اخبار قطر
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
تعدّ مشاريع التقاط الكربون وتخزينه حجر زاوية في سياسات الدول التي تستهدف الحياد المناخي
تؤكد الخطوات التي تتخذها دول الخليج مساعيها الجادة إلى ترسيخ مكانتها بصفتها شريكاً فاعلاً في الجهود العالمية لمكافحة تغيّر المناخ، عبر إطلاق مشاريع استراتيجية تهدف إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتنقية الأجواء.
الدول الخليجية تتجه اليوم نحو تبنّي حلول مبتكرة تجمع بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية، وفي هذا السياق، برزت تقنيات التقاط الكربون وتخزينه من بين أبرز محاور العمل المناخي الخليجي.
باتت هذه التقنيات تمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق التوازن بين مواصلة الإنتاج الصناعي وبين حماية البيئة.
تأتي هذه الجهود في ظل تزايد الضغوط الدولية على الاقتصادات النفطية لتقليص بصمتها الكربونية، ما جعل دول الخليج تتحرك بخُطا مدروسة لتأمين مستقبل منخفض الانبعاثات دون المساس بعجلة النمو.
وتعتمد هذه السياسات على استثمارات ضخمة، وشراكات مع مؤسسات بحثية وتقنية عالمية. ورغم أن الطريق ما يزال طويلاً أمام تحقيق الحياد الصفري، فإن ما يجري في الخليج اليوم يعكس تحولاً نوعياً في الوعي البيئي والاقتصادي.
التقاط الكربون يعني عمليّة استخلاص ثاني أكسيد الكربون (CO₂) من مصادره، قبل أن يُطلق إلى الغلاف الجوي.
تُنفَّذ هذه العملية غالباً في مصانع الطاقة أو المصانع الثقيلة التي تولّد انبعاثات مرتفعة.
تستخدم فيها تكنولوجيات مثل الامتصاص الكيميائي أو التنقية الفيزيائية.
بعد التقاط CO₂، تأتي مرحلة التخزين أو الاستخدام:
- يُخزّن الغاز الملتقط في طبقات جيولوجية تحت الأرض.
-أو يُحول إلى منتجات صناعية مثل الصناعات الغذائية والطبية والزراعية.
الفائدة من هذه التقنيات مزدوجة:
- تقليل كمية الغازات الدفيئة المُنطلقة إلى الجو، مما يساهم في مكافحة ظاهرة الاحترار العالمي.
- خلق قيمة اقتصادية من نفايات الكربون عبر إعادة توظيفها، ما يدعم مفهوم الاقتصاد الدائري.
من هذا المنطلق يُنظر إلى مشاريع التقاط الكربون وتخزينه على أنها حجر زاوية في سياسات الدول التي تستهدف الحياد المناخي، ولا سيما تلك التي لديها قطاعات كثيفة الانبعاثات؛ مثل دول الخليج التي تعدّ مصدراً رئيساً لإنتاج الطاقة التقليدية في العالم.
أحدث وأهم المشارع التي دشنت بدول الخليج في مجال التقاط الكربون وتخزينه شهدته إمارة الشارقة، في 22 أكتوبر 2025، بافتتاح منشأة جالف كرايو الأولى من نوعها في الدولة لالتقاط الكربون واستخدامه، والمخصّصة لإنتاج ثاني أكسيد الكربون عالي النقاء من انبعاثات الشركة.
جاء هذا المشروع بهدف تطوير تقنيات مبتكرة لتقليل الانبعاثات وتعزيز كفاءة العمليات الصناعية، تماشياً مع توجهات الإمارات نحو الحياد المناخي بحلول 2050.
تتولى المنشأة إنتاج ثاني أكسيد الكربون بنسبة نقاء 99.99%، وتلتقط نحو 17 ألف طن متري من الانبعاثات السنوية من مصانع سيراميك رأس الخيمة باستخدام نظام تنقية موفّر للطاقة.
وفي دولة قطر أعلنت 'قطر للطاقة'، في مارس 2025، تلقيها عروضاً من مقاولين لإنشاء مشروع ضخم لمجمع عزل ثاني أكسيد الكربون في مدينة رأس لفان الصناعية.
تفيد التوقعات أن يلتقط المشروع 4.3 ملايين طن سنوياً من ثاني أكسيد الكربون من إنتاج الغاز الطبيعي المسال.
ومن أبرز مشاريع دولة الكويت في هذا الشأن كان إعلان شركة نفط الكويت، في فبراير 2025، أنها وضعت خطة طموحة لالتقاط وتخزين الكربون، تستهدف التقاط 26 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول 2050.
وتتوزع الخطة على ثلاث مراحل تشمل: 3.22 ملايين طن بحلول 2030، ثم 10 ملايين طن بحلول 2040، وصولاً إلى 26 مليون طن بحلول 2050.
من جهتها وقعت سلطنة عُمان في نوفمبر 2023، عبر وزارة الطاقة والمعادن، مذكرة تعاون في مجال التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه، مع تطوير الهيدروجين الأزرق مع شركة أوكسيدنتال الأمريكية.
وفي نوفمبر 2022، أعلنت وزارة الطاقة السعودية إنشاء أكبر مركز لالتقاط الكربون وتخزينه في الشرق الأوسط، يبدأ تشغيله عام 2027.
يهدف المشروع لاستخلاص 44 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول عام 2035، المرحلة الأولى منه تستهدف التقاط وتخزين 9 ملايين طن متري سنوياً.
يقول الخبير البيئي أحمد حسن، إن ما تشهده دول الخليج اليوم من توسّع في مشاريع التقاط الكربون وتخزينه يمثل 'تحولاً عميقاً في فلسفة التنمية'، لافتاً إلى أن البيئة باتت اليوم تمثل جزءاً من الحل الاقتصادي نفسه.
ويضيف أن هذه المشاريع لا تعني فقط تقليل الانبعاثات أو تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي، بل تحمل انعكاسات مباشرة على الإنسان والمجتمع.
وفي حديثه لـ'الخليج أونلاين' أوجز حسن أهمية مشاريع التقاط الكربون وتخزينه بالنسبة لدول الخليج:























