اخبار الجزائر
موقع كل يوم -الحرة
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢١
في ثالث انتخابات تجرى في عهد الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، وتحت ضغط حركة احتجاجية، لم تتجاوز نسب المشاركة 35.97 بالمائة في اختيار أعضاء المجالس البلدية، و34.39 بالمائة في الانتخابات الولائية، في استحقاق مهم لطي صفحة النظام السابق.
ويربط المحلل السياسي، علي بوخلاف، في حديث لموقع 'الحرة'، نسب المشاركة التي اعتبرها 'ضعيفة جدا'، بالفجوة بين الشعب والسلطة، وحالة عدم الثقة الموجودة في المشهد السياسي العام.
وشدد بوخلاف على أن 'المشاركة في الانتخابات البلدية والولائية تكون بالعادة مرتفعة لقرب المجالس المحلية من المواطنين، فضلا عن وجود احتكاك مباشر بين المرشحين والناخبين المحليين'.
وبلغ عدد الناخبين لأعضاء المجالس الشعبية البلدية عند غلق مكاتب الاقتراع 8 ملايين و517919 ناخبا، بينما بلغ عدد الناخبين لأعضاء المجالس الشعبية الولائية (للولايات) 8 ملايين و154226 ناخبا، بحسب ما قال رئيس السلطة المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، في ندوة صحفية حول النتائج الأولية لمجريات العملية الانتخابية.
وعن الأسباب التي دفعت الناخبين إلى عدم المشاركة في العملية الانتخابية، يقول المحلل السياسي، توفيق بوقعدة، في حديث لموقع 'الحرة'، 'الأزمة السياسية التي لا تزال موجودة منذ حراك 22 فبراير، انعكست على خيارات المواطنين، الذين يعتبرون أن السلطة لم تلب مطالب الحراك الشعبي'.
وأضاف: 'الخطاب السياسي للأحزاب المرشحة لهذه الانتخابات لم يلامس الهموم الحقيقة والحلول المقترحة لمعالجتها، لاسيما في الجانب الاقتصادي'، معتبرا أن 'الخطاب السياسي غارقا بالشعوبية والأوهام'.
وفي عام 2020، أدى انخفاض سعر برميل النفط، في خضم انتشار وباء كورونا، إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، إثر تمسك الجزائر بسقف الإنتاج الذي فرضته منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، وفق تقرير آفاق الاقتصاد العربي، الذي يصدره صندوق النقد العربي.
ورأى بوقعدة أن 'قانون المالية الأخير الذي صادقت عليه كل الأحزاب في البرلمان جعل المواطن يرى في هذه الأحزاب أداة استغلال لصوته بدلا من الدفاع عنه، لاسيما أن القانون أثقل المواطن بضرائب جديدة'.
وفي نوفمبر الماضي، صادق مجلس النواب الجزائري، على قانون المالية لسنة 2022 الذي يحدد ميزانية الدولة، مع فتح الباب أمام رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية، مما أثار جدلا شعبيا واسعا .
وأيدت كل الكتل البرلمانية مشروع قانون المالية، ما عدا كتلة حركة مجتمع السلم (معارضة إسلامية، 65 نائبا من أصل 407)، على ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية.
وبموجب القانون الجديد، يتم التصويت بنظام القائمة المفتوحة، أي يختار الناخب من قائمة واحدة فقط من يريد من المرشحين.
ويحصل على المقاعد المرشحون الذين حصلوا على أكبر عدد من الأصوات، وتتشكل المجالس البلدية والولائية من المنتخبين التابعين لحزب أو أكثر، حسب المقاعد التي حصل عليها كل حزب.
ولم يستبعد أن بوقعدة تكون 'الحرائق التي اندلعت في الأشهر الماضية، وكان خلفها خلايا نائمة وسرية، هي أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت المواطنين للابتعاد عن انتخاب المجالس المحلية'.
وفي صيف الماضي، اندلعت حرائق هي الأشد تدميرا في تاريخ البلاد، وتحديدا في شمال شرق الجزائر، وأودت بحياة العشرات من المدنيين والعسكريين، واعتبرتها السلطات مفتعلة، ومن ثم تم اعتقال بعض الأشخاص المتهمين بإحداثها.
