أحمد ديري غادر قبل الهجوم بدقائق.. تفاصيل حصرية عن الغارة على جماعة الشباب ومصير مهاد كاراتي

مقديشو (أخبار الآن)

حصري: تفاصيل الغارة الجوية التي استهدفت اجتماع قادة جماعة الشباب

حصلت 'أخبار الآن' على معلومات حصرية من مصادر أمنية وعسكرية في الصومال، حول تفاصيل الغارة الجوية التي استهدفت اجتماعًا لقيادات جماعة الشباب الصومالية المصنفة إرهابية، برئاسة أحمد ديري الشهير بـ'أبو عبيدة'.

استهدفت الغارة منزلًا اجتمع فيه قادة الجماعة برئاسة أبو عبيدة، بالقرب من مدينة سبلالي (Sablaale)، حاضرة المقاطعة التي تحمل الاسم نفسه، وتتبع محافظة شبيلي السفلي (Lower Shabelle)، في ولاية جنوب الغرب.

وفي تصريحات حصرية لـ'أخبار الآن'، قال محمد إبراهيم بري، محافظ شبيلي السفلي، إنّ 'الغارة وقعت مساء الإثنين الماضي، الأول من أبريل/نيسان 2024، وأسفرت عن سقوط العديد من قادة جماعة الشباب بين قتيل وجريح'.

ضربة استباقية

جاءت الغارة قبيل أيام من سفر الرئيس حسن شيخ محمود إلى مدينة دوسمريب (Dhuusamareeb) عاصمة ولاية غلمدع، التي تشهد عملية تجميع للقوات الفيدرالية ومسلحي العشائر المعروفين بـ(Macawisley) وقوات أهل السنّة والجماعة (ASWJ) الصوفية المعروفين بـ'الدراويش'، استعدادًا لإطلاق عمليات عسكرية واسعة ضد الجماعة في الولاية.

وبحسب موقع 'Caasimada' استهدفت الغارة اجتماع قادة الحركة الذين كانوا يبحثون شنّ هجوم استباقي ضد القوات الحكومية وحلفائها المتجمعين في منطقة جلب-مركا (Jilib-Marka) في محافظة شبيلي السفلي.

الرئيس الصومالي حسن شيخ

وعُقد الاجتماع في منزل مملوك لوالي جماعة الشباب في شبيلي السفلى، عبد الصمد أبو عبد الرحمن، والذي تضاربت الأنباء حول مقتله في الغارة.

ونفى ضابط في الشرطة العسكرية الصومالية، يعمل في محافظة شبيلي السفلى، الأنباء التي تحدثت عن مقتل أبو عبد الرحمن، وذلك في تصريحات خاصة لـ'أخبار الآن'.

وقال الضابط القريب من موقع الغارة، إنّ 'الهجوم الذي استهدف اجتماع قادة الشباب تكون من غارتين جويتين، نفذتهما قوات دولية حليفة للحكومة الصومالية، واستهدفت الغارة الأولى المنزل حيث عُقد الاجتماع، والثانية أصابت مستودع أسلحة'.

وذكر أنّ أمير الجماعة أحمد ديري (Ahmad Diriye) غادر المنزل قبل دقائق من الغارة الجوية. ولم يتضح بعد إن كانت نجاة ديري محض صدفة أم أنّ هناك أسباب أخرى، حيث طالما تبادلت قيادات داخل الجماعة الاتهامات بالتعاون مع القوات الدولية في الصومال، والتورط في تسهيل استهداف وتصفية الخصوم داخل الجماعة.

وتباينت الأرقام حول حصيلة ضحايا الغارة الجوية، فذكر ضابط الشرطة العسكرية لـ'أخبار الآن'، أنّ حصيلة الضحايا هي 'مقتل 13 عضوًا على الأقل، وسقوط عدد من المصابين من بينهم مهاد كاراتي وحسين فيدو والشيخ أبو أكرم'.

