الاكتفاء بالنفس​: ما معناه وكيف نكون مكتفيات ذاتيًا؟

نعيش مجتمعاً يحترف تمثيل دور الضحية، وتبقى جملة 'لقد أعطيت كثيراً لكنِّي لم أنل نتيجة ما قدَّمت' هي الأكثر استخداماً في مجتمعنا.

الاكتفاء النفسي هو القدرة على أن تجد السلام والرضا داخل نفسك دون الاعتماد الكامل على تأييد أو تقدير الآخرين. إنه مفهوم يتجاوز المصطلحات النفسية التقليدية ليصل إلى جوهر تحقيق التوازن الداخلي. وقد يهمكِ معرفة كيف تحققين الاكتفاء الذاتي العاطفي؟

ما معنى الاكتفاء الذاتي؟

الاكتفاء الذاتي من صفات الإنسان الناجح لأنه يعبر عن عدم حاجة الفرد العاطفية إلى أي شخص آخر، بل يشعر بالرضا عن نفسه وعن حياته ولا يحتاج إلى أي دعم عاطفي خارجي، ويطلق عليه اسم الاستقلالية العاطفية، ولا يشترط أن يعيش الإنسان وحيدًا للوصول إلى هذا النوع من الاكتفاء. كما يحقق هذا الفرد أيضًا الاستقلال في تلبية الحاجات الجسدية والنفسية.

من هو الشخص المكتفي ذاتيًا؟

يتميز الإنسان المستقل ذاتيًا بعدد من الصفات التي تميزه عن غيره ومنها:

الثقة بالنفس

يؤمن هذا الشخص بإمكانيته الكبرى في الاعتماد على نفسه ويؤمن بأن قدراته ومهاراته لا تحتاج إلى الآخرين لاستكمالها، كما يتحدى الصعاب ويواجهها دون خوف، ودائمًا ما يتخذ قراراته بنفسه.

تقدير الذات

يشعر بالاحترام والتقدير تجاه نفسه قبل الآخرين، ولا يقارن نفسه بهم بل لا يهتم بما وصلوا إليه فهو لا يرى سوى نفسه وإنجازاته، والمنافس الأول له هو ذاته.

يتقبل كافة عيوبه ويعمل على إصلاح الممكن منها، ولا يمكن أن يقع ضحية للتنمر.

الوعي

يعرف جيدًا احتياجاته ويقدمها بالشكل اللائق والسليم لنفسه، ويعرف ما يريده من الحياة.

يعامل الآخرين بوعي شديد ويضع حدودًا بينه وبينهم في المعاملات.

التحكم في المشاعر يدير مشاعره بأسلوب صحي فلا يكبتها أو يطلق لها العنان، لذلك لا تستطيع مشاعره التحكم فيه بأي شكل من الأشكال، مما يفيده في عدم الوقوع تحت أيدي الآخرين وتحكماتهم.

يشعر بالهدوء خلال ضغوطات العمل على عكس الآخرين ويمكنه التعامل بسهولة بعد التفكير العميق.

المرونة النفسية

يقدر على التكيف مع الظروف المحيطة والتغيرات ويوجهها إلى نفعه ولا يجعلها تتحكم به وتدير حياته، كما يتعلم جيدًا من تجارِب الآخرين ولا ييأس بسهولة، بل يوجه نفسه للعمل بجد واجتهاد ليواكب ما يمر من أحداث في حياته.

الإحساس بالسعادة

يشعر بالرضا عن نفسه وحياته مما يجعله قادرًا على التحكم بها وهو ما يمنحه شعور السعادة الحقيقي.

يمتن لما لديه من نعم ولا ينظر إلى نعم غيره، ويرى دائمًا الجانب الإيجابي من الأمور.

المسؤولية

يتحمل المسؤولية عن كل ما يقوم به من أفعال ولا يبدأ بلوم الآخرين عنها، بل يعمل على إصلاح ما أفسده على الفور ولا يطلب المساعدة في ذلك.

يستطيع تحمل مسؤولية مشاعره واحتياجاته النفسية والعاطفية.

الاستقلالية

لديه القدرة على العيش وحده دون أي شركاء، وذلك لقدرته على الاعتناء بالمنزل بالشكل المطلوب دون أي مساعدة وإن حصل عليها سيكون بمقابل مادي يدفعه بنفسه.

يتخذ قرارته بسهولة ولا يقع في حَيْرَة من أمره ويمكن أن يحصل على المشورة الخارجية، لكنه لا يزال قادرًا على تلبية ما يريده لنفسه.

