جنين ليست سوى البداية: الفلسطينيون يدفنون أشباح الماضي

موقع 'كاونتر بانش' الأميركي يتحدث عن العدوان الإسرائيلي الوحشي على مدينة جنين الفلسطينية، ويقول إنه فشل فشلاً ذريعاً.

نشر موقع 'كاونتر بانش' الأميركي مقالاً للكاتب رمزي بارود، تحت عنوان 'جنين ليست سوى البداية: الفلسطينيون يدفنون أشباح الماضي'، يتحدث فيه عن الانتهاكات الإسرائيلية وتصدي الفلسطيينين لها في مدينة جنين ومخيمها.

وفيما يلي نص المقال المنقول إلى العربية:

لم يتفاجىء أحد بالعدوان الإسرائيلي الوحشي، على مدينة جنين الفلسطينية، مطلع الشهرالجاري. وبالرغم من استشهاد 12 فلسطينياً وجرح 120 آخرين، وتدمير ما يقرب من 80%، من مساكن مخيم جنين وبنيته التحتية، لم تثن إرادة المقاومة، ولم تتراجع. حتى أنّ رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأكّد أنّ خططه الدموية لتصفية المقاومة في جنين، لم تكن مجدية في النهاية.

في الواقع، بينما كانت الآلة العسكرية الإسرائيلية تسقط المنازل وتحطم السيارات وتحصد الأرواح، شنّت المقاومة الفلسطينية عدّة هجمات انتقامية في 'تل أبيب'، وفي مستوطنة كدوميم وغيرها، حتى أنّ صحيفة 'هآرتس' لإسرائيلية، ربطت بين الفشل الذريع في العدوان على جنين، بـ 'فقدان نتنياهو للسيطرة السياسية' على حكومته، وعلى كيان الاحتلال برمته.

وكتبت الصحيفة: 'لا يوجد شخص عاقل في الجيش أو في جهاز الأمن العام الشاباك، أو حتى في الدوائر اليمينية الصامتة، يعتقد في الواقع أن العملية ستقضي على المقاومة الفلسطينية، ليس فقط في جنين، ولكن في أي مكان في الضفة الغربية'.

تفاخر نتنياهو المحاصر سياسياً وقضائياً بالعدوان على جنين، إلى أنه تم تنفيذه بطريقة منهجية وجهت ضربة قوية لفصائل المقاومة. وهدد بالعودة إلى جنين متى عادت المقاومة إليه.

لا شك،أنّ لغة نتنياهو مضللة و ليست صحيحة. وما يسميه الاحتلال بـ 'المنظمات الإرهابية' في جنين، هو جزء من ظاهرة أكبر بكثير للمقاومة المسلحة، والمقاومة الشعبية العارمة في كل ركن من أركان فلسطين المحتلة. وقمع المقاومة بالقوة المتوحشة ، يصب الوقود فوق نيران المقاومة المشتعلة.

لأجل أنّ يصرف الانتباه عن مشاكله المتصاعدة، يحاول بنيامين نتنياهو، المحافظة على تحالفاته مع اليمين المتطرف وقاعدتهم من المستوطنين سعيدين، فعل الشيء الأكثر حماقة. لقد حوّل ببساطة تمرداً فلسطينياً مسلحاً إلى ثورة وشيكة على مستوى الضفة الغربية.

على عكس الانتفاضة الثانية، لا 'إسرائيل' ولا أي جهة أخرى، لديها نفوذ على الجيل الجديد من المقاومين الفلسطينيين. فهم لا يتأثرون بوعود كاذبة لدولة أو بوظائف أو بأموال دولية، ولا يبدو أنهم يخشون التهديدات بالاعتقال أو التعذيب أو حتى الاستشهاد. و كلما زاد العنف الذي تمارسه قوات الاحتلال ومستوطنيه، كلما ازدادت جرأة الفلسطنيين وإرادتهم.

إنّ أي فحص للخطاب السياسي لهذا الجيل الفلسطيني الجديد، بما في ذلك الخطاب على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر درجة من الشجاعة الغير مسبوقة حقاً.

يمكن أن تُعزى هذه الشجاعة جزئياً إلى غزة التي أثرت مقاومتها المستمرة، على الرغم من الحصار والاعتداءات الإسرائيلية المروعة في العقدين الماضيين، بشكل كبير على شباب الضفة الغربية. على الرغم من أنهم ولدوا أو نضجوا في الغالب بعد توقيع اتفاقيات أوسلو في عام 1993، إلا أنهم يرون أنّ تلك الثقافة السياسية آنذاك، لا تمت لهم بصلة اليوم.

لا يبدو أن نتنياهو وحكومته، يفهمون هذا التحول التاريخي في الخطاب السياسي الفلسطيني، المنبثق من موقف شعبي شامل، لا يكترث لطموحات الاحتلال، فلقد دفن الجيل الفلسطيني الجديد أشباح الماضي. وهم مستمرون وجنين هي البداية فقط.