سنوات انتظر فيهم المخرج 'كريم الشناوي' تحقيق الحلم حتى تفرج الرقابة عن الفكرة. هناك أفكار تحلق بلا حدود إذا اهتم أصحابها بالعمل عليها كي تكتمل لمشروع يعيش إلى الأبد.

'لام شمسية' بداية من العنوان واستخدام التورية في السر والذنب بالأغنية للشاعر مصطفى إبراهيم، وتفاصيل تصميم بوسترات المسلسل لكل شخصية لكريم آدم، وحتى أداء الممثلين العظيم؛ كل شيء يبدو أن أصحابه بذلوا مجهودا فيه.

اللعبة والعلاج بالفن وأشياء أخرى

استخدام ورشة سرد بقيادة 'مريم نعوم' اللعبة للتعبير عن التحرش الجنسي بالأطفال للتخفيف عن المشاهد، حيث يحمل المسلسل جرعة كبيرة من التراجيديا الثقيلة، وكذلك هي كلمة استخدمت بالفعل من المتحرشين بشهادة ضحايا كثر عبروا عن آلامهم أثناء مشاهدة المسلسل.

في الواقع وبشهادة الطبيب النفسي دكتور محمد طه عن المسلسل، وكواحدة عانت من التحرش في الشوارع، فقد ساهم المسلسل بالفعل في حالة من استشفاء ضحايا التحرش، والشعور بأخذ الحق من أشباح التحرش الذين لم نستطع أثبات إجرامهم.

وبالعودة إلى كلمة اللعبة، فقد كانت كلمة ذكية لتخفيف للأمر أيضا على ضحايا التحرش أثناء المشاهدة، ولكن الجزء الوحيد الذي لم توفق فيه سرد في رأيي هو استمرار استخدام الكلمة كل وقت، فهناك متحرشون يستخدمون سبلا أخرى لجرائمهم غير استخدام أسلوب اللعب.

ولم توفق سرد أيضا في الخط الدرامي بين نيللي وجارتها، الذي لم يكن له داعٍ بهذه التفاصيل والسفر خصيصا للإسكندرية لمواجهة شابة كانت يوما طفلة لا تعي ما تفعله كي يتم مواجهتها بعد هذه السنوات وانتظار الأسف مثلا!

ولأن هذا الجزء لم توفق فيه سرد، فلم يكن أداء أكينة خليل فيه قويا مثل بقية الحلقات، فهي مشاهد 'ملو' كما يسميها المسرحجية، وكأن صناع العمل أرادوا تغطية كل أذكال التحرش، فظهر هذا الخط مقحما ومباشرا.

التمثيل العالمي بشهادة الجمهور والنقاد

محمد شاهين

شاهين من هؤلاء الممثلين الذي لا يهمهم الظهور الإعلامي قدر العمل على الموهبة. بحث عن المسرح في كلية التجارة منذ أن كان طالبا، ودرس على يد المخرج خالد جلال، ومن ثم انطلق كي يحقق حلمه، ولا أعلم من يعلق من الجمهور بأنه لم يؤخذ حقه، لم يكن على هذا القدر من الموهبة، أين كان من دوره في مسلسل 'سوتس بالعربي' فهو بطل العمل في رأيي بشخصية صعبة ومركبة مثل شخصية قدري الزيات الشخص الوحيد الحساس الذي لم ينجح في علاقة عاطفية ورغم كل جبروته مع موظفينه يبكينا بفقدانه القط الذي تبناه ليعوضه عن كل حنان فقده.

وأين كان من مسلسلات مثل 'ونوس، والسبع وصايا' ومن دوره مؤخرا في فيلم 'وش في وش' أو مسلسله العام الماضي 'لحظة الغضب' تأليف الشاب المتميز 'مهاب طارق' ثم الحلقة التي قلبت السوشيال ميديا رأسا على عقب من مسلسل 'ساعته وتاريخه' للمخرج عمرو سلامة.

كل ما في الأمر أن شاهين يجد نفسه مع المخرج 'كريم الشناوي' الذي أخرج منه رجلا رومانسيا ومظلوما في مسلسل 'الهرشة السابعة' الذي فتح له بابا يستحقه لبطولات الأعمال التلفزيونية، وأثناء تصويره يتحمس الشناوي كي يحكي للنجم المتفرد عن فكرة 'لام شمسية' فيوافق شاهين على الدور، ثم سنوات ويذهب الشناوي لبيت شاهين ويخبره بداية العمل على المسلسل، ليؤكد قبوله دور عمره الذي قبله بشجاعة رغم صعوبته وشر الشخصية الذي يبقى في ذاكرة الجمهور ويقلق أي منثل، ولكن مع الشناوي كل شيء ممكنا ومطمئنا.

وسام لم يكن ضحية أبدا، ففور بلوغ الإنسان هو مسؤول عن تصرفاته وعلاج نفسه من أمراض الماضي حتى لا يصبح مؤذيا، ورغم ذلك في مشهد دخول وسام عربة الترحيلات أصر فينا شاهين بتعبيرات الجسد والوجه ولغة الصمت والنظرات التي اعتمد عليها كريم الشناوي طوال الحلقات ليعبر عن مشاعر مكبوتة مناسبة لكل الخطوط الدرامية بالمسلسل والعلاقات الشائكة والآلام غير المحررة.

