اخبار الصومال
موقع كل يوم -سي ان ان عربي
نشر بتاريخ: ٢ كانون الأول ٢٠٢٥
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لعقود طويلة، ارتبط اسم الصومال بالصراعات، والقرصنة، والمخاطر الأمنية. فمنذ اندلاع الحرب الأهلية في فترة التسعينيات، استقبلت البلاد عددًا قليلًا من الزوّار الغربيين. لكنّها تشهد اليوم زيادة ملحوظة وغير متوقعة في أعداد السيّاح الأجانب.
رغم تحذيرات غالبية الحكومات الغربية من السفر إلى الصومال، فقد زار البلاد نحو 10 آلاف سائح في عام 2024، وفقًا لإحصاءات دائرة السياحة، مُسجّلين زيادة قدرها 50٪ عن العام السابق.
وقال جيمس ويلكوكس، مؤسس شركة الرحلات الاستكشافية 'Untamed Borders'، لـ CNN، إن طلب السفر إلى الصومال يتزايد بسرعة.
وأضاف أن شركته نظّمت هذا العام 13 رحلة إلى العاصمة مقديشو، مقارنة برحلتين فقط في عام 2023.
أطلقت الصومال بتاريخ 1 سبتمبر/ أيلول 2025، نظام التأشيرة الإلكترونية الجديد بهدف تبسيط إجراءات الدخول وزيادة أعداد الزوار.
لكن، رفضت صوماليلاند وبونتلاند الاعتراف بالتأشيرات الجديدة، وهو ما يكشف محدودية السلطة المركزية في الصومال.
قالت كارين سيننغر، وهي مسافرة سويسرية زارت الصومال في عام 2020، لـCNN: 'مقديشو مدينة خطرة.. تشعر بذلك فور وصولك. يجب أن تنام ضمن محيط آمن أو ما يُعرف بـ'المنطقة الخضراء'.. وحتى هناك، كانت توجد تفجيرات'.
وأوضحت أنه عند مغادرة المنطقة، يجب التنقّل في قوافل مُسلّحة بحماية الشرطة والجيش.
وأضافت: 'مع ذلك، كان السير على الشاطئ يبدو آمنًا'.
تهديدات بالخطف
تُعرف الصومال بكونها واحدة من أخطر الوجهات السياحية في العالم.
وتُحذّر وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية من 'ارتفاع خطر التعرّض للخطف'. وتُصنّف وزارة الخارجية الأمريكية الصومال ضمن 'المستوى 4: لا تسافر'، مشيرة إلى 'الجرائم، والأعمال الإرهابية، والاضطرابات المدنية، والمخاطر الصحية، والخطف، والقرصنة، ونقص الخدمات القنصلية الروتينية'.
هذه التحذيرات ليست مجرّد نظريات. ولا يزال مسلّحو حركة الشباب يواصلون عملياتهم في أنحاء الصومال، بما في ذلك مقديشو، حيث نفذّت الجماعة عدّة هجمات في أوائل عام 2025.
ما سبب رغبة أي شخص في السفر إلى هناك؟
كانت الرحلة بالنسبة لكارين سيننغر جزءًا من تحدٍ شخصي يهدف إلى استكشاف جميع الدول الـ193 المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
ويحاول أيضًا العديد من عملاء شركة الرحلات الاستكشافية 'Untamed Borders'، استكشاف العالم أو خوض مغامرات محفوفة بالمخاطر.
وقال ويلكوكس: 'مقديشو هي أخطر وجهة نعمل فيها، وخطر الهجمات حقيقي، وجميع الأماكن المحدودة للضيوف الدوليين تُمثّل أهدافًا محتملة'.
مع ذلك، انخفضت حدّة القتال العنيف في الصومال، ما دفع بيتر بولوك، وهو مهندس صرف صحي متقاعد من المملكة المتحدة، إلى زيارة البلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 من خلال رحلات 'Untamed Borders' ضمن مهمة استكشاف جميع الدول الإفريقية الـ52.
تجربة ممتعة
رافق بولوك حرّاس مُسلّحون أثناء تجوله في سوق الأسماك، والواجهة البحرية، والكاتدرائية المُدمّرة في المدينة.
وأوضح لـ CNN: 'أعترف، كانت تجربة السفر مختلفة تمامًا عن التجارب التي خضتها سابقًا.. ورغم أنني أحبّ السفر إلى وجهات محفوفة بالمخاطر، إلّا أنني لم أشعر بعدم الأمان أبدًا'.
