخدام برنامج خرائط جوجل. وأوضحت أن ما يُطلق عليه 'الباب' ليس إلا تشكيل طبيعياً ناتجاً عن عوامل جيولوجية.

وأشارت إلى أن هذه المنطقة البحرية مغطاة بالجليد البحري الذي يتحرك بسرعة. وأضافت أن ما نراه هو جبل جليدي أصبح عالقاً في المياه الضحلة، وبدأ في الذوبان في مكانه. ولفتت إلى وجود العديد من الجبال الجليدية الأخرى في نفس المنطقة.

وبشكل مختصر، فإن ما يُزعم أنه 'باب' في الواقع ليس سوى جزء من جبل جليدي، وقد تشكل هذا الشكل بسبب عوامل الجليد والتضاريس السطحية تحت الجليد.

ما سبب تشابه هذا التكوين مع الباب؟

أيد باحثون آخرون تفسير دافيز لهذه الظاهرة الطبيعية. وفقًا لما ذكره البروفيسور مارتن سيجرت، من إمبريال كوليدج لندن، فإن هذا الشكل الجليدي النادر يتكون نتيجة عوامل طبيعية متضافرة. الجليد يتحرك بفعل جسم صلب قوي مختبئ تحته، كما أن الرياح وذوبان الجليد يساهمان في تشكيل هذا النمط الفريد.

وأكد سيجرت أن هذا النمط الجليدي ليس استثنائياً، بل هو نتيجة طبيعية لتدفق الجليد. ولتأكيد ذلك، يمكن ملاحظة اتجاه الرياح من خلال تراكم الثلج على جانبي 'الباب' الجليدي.

نظريات المؤامرة مستمرة

رغم توضيحات الخبراء الدقيقة لتشكيل الجليد الغريب في أنتاركتيكا، فإن رواد الإنترنت ما زالوا يرددون العديد من النظريات المثيرة والخيالية. البعض يراه قاعدة سرية أو عالمًا خفيًا، بينما يراه آخرون مدخلًا إلى مملكة البطاريق أو منزلا للزواحف. هذه النظريات الممتعة، رغم ذلك، تتجاهل التفسير البسيط للعلماء: إنه مجرد تشكيل طبيعي للجليد نتيجة ظواهر طبيعية.

هذا الحماس للنظريات الغامضة في أماكن بعيدة مثل أنتاركتيكا يسلط الضوء على سهولة انجراف الناس في مثل هذه الأفكار. رغم أن الحقيقة بسيطة، إلا أن الإنترنت يبدع في خلق نظريات مثيرة ومبتكرة.

يقول البروفيسور جون سميلي، من جامعة ليستر: 'إنها مجرد ظاهرة طبيعية ولا شيء يستحق كل هذا الضجيج'. وفي النهاية، هذا التشكيل الجليدي الغريب هو مجرد مثال جميل على قدرة الطبيعة على خلق الأشكال والأنماط الأكثر روعة.