وقال إنّ الهجوم 'جزء من خطة الحكومة لتكثيف العمليات ضدّ جماعة الشباب بعد الانتهاء من تمرير الفصول الأولى من الدستور'. ونفى الأنباء التي تحدثت عن مقتل والي جماعة الشباب في شبيلي السفلى، وكذا أبو بكر علي آدن (Abukar Ali Adan) الذي يشغل منصب أحد نواب أمير الجماعة.

القيادي في جماعة الشباب حسين علي فيدو

إصابة كاراتي والأفغاني

من جانبه، قال محافظ شبيلي السفلى لـ'أخبار الآن'، إنّ من بين القتلى المحتملين والي الجماعة في شبيلي السفلى ونائب أمير الجماعة أبو أكرم وقياديين آخرين'.

جدير بالذكر أنّ هناك اختلافات بين طريقة كتابة ونطق أسماء العديد من قيادات الجماعة، بين ما تقوله الأخيرة وما يقوله المسؤولون الحكوميون، ولهذا فعلى ما يبدو فالمقصود بـ'أبو أكرم' هو أبو بكر علي آدن.

وذكر موقع 'غروي أونلاين' استناداً إلى مصادر محلية، أنّ حصيلة الضحايا هي مقتل نحو 20 من الجماعة، من بينهم 6 من القادة، وإصابة عدد أكبر.

نائب أمير جماعة الشباب

ومن بين المصابين النائب الأقدم لأمير الجماعة ديري، وهو أبو عبد الرحمن مهاد ورسمي (Abdirahman Mahad Warsame) الشهير بـ'مهاد كاراتي' الذي يشغل منصب نائب أمير الجماعة منذ العام 2011، وعينه الأمير السابق أحمد عبدي غوداني (Ahmed Abdi Godane) الشهير بـ'مختار الزبير' والذي قُتل في غارة جوية لقوات دولية حليفة للصومال في العام 2014.

ويعتبر كاراتي من أبرز قادة الجماعة، وتولي رئاسة جهاز استخبارات الجماعة 'أمنيات' منذ ما قبل العام 2011، واشتهر بدوره في تصفية العديد من قادة الجماعة من معارضي الأمير الراحل، أثناء الصراع الداخلي الكبير بين الأعوام 2011-2013 والذي انتهى بمقتل معارضي الأمير الراحل غوداني.

وقام جهاز أمنيات بأوامر من كاراتي بقتل إبراهيم الأفغاني (Ibrahim Al Afghani) وعمر حمامي المعروف بأبو منصور الأمريكي (Omar Hammami) ومعلم برهان (Moallin Burhan)، كما تسببت تلك الأزمة في انشقاق نائب أمير الجماعة السابق مختار روبو الذي يشغل منصب وزير الأوقاف في الحكومة الفيدرالية منذ أغسطس/آب 2022.

ووضعت الولايات المتحدة مكافأة قدرها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى القبض على مهاد كاراتي، المُتهم بالتخطيط والإشراف على عمليات جماعة الشباب التي أوقعت آلاف القتلى والجرحى في داخل وخارج الصومال.

بالإضافة إلى كاراتي، أُصيب النائب الثاني أبو بكر علي آدن أو (أبو أكرم)، والذي عُين لاحقًا بعد تنصيب الأمير الحالي أحمد ديري، ويُعرف باسم 'إبراهيم الأفغاني' وهو غير الأفغاني الأكبر الذي قُتل في صراع الحركة السابق ذكره.

كما ذكرت عدة مصادر صحفية صومالية، إصابة القيادي شيخ حسين علي فيدو (Sheikh Hussein Ali Fidow) الذي يشغل منصب أمير الولايات ورئيس السياسة في الجماعة، والمسؤول عن إدارة العلاقات مع شيوخ العشائر في مناطق سيطرة الجماعة، ويقوم بمهام تشبه وزارة الشؤون الداخلية.

