بيان أميركي - إسرائيلي

وزارة الخارجية الأميركية تفرض عقوبات على جمعية 'أخضر بلا حدود'، ورئيسها يرد، عبر الميادين نت، ويقول إن 'الجمعية متخصصة بالشأن البيئي فقط'.

شكلت أشجار جنوبي لبنان، الممتدة عند طول الخط الحدودي مع فلسطين المحتلة، محط أنظار الاحتلال الاسرائيلي وهواجسه، فالزرع الأخضر أرعب الكيان المغتصب، على نحو دفعه إلى ملاحقة جمعية 'أخضر بلا حدود'، المتخصصة بالتشجير منذ انطلاقتها.

الجمعية تأسست عام 2013، وهي اختصار لاسمها الرسمي 'الجمعية الوطنية لحماية وتنمية الثروة الحرجية والحيوانية'، وأطلقت مشاريع بيئية ضخمة بالتعاون مع وزارتي الزراعة والبيئة والبلديات والجمعيات الأهلية في لبنان، وبينها حملة زرع مليون شجرة، والذي بدأته عام 2014، في مختلف مناطق الجنوب اللبناني.

لكن وطأة هذا الفعل دفعت الاحتلال، عام 2017، إلى الادعاء، في مجلس الأمن الدولي، أن 'حزب الله ينشئ نقاط مراقبة'، عند الحدود مع فلسطين المحتلة، 'تحت غطاء جمعية بيئية'، وفق ما جاء في صحيفة 'تايمز أوف إسرائيل'، حينها.

واتهم السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، حزب الله بـ'تثبيت نقاط مراقبة ومنظومات رصد على طول الحدود اللبنانية - الفلسطينة'. وهي، بحسب زعمه، ليست سوى منشآت تابعة للجمعية البيئية، التي 'يستغلها حزب الله لإقامة شبكة من نقاط المراقبة على طول الخط الأزرق'.

لكنّ قوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة في جنوبي لبنان، نفت آنذاك هذه الاتهامات، مؤكّدة أن جمعية 'أخضر بلا حدود' زرعت فعلاً أشجاراً في المنطقة، وأنها لم تلاحظ وجود 'أي شخص مسلح غير مرخص له بالوجود' في تلك المواقع.

وفي السياق نفسه، دعم 'معهد واشنطن'، عام 2020، ادعاء الاحتلال أن الجمعية البيئية هي واجهة سمحت لحزب الله باستخدام مواقعها في هجوم ضد مواقع للاحتلال. وفي تقرير المعهد، فإنّ صواريخ 'كورنيت' المضادة للدبابات، والتي أطلقها حزب الله على مركبة وموقع عسكري إسرائيليين، بالقرب من الحدود اللبناني،ة في شهر أيلول /سبتمبر 2019، 'أُطلقت من داخل منطقة في جنوبي لبنان تسيطر عليها منظمة بيئية'.

ووفق الصحف الإسرائيلية، التي تطرقت إلى هذا الموضوع، فإن تقرير المعهد لا يتضمن أي دليل تم اكتشافه، على نحو اعترافات أو وثائق، يُثبت، بصورة قاطعة، أن منظمة 'أخضر بلا حدود' هي واجهة لحزب الله، لكن التقرير استند، بدلاً من ذلك، إلى معلومات موجودة في تقارير ومحادثات مع مسؤولين عسكريين إسرائيليين.

في عام 2020، تطرقت صحيفة 'وول ستريت جورنال' الأميركية إلى هذا الموضوع، وذكرت أنّ الأشجار، التي تنمو إلى جوار الشريط الحدودي، تقوم بحجب رؤية كاميرات المراقبة الإسرائيلية، التي تنتشر على طول الحدود، وهو ما يُزعج 'إسرائيل'، ودفعها أكثر من مرة إلى إزالة بعض هذه الأشجار.

وأكد عساف أوريون، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد، في حديثه إلى الصحيفة، أن 'أخضر بلا حدود' تزوّد حزب الله بـ'غطاء للتخفي'.