الإيجابية

لا ينظر إلى الحياة نظرة سلبية، بل يعمل على توضيح الأمور أمامه ليرى الإيجابيات دائمًا، فهو يتوقع الأفضل ويحصل عليه، ليس لتوقعاته فقط بل لسعيه إلى البحث عن الفرص الجديدة دائمًا.

العطاء

يمنح الآخرين المساعدة دون أن يطلبوا ذلك، وهذا لأنه معطاء بطبعه وهذه المساعدة تُشعره بالرضا عن نفسه.

يمكنك أن تجده مشاركًا في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية لنشر الخير في المجتمع. وقد يهمكِ معرفة كيف تحب نفسك​ وتحب ذاتك وتعتني بها.. نصائح يجب اتباعها!

هل يستطيع الإنسان الاكتفاء بنفسه؟

لا يعتبر الإنسان المكتفي بنفسه مثاليًا، بل يحتاج إلى الآخرين في الكثير من الأشياء، ولكن المقصد هنا أنه لا يتعب الآخرين في حمل مشكلاته واحتياجاته ووجوب تلبيتها، لذلك يسيطر على الكثير من جوانب حياته بنجاح.

لا يمكن للإنسان أن يعيش وحيدًا دون الآخرين لأنه سيكون في حاجة دائمًا إلى الأطراف الأخرى مهما بلغ من الاكتفاء الذاتي والثقة بالنفس لأن الأصل هو عيش الإنسان في جماعة.

فمن الناحية الجسدية لا يستطيع الإنسان الاكتفاء بنفسه دون الآخرين، بل يجب أن يعتمد عليهم للحصول على الخدمات الصحيةوالتعليمية وما إلى ذلك، أما في الحالات العاطفية، فيلبي الشخص المكتفي ذاتيًا الجزء الأكبر من احتياجاته ومشاعره، ثم يتزود بالبقية من الآخرين سواء كان شريكًا أو صديقًا أو من العائلة، وهذا يفيد الآخرين في عدم تحميلهم مسؤولية أكبر من قدرتهم على التحمل.

الاكتفاء الذاتي لا يتعارض مع التواجد مع الآخرين ومشاركتهم تفاصيل الحياة سواء بالمنزل أو العمل وإلا سيسمى أنعزالا وهو من الأشياء الخطيرة التي يجب على الإنسان الابتعاد عنها.

كيف يكون عندي اكتفاء ذاتي؟

للحصول على الاكتفاء الذاتي بطريقة صحية عليك العمل على عدد من المحاور منها ما يلي:

تحديد الاحتياجات

يجب أن تتعلم ما القدر الكافي بالنسبة لك من احتياجات مالية ونفسية وعاطفية وتعمل على سد غالبية تلك الاحتياجات خاصة المتعلقة بالمال بنفسك، أما الجزء العاطفي فاترك مساحة منه لمشاركتها مع الآخرين من أجل صحتك النفسية.

تطوير المهارات

يعتبر الاكتفاء الذاتي مهارة كالعديد من المهارات، لذلك يجب أن تطور مهاراتك في التعامل مع مشاعرك واحتياجاتك، وكيف تصل إلى تلبيتها بالشكل الصحي والمناسب.

العلاقات الصحية مع الآخرين

ستحتاج بالفعل إلى وجود علاقات صحية تجمعك بالآخرين لأنهم مصدر دعم مهم في حياتك، وكلما كانت علاقتك صحية بهم ستتمكن من العيش بطريقة أفضل وسيساعدك ذلك على الاكتفاء الذاتي من خلال التواصل الجيد الذي لا يجعل الحمل بالكامل ملقى على عاتقك.

الاعتناء بالنفس

نم جيدًا وتناول الطعام الصحي ومارس الرياضة للوصول إلى أفضل نتيجة ممكنة وذلك بهدف الحياة بشكل صحي لا مثالي وهو جزء مهم من رعايتك بنفسك لتعتني هي الأخرى بمتطلباتك.

قدم المساعدة للآخرين

لا تتمحور حول ذاتك كثيرًا وقم بالسعي إلى مساعدة الآخرين من خلال التطوع والعمل الجاد ومشاركة الآخرين في آلامهم وأحزانهم.

لا تنسى الامتنان والشعور بالرضا عما تملكه لأنه زادك في الطريق للرضا عن النفس، ولا تخجل من الفشل بل قاومه وانتصر عليه. وإليكِ حب الذات عند المرأة ليس أنانية! وهذه هي الدلائل.