"حميدتي" في أوغندا على وقع احتدام معارك السودان

مواجهات بالخرطوم وكردفان وغارات جوية على تخوم سنار وتحذيرات من الانهيار الصحي

قال قائد قوات الدعم السريع في السودان الفريق أول محمد حمدان دقلو 'حميدتي'، اليوم الأربعاء، إنه التقى مع الرئيس الأوغندي يوويري موسيفيني، في أول زيارة خارجية معروفة له منذ اندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.

وقال دقلو على منصة 'إكس' إنهما ناقشا التطورات في السودان.

إرجاء لقاء جيبوتي

في هذا الوقت، قالت قمة الهيئة الحكومية للتنمية 'إيغاد' في خطابها الرسمي، إنه تم تأجيل لقاء قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان و'حميدتي' في جيبوتي إلى شهر يناير (كانون الثاني) في موعد محدد سيعلن لاحقاً وذلك لأسباب فنية.

كما قالت إنها أخطرت البرهان باعتذار 'حميدتي' عن حضور اجتماع جيبوتي.

وكانت مصادر محلية وإقليمية متطابقة أكدت اكتمال اللمسات الأخيرة لترتيبات اللقاء الثنائي بين قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع بالعاصمة جيبوتي في غضون أيام.

وأكد يوسف عزت المستشار السياسي لقوات 'الدعم السريع'، موافقتهم على دعوة سكرتارية 'إيغاد' لعقد لقاء يجمع القائدين، مشيراً إلى تلقيهم معلومة بموافقة قائد الجيش على اللقاء.

احتدام المعارك

في الأثناء، تواصلت المعارك والاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات 'الدعم السريع' في عدد من الجبهات والمحاور داخل وخارج العاصمة الخرطوم.

وشهدت جبهات الخرطوم وشمال كردفان اشتباكات وتبادلاً للقصف مدفعي، تزامناً مع مواجهات بين الجانبين في الأجزاء الشمالية والغربية من ولاية سنار جنوب شرقي البلاد لليوم الرابع على التوالي.

وهاجم الطيران الحربي والمسيرات التابعة للجيش السوداني، أمس الثلاثاء، قوات 'الدعم السريع' التي تحاول التقدم نحو تخوم مدينة سنار عاصمة الولاية.

سنار صامدة

دارت مواجهات بين الجانبين في قرى حاج عبدالله وود الحداد الضواحي الشمالية للمدينة، لكن التعزيزات العسكرية للجيش والغارات الجوية التي شنتها مقاتلاته الجوية حالت دون تقدم قوات 'الدعم السريع' لدخول مدينة سنار عاصمة الولاية.

وأفاد مواطنون بأن الأوضاع داخل مدينة سنار تشهد استقراراً نسبياً للخدمات، وقد عادت المستشفيات العامة وبعض المراكز الخاصة والمتاجر للعمل بشكل جزئي.

وفي وقت تتزايد فيه حالات من النزوح ونقل البضائع من الأسواق خوفاً من نهبها، ناشد والي ولاية المكلف توفيق محمد علي، خلال تفقده، أمس، الاستعدادات للدفاع عن المدينة، المواطنين التزام الهدوء والحذر وعدم تداول الإشاعات.

أوضاع متفاقمة

في ود مدني بولاية الجزيرة، التي تسيطر عليها قوات 'الدعم السريع'، حذرت لجان مقاومة المدينة من تفاقم الأوضاع الصحية بصورة كبيرة، إلى جانب نفاد للسلع الاستراتيجية والمواد التموينية مما يهدد بكارثة إنسانية مرتقبة.

أعلن بيان للجان عن خروج أكبر المستشفيات بالولاية عن الخدمة بعد اقتحامه بواسطة الميليشيات، في ظل انقطاع للتيار الكهربائي لفترات طويلة مع شح ونفاد الأدوية المنقذة للحياة.

ونوه البيان إلى استمرار موجات النزوح بشكل يومي نتيجة الاستيلاء على المنازل وارتكاب جميع أنواع الانتهاكات والنهب والتنكيل وإرهاب للمواطنين الموجودين بالمدينة وقرى الولاية.

نهب وتنكيل

وفق تقرير مبدئي أعدته لجان مقاومة الحصاحيصا (شمال ود مدني)، بحصر ميداني لعمليات النهب والسرقة التي تمت في عدد من أحياء المدينة، فقد نهبت خزائن المحلية وقسم الشرطة ومصانع الدقيق والرز والزيوت إلى جانب أكثر من 250 محلاً تجارياً بالسوق.