وتظلّ التحديات الإنسانية في الصومال قائمة بشكل كبير. بحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، حيث أدت الصراعات، والتوترات السياسية، والكوارث المناخية إلى نزوح أكثر من 550 ألف شخص خلال عام 2024، مع وجود نحو 3 ملايين مشرّد بالفعل داخل البلاد.
رغم تراجع عمليات القرصنة، إلا أنها ما زالت تُشكّل تهديدًا في خليج عدن والمحيط الهندي.
وقال ويلكوكس: 'بعض مناطق الصومال شديدة الخطورة، وهناك أماكن سيكون من الغباء الشديد أن يزورها أي شخص أجنبي'.
في الشمال الغربي، تقدم جمهورية صوماليلاند، التي تعمل بشكل مستقلّ منذ عام 1991، تجربة مختلفة تمامًا، فهي لديها قوات مُسلّحة خاصة، وحكومة منتخبة ديمقراطيًا، وعملة مستقلّة. وتُعتبر منذ فترة طويلة الطريقة الأكثر أمانًا لزيارة منطقة الصومال الكبرى.
وقالت المرشدة السياحية في صوماليلاند، ديكي حسن عبدي: 'هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة حول صوماليلاند، لأن البعض يخلط بينها وبين الصومال'.
وأوضحت: 'يعتقد البعض أن المكان غير آمن، وهذا غير صحيح.. لذلك، تُعدّ السياحة وسيلة رائعة للمساعدة في التمييز بين المكانين'.
وبحسب المرشدة السياحية، تضم صوماليلاند معالم فريدة مثل الرسوم الصخرية القديمة، والقرى البدوية التقليدية، والشواطئ البكر.
وقالت عبدي: 'أحب اصطحاب الزوّار إلى سوق وسط المدينة الشعبي في هرجيسا، لتعريفهم على السُكّان المحليين وسمة الترحيب التي يتمتعون بها، ومدى أمان التجول في المدينة من دون الحاجة إلى حارس شخصي'.
ليست لأصحاب القلوب الضعيفة
خارج هرجيسا، عاصمة صوماليلاند، يحتاج السيّاح إلى مرافقة الشرطة المُسلّحة. وغالبًا ما تُدرَج 'حدود' المنطقة مع الصومال كمناطق ممنوعة من قبل الحكومات الغربية.
لكن يعتبر ديلان هاريس، مؤسس شركة Lupine Travel'' التي تعمل في المنطقة منذ عام 2013، أن صوماليلاند خيار أكثر أمانًا من الصومال.
وقال: 'أهم ما يميز صوماليلاند هو الرسوم الكهفية التي تعود إلى 5 آلاف عام في لاس غيل.. ويُثير اهتمام الزوّار أيضًا وجود السفن المهجورة في مدينة بربرة القديمة'.
من جانبها، أوضحت كلير ماكين، التي زارت المنطقتين مع 'Untamed Borders': 'ستظهر صوماليلاند على خريطة السياحة قبل الصومال بفترة طويلة'.
وفي مقديشو، شعرت ماكين بأن القيود الأمنية منعتها من التحدث مع السُكّان المحليّين، بينما تمتع الناس في صوماليلاند بسمة الترحيب بشكل كبير، إذ قالت: 'لم يُصدّقوا أننا اخترنا زيارة بلدهم'.
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، تُنظّم شركتا 'Untamed Borders' و'Lupine Travel' رحلات إلى مقديشو بالتزامن مع قمة 'Most Traveled People' في إثيوبيا. ويمكن أن تستقطب رحلة قصيرة إلى الصومال العديد من المشاركين.
لكن، من المرجح أن تظلّ الصومال وجهة سياحية محدودة، إذ يقتصر نظام التأشيرة الإلكترونية الجديد على مقديشو فحسب، بينما رفضت صوماليلاند وبونتلاند تطبيقه، بحيث تُحافظ كل منطقة على مُتطلّبات دخول خاصة بها.
مع ذلك، نجح ضيوف ويلكوكس الأوائل في استخدام التأشيرة الإلكترونية، بحسب قوله، مؤكّدًا أن إطلاقها يُمثّل خطوة مهمة لصناعة السياحة الناشئة في البلاد.
وأضاف: 'لقد شاهدت على مرّ السنوات تطبيق العديد من أنظمة التأشيرة الإلكترونية في دول مثل باكستان وطاجيكستان حيث نعمل. وحتى الآن، أستطيع القول إن النظام الصومالي هو الأنجح، ولم يقم أحد بتنفيذ ذلك بشكل أفضل'.

