شاهين بهذا المسلسل ارتفع لنجومية مختلفة ومستحقة.

أحمد السعدني

ابن الوز عوام لو كان يعمل على نفسه لا على وتر حب الجمهور لأبيه، والحق يقال، الشاب الوسيم صاحب الأفشات وأدوار الكوميديا الخفيفة من مسلسل 'شبر مية' إلى مسلسل'سيب وأنا سيب' اجتهد كعادته كما يحكي دائما أنه يذاكر ويحاول التطور.

كما قلت عن شاهين فالسعدني له أدوار لا تنسى قبل دوره في 'لام شمسية' ففي الأدوار الكوميدية الرومانسية حلقة 'ما تقوليش لحد' من مسلسل 'نمرة اتنين' اخراج يسري نصر الله، كانت غاية في التميز، فيما دوره في مسلسل'أفراح القبة' مع المخرج محمد ياسين، دور غاية في الأهمية، وشخصية شبندي نقلة حقيقية في مشواره الفني.

ثم يمنعنا في دوره بمسلسل 'منورة بأهلها' في عالم الواقعية السحرية لامين راضي، ودوره في فيلم '٢٠٠ جنيه' وبين هذا وذاك دوره في مسلسل 'الكبيرت الاحمر' لعصام الشماع الذي فتح له الباب منذ 'رجل في زمن العولمة' ويفاجئنا السعدني بدوره في مسلسل 'بطلوع الروح' ليثبت أنه مظلوما بمقولة أنه من أبناء العاملين، فهو ممثل بارع يحسب خطواته واختياراته ويحترم عمله ويجتهد بشكل واضح.

دور طارق في 'لام شمسية' يختلف عن الأدوار التي قدمها السعدني في أسلوب التمثيل الذي يعتمد على الانفعالات الداخلية أكثر من الخارجية، خاصة مشاهده في كظم غيظه مع وسام صديق عمره، كما مع كريم الشناوي وتوجيهاته لا يوجد صراخ غير مبرر رغم حجم الغضب لأب مقهور ومخذول ومغدور به.

ولعل التجارب الحياتية وتجربة الأبوة أفادت السعدني كثيرا في هذا الأمر. فكل مشاهده مع الطفل المعجزة علي البيلي، تشعر بأنها حقيقية للغاية، مما ساعد في انتقال مشاعره للمشاهد بسلاسة وإفادة القضية.

في الحقيقة ابن الوز عوام لو كان السعدني.

أمينة خليل

تتمتع أمينة خليل بذكاء واضح، ويشتغل 'كريم الشناوي' حبها للتمثيل بشكل صادق كي يخرج منها أفضل أداء، من مسلسل 'خلي بالك من زيزي، الهرشة السابعة' وحتى مسلسل 'لام شمسية'.

وأمينة خليل التي عاشت فترة خارج مصر تناسبها أدوار معينة ولا تناسبها أخرى، كأي فنانة، فمثلا دورها في فيلم 'شقو' لم يكن موفقا على الإطلاق، ليأتي دور نيللي في 'لام شمسية' ليجعلها تستعيد مكانة تستحقها مع اجتهادعا بين صف فنانات الصف الأول.

دور شديد الصعوبة به تحديات مثل دور زيزي وربما أكثر، ويحسب لكريم الشناوي نجاح أمينة خليل في هذه الأعمال.

علي البيلي أو الطفل المعجزة

ابن الاسكندرية الطفل المعجزة علي البيلي كان من أبطال العمل بشكل لا يقبل الشك، وربما لا يختلف معي أحد أن كريم الشناوي بارع جدا في إدارة ممثلينن الاطفال بكل عمل، ولكن هذه المرة حالفه حظ كبير مع طفل موهوب ومعجزة بتدخل إلهي بحت.

طفل يجيد الأداء التمثيلي أكثر من ممثلين كثر ينشغلون بتطويع الترند لهم باللجان.

ولكن في رأيي مشهد شهادته بالمحكمة الوحيد الذي لم يكن موفق، فهو مشهد صعب للغاية على طفل في سنه حتى لو كان حوله أطباء نفسيين لحمايته وتوعيته، وكان صعبا علي كمتفرجة ورأيت أن الاستغناء عنه أفضل خاصة بعدما حكى والده ملابسات وقائع التحرش به.

ولم افهم لم تمت الاستعانة به في الجلسة التالية من طلب شهادته!؟ فوجوده لم يكن مبررا.

لا يوجد متسع بمقال واحد للتحدث عن عظمة صفاء الطوخي ويسرا اللوزي والفنانة الشابة ياسمينا الغبد، واستخدام الالوان والإضاءة وجمال الكادرات وأهمية زوايا التصوير كي تخدم تفاصيل كل مشهد وشخصية، ولكن اريد شكر صناع العمل جميعا عن مسلسل سيعيش سنوات وسنوات خدم الفن والمجتمع على حد سواء.