ويقدر التقرير عدد العربات التي المنهوبة بواسطة قوات 'الدعم السريع' بنحو 1800 سيارة حتى الآن، فضلاً عن نهب جميع التراكتورات الزراعية بالمعارض، إلى جانب ترحيل أكثر من 80 عربة منهوبة إلى الخرطوم تحت حماية تلك القوات، بينما خصصت ساحات لتخزين العربات الأخرى توطئة لنقلها خارج المدينة، ويتم إجبار ملاك بعض السيارات على قيادتها حتى المكان المطلوب تحت تهديد السلاح.

وفي الوقت ذاته كشفت مصادر مقربة عن إيفاد قوات 'الدعم السريع' لعدد من المستشارين والضباط إلى الولاية الجزيرة بغرض وقف عمليات النهب والسرقات التي قالت إن مرتكبيها متفلتون تجري ملاحقتهم.

وندد بيان آخر لتجمع أبناء مناطق جنوب الجزيرة بتواصل عمليات السلب والنهب وترويع وإرهاب المواطنين العزل بقرى جنوب الجزيرة، مشيراً إلى أن شاباً قتل، أمس، بإطلاق النار المباشر على رأسه لرفضه تسليم مفتاح سيارته.

وحمل التجمع قوات 'الدعم السريع' المسؤولية الكاملة عن كل ما لحق بالممتلكات والأرواح وما يحيط بالناس من رعب وهلع وخوف.

مخاطر الفرار

إزاء انتشار عصابات قطاع الطرق التي ينشط في نهب الفارين من الحرب بالولاية، أعلنت سلطات محلية المفازة بولاية القضارف عن تسيير أطواف عسكرية لتأمين الطريق الذي تعبر خلاله مئات سيارات الفارين.

أشاد المدير التنفيذي لمحلية المفازة عثمان عبدالله بالجهود والمبادرات الشعبية الإنسانية في تقديم المساعدات للنازحين العابرين على الطريق، مناشداً المنظمات الدولية والوطنية تقديم المساعدات للنازحين نظرا لتزايد أعدادهم ومحدودية الموارد.

الكراهية والفتنة

مع توسع عمليات التعبئة والتسليح القبلي والجهوي للمواطنين تحت توجه 'المقاومة الشعبية'، لا سيما في الولايات الشمالية والشرقية تحسباً لهجوم محتمل عليها، حذر الناشط الحقوقي مصعب أمين من توسع ظاهرة التسليح الشعبي القائم على العرق والمنطقة بصورة مزعجة وغير مسبوقة، محذراً من عواقبه المستقبلية الوخيمة على تماسك النسيج الاجتماعي في البلاد.

وأبدى أمين مخاوفه من أن تقود تلك الدعوات إلى تصدعات كبيرة في النسيج الاجتماعي وتتطور عمليات انتقامية وتصفيات عرقية مبنية على الشكوك خارج نطاق القانون، مناشداً المواطنين البعد عن خطاب الكراهية ودعوات الفتنة المجتمعية في مثل هذه الظروف الحرجة التي تحتاج التماسك والوحدة.

في حين كشف تقرير للمركز الحقوقي الموحد حول الأوضاع الحقوقية والإنسانية في البلاد خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عن تصاعد خطاب الكراهية على أسس قبيلة وجهوية، إلى جانب حالات اعتقال على أساس الهوية، وارتفاع حالات الاختفاء القسري خلال الشهر الجاري.

أشار التقرير إلى اتساع رقعة العمليات العسكرية على نحو كارثي، مصحوباً بحركة نزوح جديدة وكبيرة، وشح وندرة في المواد الغذائية والأدوية وارتفاع الأسعار لمستويات قياسية، مع انهيار خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات في مناطق واسعة في البلاد.

في السياق ذاته كشفت شركة السكر السودانية عن تعرض مصنعي سكر الجنيد وسنار لاستباحة كاملة ونهب وسرقة وتدمير وخراب، بعد هجوم ميليشيات 'الدعم السريع' عليها إضافة إلى اللصوص والمتفلتين ومن عاونهم.

وشمل النهب وفق بيان للشركة، العربات الصغيرة والكبيرة أكثر من 300 عربة، إلى جانب أكثر من 450 من الآليات الثقيلة والجرارات والشاحنات، وكل مخزون الأسمدة والمبيدات، ومستودعات الوقود ومحتويات المخازن المختلفة.

أشار البيان إلى شروع الإدارة في فتح بلاغات بتعرض البنية التحتية للمصنعين إلى أضرار بليغة مع نهب كل الأثاثات والأجهزة والمعدات بالمكاتب والاستراحات تحطيم الماكينات، فضلاً عن استباحة مزارع قصب السكر بالرعي الجائر والحرائق.

اشتباكات بكردفان

في شمال كردفان كشفت مصادر ميدانية، أن قوات الفرقة الخامسة مشاة (الهجانة)، خاضت معارك ضد الميليشيات واقتحمت معسكرها في حي الوحدة بمدينة الأبيض عاصمة الولاية، وكبدتها خسائر كبيرة في المعدات الأرواح.

كما تمكنت القوات الخاصة بالأبيض من أسر العشرات من عناصر الميليشيات داخل إحدى مدارس المنطقة الغربية، وتسلمت عدداً من المركبات القتالية من العدو في المحور الشمالي للمدينة.

في شمال دارفور طالب نمر محمد عبدالرحمن والي الولاية بتدخل عاجل من الحكومة المركزية والمنظمات الإنسانية الوطنية والأجنبية لدعمهم وتوفير حاجات مئات الآلاف من النازحين بمعسكرات الإيواء بما يفوق إمكانات الولاية لتلافي خطر المجاعة وسوء التغذية وسط الأطفال والأمهات.

ورحب عبدالرحمن بالمبادرات والمجهودات المحلية والإقليمية والدولية من أجل وقف إطلاق النار والانخراط في عملية حوار يقود إلى اتفاق ينهي هذه الحرب ويعيد الاستقرار والحكومة المدني والتحول الديمقراطي للبلاد.

مواجهات مدفعية بالخرطوم

على صعيد جبهة العاصمة الخرطوم الساخنة، تواصلت، أمس، عمليات القصف المدفعي المتبادل والاشتباكات بين الجيش وقوات 'الدعم السريع' بتركيز واضح حول المقار الرئيسة للجيش.

وشهد محيط القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم تجدداً للقصف المتبادل بين الجانبين تابعت فيه قوات 'الدعم السريع' قصفها المدفعي على مقر القيادة العامة، بينما ردت مدفعية الجيش بقصف تجمعاتها في محيط المدينة الرياضية وأرض المعسكرات بسوبا، وغرب أحياء الصحافة جنوب وشرق الخرطوم، فيما شن الجيش غارات جوية وبالمسيرات على أهداف لـ'الدعم السريع' بالسوق العربي ومحيط القصر الجمهوري وسط العاصمة.

قصف وانفجارات

وأفاد شهود عيان، بدوي انفجارات عنيفة في محيط سلاح المدرعات والذخيرة بمنطقة الشجرة العسكرية جنوب الخرطوم، وسلاح الإشارة بالخرطوم بحري، مع تصاعد سحب وأعمدة الدخان بتلك المناطق نتيجة القصف المدفعي المتبادل بين الجانبين.

أشار مواطنون إلى اندلاع اشتباكات وقصف عنيف حول سلاح المهندسين جنوب أم درمان، إلى جانب مناوشات مدفعية في محيط قاعدة وادي سيدنا العسكرية بمنطقة الثورات اقصى شمال المدينة، وعلى امتداد المنطقة من جنوب كبرى الحلفايا وحتى حي الروضة.

وذكرت مصادر ميدانية، أن قوات العمل الخاص تواصل عملياتها البرية في مناطق أم بدة جنوب غربي أم درمان وفي اتجاه أطراف سوق ليبيا وقندهار.

معاناة وغلاء

في الأثناء يشكو مواطنو العاصمة العالقين وسط القتال من موجة الغلاء المتصاعدة في أسعار السلع الغذائية والأدوية مع ندرتها، وانقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت في الآونة الأخيرة، وتوقف خدمة التحويلات البنكية مما ضاعف معاناة من أجل توفير حاجات المواطنين الضرورية.

وتعاني منطقة الثورات بمحلية كررى شمال أم درمان اكتظاظاً سكانياً بسبب الأعداد الكبيرة من الفارين من أحياء أم درمان القديمة وتوقف جمع النفايات وتراكمها بشكل خطر ملوث لصحة البيئة بانتشار البعوض والذباب.

إنسانياً، قالت كلمينتاين سلامي منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، إن تعرض المستودعات والأصول الإنسانية للنهب والتدمير ومقتل وإصابة عمال الإغاثة تسبب بشكل مباشر في تقليل أثر تدخلات المنظمات الإنسانية في السودان، على رغم أن الموظفين والأصول الإنسانية ليست أهدافاً عسكرية.