في المقابل، يرى الأستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر، رضوان بوهيدل، في حديث لموقع 'الحرة'، أن 'نسب المشاركة تعتبر مرتفعة مقارنة بالرئاسية والتشريعية السابقة، وحتى بالاستفتاء على الدستور، وهي أعلى بنسبة ١٠ في المئة'.
وأوضح بوهيدل أن 'ما دفع الناس للانتخاب هو القانون الجديد الذي فرض على القوائم بترشيح شباب دون الأربعين من عمرهم، بالإضافة إلى أن 'وزارة الداخلية لم تشرف على الانتخابات بل سلطة مستقلة موضوعية'.
المعارضة والمقاطعة
وعن انعكاس ذلك على المشهد السياسي، اعتبر بوقعدة أن 'كتلة المقاطعة لا زالت تشكل اغلبية الكتلة الناخبة، وأن تعويل السلطة والأحزاب على هذه الانتخابات لإنهاء شبح المقاطعة فشل'.
وكانت الحركة الاحتجاجية المؤيدة للديمقراطية (الحراك)، وأحزاب المعارضة التقليدية دعت تكرارا إلى مقاطعة الانتخابات.
وتابع بوقعدة: 'كتلة المقاطعة لا تزال هي الغالبية في عموم الهيئة الناخبة، وكل المحاولات التي روجت لها السلطة من أجل التأسيس لمشاركة شعبية واسعة في هذه الانتخابات المحلية لم تنجح لعدم الثقة بها'.
وأشار إلى أن ' في منطقة القبائل تحديدا، برزت الكتلة المعارضة التي تهيمن على توجهات الرأي العام والتي ترفض كل الإجراءات التي أقدمت عليها السلطة، حيث كانت نسب المشاركة منخفضة أيضا'.
ولأول مرة منذ اندلاع الحراك في فبراير 2019، شاركت منطقة القبائل في هذا الاقتراع، بعدما قاطعت الانتخابات الرئاسية التي جاءت بالرئيس تبون في ديسمبر 2019، ثم الاستفتاء على الدستور في نوفمبر 2020، وأخيرا الانتخابات التشريعية في يونيو 2021.
وفسر بوقعدة 'حدوث المشاركة الانتخابية في القبائل بوجود حزب جبهة القوى الاشتراكية (معارضة) المتجذر في المنطقة، والذي شارك في الانتخابات، وليس لجهود السلطة'.
وشكلت الانتخابات المحلية اختبارا جديدا للرئيس عبد المجيد تبون، الذي وعد بتغيير كل المؤسسات المنتخبة 'التي لوثها التزوير والمال الفاسد' دون الاهتمام بنسبة المشاركة 'لأن التصويت ليس إجباريا'.
ويعتبر بوهيدل أن ' نسب المشاركة قد تكون منعدمة في بعض البلديات، ولكن هذا لا يعكس قوة المعارضة على الإطلاق'، معتبرا أن 'المقاطعة لا تعني التواجد السياسي'.
واعتبر أن 'الأحزاب التي تصف نفسها بالمعارضة ولا تشارك بأي استحقاق انتخابي ولا في حكومة، تكون آلية للزوار ولا مبرر لوجودها في المشهد السياسي'، مشددا على أن 'الطرق المتبعة من قبل المعارضة غير ديمقراطية، لا الاستحقاق الانتخابي هو الطريق السياسي للتغيير لا التجمعات العشوائية'.
ولفت إلى أن 'الانتخابات المحلية ستبين نتائجها على الخارطة الحزبية والمشهد السياسي عموما، لاسيما مع دخول أحزاب جديدة ووجوه شابه، بدلا من الاحتكار السياسي الذي كان في عهد النظام السابق'.
وبحسب الصحف فإن الانتخابات جرت من دون أحداث عنف كبيرة، خلافا للانتخابات التشريعية الأخيرة، باستثناء 'تحطيم محتجين مكتب اقتراع في بلدية أهل القصر بولاية البويرة' على بعد نحو 100 كلم شرق العاصمة الجزائرية، وفقا لوكالة فرانس برس.
كما ذكرت الإذاعة الجزائرية أن الانتخابات البلدية لم تجر في 4 بلديات في بجاية (250 كلم شرق الجزائر) لعدم تقدم أي قائمة للترشح، لكن الانتخابات الولائية جرت بشكل عادي فيها'.