عند مقارنة التصريحات الإسرائيلية عام 2017، نجد أنها مشابهة، بصورة كبيرة، لبيان وزارة الخارجية الأميركية منذ أيام، والمتمثل بفرض عقوبات على جمعية 'أخضر بلا حدود' غير الحكومية وعلى رئيسها، بزعم 'دعم نشاطات حزب الله وتغطيتها' في جنوبي لبنان، عند الحدود مع فلسطين المحتلة.

وجاء في البيان أنّ 'الجمعية، التي يتمثّل هدفها المعلن بالمحافظة على المساحات الطبيعية وإعادة زراعة الأشجار، تشكّل، في الواقع، غطاءً لأنشطة حزب الله على طول الخط الأزرق، بحيث لدى الجمعية مواقع يديرها أعضاؤها في عشرات النقاط'.

إلا أنّ اللافت هنا ما ذكرته صحيفة الأخبار اللبنانية، قبل صدور هذا القرار، وقالت إنّ 'أبرز النقاط التي تساءل عنها السفراء والقائمون بالأعمال والملحقون العسكريون، الذين شاركوا في جولة نظّمها الجيش اللبناني لممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن، تركّز على جمعية 'أخضر بلا حدود'.

ووفق ما جاء في الصحيفة، فإنّ من المحطات التي شملتها الجولة، بعيداً عن وسائل الإعلام، خراج بلدة رميش، حيث توجد نقطة متحفّظ بشأنها. وعلى مقربة منها، قامت الجمعية بتشجير أراضٍ. كما زار الوفد تلة العباد في خراج بلدة حولا، حيث تتقابل ثكنة العدو الضخمة مع خيمة تابعة للجمعية.

وعلى الرغم من العقوبات الأميركية والادعاءات الإسرائيلية، فإنّ ما قامت به 'أخضر بلا حدود' شكّل نوعاً جديداً من المقاومة في لبنان، من خلال عملها البيئي، سعى الاحتلال الاسرائيلي لتدميره.

وتعليقاً على القرار الأميركي الصادر بحق الجمعية، حاور موقع الميادين نت رئيس الجمعية، زهير صبحي نحلة، وسأله عن طبيعة عمل هذه الجمعية وأهدافها.

وقال نحلة إنّ 'عمل الجمعية يهدف الى حماية الثورة الحرجية من الاعتداءات'، مؤكداً أنّ الجمعية مرخصة من وزارة الداخلية والبلديات، مع وجود اتفاقيات موقعة بين الجمعية ووزارتي الزراعة والبيئة اللبنانيتين.

وفي سياق حديثه، أوضح نحلة أنّ 'الثروة الحرجية في لبنان كانت تغطي نحو 25 % من مساحة لبنان، لكن هذه النسبة تقلصت بصورة كبيرة من جراء الاعتداءات، وأصبحت نحو 3 %'.

وأضاف نحلة أنه 'انطلاقاً من هنا، رأينا أن من الضروري القيام بالتشجير وعمليات حماية الثروة الحرجية، لنحاول عودة لبنان الى سابق عهده'، كاشفاً أيضاً أنّه، خلال هذه العملية، استطعنا زرع ملايين الاشجار، وارتفعت النسبة من 3 % إلى 9%.

وشدد على أنّه تم تأسيس فرقة فنية تابعة للجمعية، تنسق بصورة كاملة مع وزارتي الزراعة والبيئة في موضوع حماية الثروة الحرجية.

وبخصوص مناطق العمل، قال نحلة إن 'عملنا في كل لبنان، في الجنوب والبقاع وحتى جبل لبنان، حتى إننا أرسلنا أشجاراً إلى الشمال'.

أمّا فيما يخص القرار الأميركي الأخير، والمتمثل بفرض عقوبات على الجمعية، فأكّد نحلة أنّ الجمعية متخصصة بالشأن البيئي فقط، مضيفاَ أنه 'في حال وجود أي شخص منزعج من موضوع التشجير وحماية الثروة الحرجية، فهذا يعود إليه'.

وأوضح أنّ 'الشخص المنزعج يمكن أن يكون خائفاً من هذه العملية'، بحسب تصريحاته. وقال إنّ الجمعية تتعاون مع البلديات واتحاد البلديات والوزارات المعنية، ولا تتعاطى مع أي جهة خارجية، فكل عملها في قلب الوطن.