لايف ستايل
موقع كل يوم -في فن
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
في تعاون هام هذا العام بين سينما زاوية بالقاهرة ومهرجان الجونة السينمائي في دورته الثامنة، تعرض سينما زاوية أهم أفلام المهرجان هذا الأسبوع في خطوة ناجحة تتيح لجمهور عريض متابعة أفلام المهرجان.
تم عرض فيلم 'أب، أم، أخت، أخ' Father, mother, sister, brother تأليف وإخراج المخرج الأمريكي الكبير چيم چارموش الذي أقتنص به جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا 2025.
يعد الفيلم عملاً تجريبياً من ثلاثة فصول منفصلة محور كل منهم الأب، الأم ثم الأخوة.
العمل بطولة جماعية لعدد كبير من الممثلين المتميزين بدأً بـ طوم وايتس، آدم درايڤر وميام بياليك يليهم شارلوت رامپلينج، كيت بلانشت وڤيكي كريبس ثم إنديا مور ولوك سابات.
الفيلم يمكن تصنيفه ككوميديا درامية لكن بطراز هادئ تمضي فيه الأحداث ببطء متأن وتركيز على الصمت والحوار الضئيل أكثر من الحبكة الاعتيادية.
قد يتشابه سيناريو كل قصة في مضمون زيارة الأخوات لمنزل الأهل ولكن نري رؤية چارموش المختلفة لسرد تفاصيل طبيعة علاقة الأبناء بالأسرة بشكل مختلف تماماً عن العلاقات الأسرية التقليدية.
تأليف المخرج لأعماله تجعلنا دائماً بصدد تجربه ذاتية فريدة تأخذنا لمنظور مختلف في عالمه الخاص.
يضع چارموش المشاهد في موقع المراقب من الخارج بدلاً من أن يكون جزء من الصراع.
هذا التوجه من جهة يمنح المشاهد نقاءً بصرياً وهدوءً تأملياً ولكن من جهة أخري قد يبعدنا عن التورط العاطفي الكامل مع الشخصيات.
الفيلم يتعامل مع فكرة أن العائلة ليست دائمًا ما نراه من الخارج. صمت، تناقضات، توقعات غير محقّقة، وذكريات قائمة في الحوارات القصيرة أو النظرات المتبادلة.
إنّ عدم الرغبة في إجابات نهائية أو حلول مبسّطة قد يُعتبَر قوة. فهو يعترف بأنّنا لا نعرف، وأنّ العلاقات تظلّ غامضة حتى مع من نعتقد أننا نعرفهم.
لكن من زاوية ثانية، هذا الغموض قد يشعرك بأنّه تجنّب للمسّ العميق وعدم تقديم صدمة درامية أو ذروة واضحة لتحول كبير قد يجعل الفيلم أقرب للمشاهد وأكثر تأثيراً.
جاء التصوير طبيعياً فلا يحتمل السيناريو الكثير من زوايا التصوير المعقدة لكن يؤخذ عليه استخدام الكروما شديدة التواضع في كافة مشاهد قيادة السيارات لدرجة أنك تظن لوهلة أنها مقصودة، لكنها أضعفت جداً من المشاهد ونعتتها بالتصنع الواضح.
كان للديكور دوراً ملموساً ومؤثراً للحكي مثله كمثل أبطال كل حكاية. هذا هو الأب المضطرب الذي تنحي عن دوره تماماً تجاه أبنائه حتى من قبل وفاة والدتهم وأمضي حياته في كوارث عارمة تشبه بيته الذي يقطنه. بيت مهلهل تسكنه الوحدة والخرف وانعدام الرغبة في أدني إصلاح مثله كمثل العفش البالي والفوضى الملقاة في كل مكان. المنزل غير مأهول للسكن ولا فائدة من إصلاحه مهما دامت المحاولات مثله كمثل الأب الذي يأبى أن تتغير حياته مهما حاول أبنائه بإصلاحها أو العمل بصلاحه.
قدم الممثل' توم وايتس' أقوي أداء تمثيلي بالفيلم حيث بث لك الشعور بالنفور منه وبرغم ذلك تجد نفسك متعاطفاً معه ومشفق عليه. أداء هادئ وسلس غير مفتعل خلق حالة شعورية مؤثرة.
ثم نأتي لمنزل الأم التي تعاني من انعدام العاطفة بينها وبين أبنتيها ويغمرهم فتور عارم، بارد وقاصي لأقصي درجة دون حتى معرفة السبب. فليس هناك أوجع من ضمور غريزة الأمومة ونزعها من قلب أم لأبنائها فنجد الأبناء تائهين وغير مدركين لقيمة حياتهم أو غير مكترثين بها كما حال الأختين، كلاهما في طريق متطرف عن الأخرى، يعانيان من بعد وفتور في العاطفة كما الأم. وهنا نجد المنزل بارد، جدرانه صامته رغم جمالها. أثاث مرتب ومنمق لكن يفتقر لكل أنواع الروح والحياة كما حال هذه العائلة.
تجلس الأم وأبنتيها على المائدة يتبادلون الصمت والتوتر بدلاً من الطعام غير مدركين أنهم جميعاً في حالة جوع عاطفي أكبر نهماً من أي جوع آخر.
وفي القصة الأخيرة يجتمع الأخ بأخته ليودعا بيتهما، بيت الأهل بعد وفاتهما في حادث وبرغم ان البيت خاوي وخالي تماماً من العفش لكن جدرانه الصفراء القديمة تبث بك مشاعر الدفء والألفة والحنين لهذا المكان. يغمرهما ضوء الشمس من الشرفة مع ذكرياتهما منذ الطفولة ويتبادلان تذكارات الأهل لنشعر بحب سيدوم حتى بزوال أصحابه. هذا الحب الذي سيقرب الأخ بأخته مدي الحياة.
قدم چارموش رؤيته الخاصة عن العلاقات الإنسانية المعقدة دون تعقيد، لكنه بالطبع وضَح أن الأنسان ليس له مرجعية واضحة في الحب والحياة ولا يوجد فكر المفروض واللازم ونبقي جميعاً أسري فخ التوقعات الاجتماعية لأن حقاً تأتي العائلات منفردة كل أسرة على حِدة.
لو فاتك: الحلقة الثانية من برنامج 'غالب ولا مغلوب' ... المنافسة دخلت مراحل مهمة ومفاجآت في النتايج ♂️




























