اخبار قطر
موقع كل يوم -العرب القطرية
نشر بتاريخ: ٢٨ أذار ٢٠٢٣
بيوت من طين ولا كهرماء.. وصيام في درجة حرارة تتجاوز الـ 40
الجلود كانت تتقشر من الحر والجفاف.. ونرش المياه على أجسامنا للتبريد
كنا نساعد الأم في الأعمال المنزلية وإعداد مائدة الأفطار
«قربة جلد الماعز» مصدر الماء البارد الوحيد في تلك الحقبة
تخيل أنك صائم في درجة حرارة تتجاوز الـ 40.. وتسكن بيتاً من طين.. لا كهرباء ولا ماء. ويبدأ يومك منذ صلاة الفجر وحتى الافطار دون انقطاع أو قيلولة.. هكذا كانت حياة الأجداد في مختلف مناطق قطر، والتي يرويها لنا الوالد عبيد مطلب عقيل الشمري «76 عاماً « اطال الله عمره. والذي بدأ اول صيام له في رمضان في سن الحادية عشرة في بيت من طين وبدون كهرباء، والماء كان محدودا جداً حيث يتوفر في المنزل فقط مياه الزير التي يحتاج إلى إعادة ملئه يومياً ولا يكفي للاستخدامات الأخرى غير الشرب. تفاصيل اليوم ويقول الوالد الشمري: اليوم الرمضاني كان يبدأ قبيل صلاة الفجر حيث يأتي المسحراتي بطبلته ذات الصوت المألوف ونداءاته التي تمتزج بالذكر والمناداة على الناس ليقوموا على السحور، فتجتمع العائلة على مائدة السحور التي تتكون من صنفين أو ثلاثة اما ثريد أو هريس ولا تخلو من التمر طبعا، أما الخضروات والفواكه فكانت نادرة جداً نظراً لظروف تلك الحقبة من نقل وشحن لمواد غذائية زراعية مستوردة.
وأضاف: بعد السحور ننتقل إلى المسجد لأداء فريضة الفجر. ومن ثم نستمع إلى الدرس الديني الذي يعقب الصلاة أو نعود إلى المنزل فلا ننام ونبقى مستيقظين بين قراءة القرآن ومساعدة الأم في الأعمال المنزلية، وكانت الفترة ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر فترة طويلة جداً نحسبها بالثواني نظراً لعدم وجود ما نقوم به خلال تلك الفترة ولاشتداد حرارة الشمس وغياب وسائل التبريد، فكنا نأخذ من ماء الزير المخصص للشرب ونرش به اجسادنا لنبرد على انفسنا، وكانت وسيلة تبريد المياه الوحيدة هي قرب الماء المصنوعة من جلد الماعز والتي تصنعها الأمهات يدويا في المنازل، وكان ذلك نوعا من صناعة الجلود التي تغيب عن عصرنا الحالي رغم التطور الذي نشهده.
وتابع: كنا عندما ندخل منزل تصله الكهرباء ويوجد به مروحة للتبريد نجتمع حولها لندرة وجودها ولكونها من اهم وسائل التبريد في ذلك الزمان. ومن النوادر التي نراها. تأثير حرارة الجو وأكد الوالد الشمري أن الجلود تتقشر من شدة الحر في شهر رمضان المبارك فتزال الطبقة الخارجية من الجلد وتظهر الطبقة التي تليها من الحر والجفاف حيث نكون صائمين وكثيري الحركة ولا سوائل تدخل اجسامنا طيلة النهار وفي تلك الظروف القاسية، فكانت حالات الاعياء كثيرة في تلك الفترة خصوصاً في النهار، فجميع السوائل التي نشربها في الليل يستهلكها الجسم في فترة الضحى وما تبقى من اليوم يعيشه المرء مجاهداً نفسه لإتمام يوم الصيام. حتى نصل إلى موعد الإفطار الذي يشبه نوعاً ما السحور، فالطبق الرئيسي يكون إما الأرز واللحم أو الدجاج وطبق هريس وتمر ولبن ومياه. وتغيب عن مائدة الإفطار قبل سبعين عاماً من الآن العديد من الأصناف المتوفرة اليوم مثل الخضروات والفواكه والحلويات وغيرها، وكانت الموائد تعد بمشاركة الأسرة فلم يكن يوجد عاملات منزليات كما هو الحال الآن، فنساعد الأم وأهل البيت في اعداد مائدة الإفطار ونعد الدلال والقهوة وغيرها.
وأخيرا.. عرفنا المكيف وبعد تلك الحقبة التي كانت تخلو من أي وسائل للراحة او تخفيف ظروف الطقس القاسية قال الوالد الشمري: بدأت الحياة تتغير منذ سبعينيات القرن الماضي حيث دخلت الكهرباء إلى المنازل وبدأت المنازل بتركيب أجهزة التكييف، فاصبح يوم الصيام اخف بكثير مما كان عليه، فعلى الأقل اصبحنا نستطيع ان نجلس في البيت في النهار دون حركة، ففي السابق كان الجلوس في المنزل مستحيلاً لشدة الحر والرطوبة، فنمضي الوقت بالحركة ورش المياه على اجسادنا للتبريد.
واردف الشمري: منذ دخول الكهرباء وأجهزة التكييف إلى المنازل أصبحت الحياة تتطور تدريجياً حتى وصلنا إلى عصرنا هذا الذي لا نبذل به جهداً ابداً والخيرات كثيرة وموائد الإفطار والسحور مليئة بالخيرات. بين الحاضر والماضي ويقارن الشمري بين الحاضر والماضي فيقول زمان كانت الأمور بسيطة، فكانت الحياة تتميز ببساطتها، والمجالس كانت مدارس للأجيال الجديدة، وكانت هناك عادات كثيرة لا نراها في زماننا الحاضر،
فالحياة داخل المجلس تغيرت كثيراً، يتحكم فيها الجوال والسوشيال ميديا، فمن النادر جداً أن تجد الشباب يجلسون في المجلس للاستماع والتحاور والتشاور مع الكبار، ولكنهم في الغالب يجلسون ليتصفحوا الهاتف المحمول ويتحدثون ويتراسلون فيما بينهم. عادات قديمة وبشأن ما يتعلق بالعادات القديمة التي مازال يتمتع بها المجتمع القطري حتى الآن في رمضان قال الوالد الشمري: هناك بعض العادات الإيجابية التي توارثناها ممن سبقونا ومازالت موجودة حتى الآن، ومن بين تلك العادات عادة الفطور الذي يقوم كل منزل بتوزيعه على الجيران، ولكن العادة تطورت بشكل ما، فأصبح كل منزل يتفنن في هذه العادة بطريقة مختلفة، فهناك من يقدم الطبق منقوشاً عليه اسم الشخص أو بنته وهكذا، ولكنها عادة مازالت باقية وإن تغيرت ملامحها للأحدث. وأضاف هناك أيضًا عادة اجتماعية مميزة وهي القرنقعوه، ورغم تغيرها أيضًا إلا أنها من أبرز وأشهر تلك العادات التي توارثناها من أجدادنا وورثناها لأبنائنا، فقديما كانت الأم تعطي أبناءها قطعا من القماش بعد أن تخيطها بشكل مناسب، ويأخذ كل طفل قطعته ويذهب كل طفل ليجمع فيها الحلوى من كل مكان.
وحول تطور العادة نفسها.. أكد الشمري أن العادة تطورت بشكل كبير، فأصبح القرانقعوه يشهد بذخاً واضحاً، ويتكلف الاحتفال به مبالغ طائلة، وكل أسرة تتفنن في هذه الليلة بشكل مبالغ فيه، فيقومون بتفصيل الملابس الخاصة بهذه الليلة، وهناك من يتزينون بالذهب أيضًا، وكل هذه المظاهر المستحدثة غيرت من شكل الاحتفال الذي كانت متعته قديماً في بساطته.