تصريحات محافظ شبيلي

قال محمد إبراهيم بري، محافظ شبيلي السفلى، التي وقعت فيها الغارة، والتي ستشهد انطلاق عمليات عسكرية واسعة بعد عيد الفطر المقبل، إنّ هذه العملية 'ستؤثر بشكل كبير في الحرب الجارية في المحافظة ضد جماعة الشباب، فقد قتل فيها قادة الجماعة الذين كانوا يشعلون المنطقة بالفوضى، ومنهم أحد نواب الشيطان الأكبر'.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ'أخبار الآن' أن هذه العملية 'ستخلق اضطرابًا واسعًا بين عناصر الجماعة، الذين قاموا بفرض حظر تجوال على مدينة سبلالى بعد وقوع العملية. وأضاف أنه من المتوقع عندما تكتمل الصورة أن يتم الكشف عن تقرير العملية بشكل علني'.

وذكر المحافظ أن 'جماعة الشباب تسيطر الآن على مقاطعتين فقط في محافظة شبيلي السفلى، وهما كونتوارى (Kurtunwarrey) وسبلالي التي وقعت فيها الغارة'. وكشف لـ'أخبار الآن' أنّ التحضيرات جارية لانطلاق 'عملية عسكرية شاملة من حدود المحافظة مع مقديشو لتحرير كافة البلدات والقرى الساحلية في المحافظة'.

وأكد المحافظ أن القوات الحكومية 'ستتجه بعد تحرير المناطق الساحلية إلى البلدات الواقعة بالقرب من نهر شبيلى (Shebelle River)، لتطهير المنطقة من ميليشيا الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، ثم التوجه نحو المناطق كثيفة الأشجار، والتي تتخذها الجماعة وكرًا لتخزين الأسلحة وممارسة أنشطتها بعيدًا عن رصد الطائرات المسيرة'.

وتواصلت 'أخبار الآن' مع وزارة الإعلام الصومالية والمتحدث باسم وزارة الدفاع طلبًا للتعليق، ولم تحصل على ردّ من تلك الجهات، بينما لم تنشر وكالة الأنباء الصومالية (SONNA) بعد حول نتائج تلك الغارة.

وتقع محافظة شبيلي السفلى بجوار محافظة جوبا الوسطى التي تسيطر عليها جماعة الشباب بالكامل، التي تتخذ من عاصمتها مدينة جلب (Jilib) مركزًا للقيادات العليا، ويعيش فيها أمير الجماعة أحمد ديري، كما أنها من أهم مخازن السلاح والذخيرة للحركة، وتقع جوبا الوسطى في ولاية جوبالاند التي تعتبر من أهم معاقل جماعة الشباب.

جدير بالذكر أنّ القوات الفيدرالية بمعاونة المقاتلين المحليين وقوات الولايات وقوات دولية حليفة نجحت في تحرير نحو 70 بلدة وقرية ومدينة في ولايتي غلمدغ وهرشبيلي منذ انطلاق المرحلة الأولى من الحرب الحاسمة ضد جماعة الشباب المصنفة إرهابيةً، بين آب/أغسطس 2022 – يونيو/حزيران 2023.

عقب ذلك توقفت العمليات العسكرية مع انشغال حكومة الرئيس حسن شيخ محمود بتمرير التعديلات الدستورية المثيرة للجدل، والتي مُررت عبر البرلمان مطلع شهر أبريل/نيسان الجاري. ومع توقف العمليات العسكرية نجحت جماعة الشباب في استرداد معظم المناطق التي سبق وحررتها الحكومة الفيدرالية.

ومن المتوقع أنّ تُطلق الحكومة بعد عيد الفطر المقبل عمليات عسكرية واسعة في ولاية غلمدغ وسيسافر الرئيس حسن شيخ محمود إلى مدينة دوسمريب عاصمة الولاية لقيادة وتنظيم العمليات العسكرية.