تركيا "تلعب على وتر" الجزائر لتمرير سياستها في ليبيا

تغريدة أنقرة عن رسو فرقاطتين في ميناء العاصمة تحدث جدلاً واسعاً

يبدو أن الأزمة الليبية ستحدث اختلالات في علاقات دول الجوار مع الأطراف المتدخلة في الملف، خصوصاً في ظل استمرار التحرك التركي في المنطقة. وجاءت تغريدة وزارة الدفاع التركية التي أكدت رسو قطعتين من قواتها في ميناء الجزائر، لتؤكد أن أنقرة 'تلعب على وتر الجزائر' لتمرير سياستها في ليبيا.

خبر كاذب

وقالت وزارة الدفاع التركية على صفحتها الرسمية في 'تويتر'، إن رسو قطعتين بحريتين في ميناء الجزائر يأتي ضمن مهمة تدريبية في إطار عملية للحلف الأطلسي 'الناتو'، مشيرةً إلى أن مجموعة المهام البحرية التركية تنتقل إلى ميناء الجزائر، لتقديم الدعم المرتبط بعملية 'الناتو' البحرية لـ'مراقبة البحر'، وهو الخبر الذي أحدث جدلاً في الجزائر وليبيا خصوصاً، بسبب توقيته وأهدافه في ظل المشهد المتأزم الذي تعيشه الجارة الشرقية.

وعلى الرغم من أن السلطات الرسمية الجزائرية لم ترد على التغريدة التركية، إلاّ أنّ الإعلام تناول القضية ونفى وجود قوات بحرية تركية في ميناء الجزائر، قائلاً 'جرى التحقق من عدم وجود أي فرقاطة للبحرية التركية في ميناء الجزائر، على عكس ما روّجت له وزارة الدفاع التركية في بيان لها'.

الجزائر ترد... وتطرح مبادرات

في وقت ترقب الجميع رد الجزائر على وزارة الدفاع التركية، خلال حضور وزير خارجيتها عملية شحن تزيد على 100 طن من المساعدات الإنسانية، من بينها مواد غذائية وأدوية، لإرسالها إلى ليبيا، كشف وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، عن أن بلاده ستقوم في الأيام القليلة المقبلة بعددٍ كبيرٍ من المبادرات في اتجاه الحل السلمي للأزمة الليبية، مضيفاً أن الجزائر لا تقبل بوجود أي قوة أجنبية مهما كانت. وأوضح أن 'أواصر الأخوّة وعلاقة الجوار التي تربط الجزائر بشقيقتها ليبيا وبين الشعبين، تفرض علينا انطلاقاً من مبدأ الوفاء لتقاليد التضامن الأخوي الفعال واللامشروط تجاه الشعب الليبي الشقيق، الوقوف إلى جانبه في هذا الظرف العصيب الذي يجتازه، للتخفيف عليه قدر الإمكان وطأة الأزمة'.

وذكر بوقادوم أن 'هذه الدفعة التي ليست الأولى من نوعها، ما هي إلاّ رمز المودة التي يكنها الشعب الجزائري لشقيقه الليبي، وهي أيضاً تعبير عن التزام الدولة الجزائرية وتضامنها مع الشعب الليبي حتى يتجاوز هذه الأزمة التي ألمت به وبنا'، مبرزاً أهمية التوصل إلى توافق بين كل مكونات الشعب الليبي، بعيداً من أي تدخل أجنبي من أي كان. وقال 'المساعدات الإنسانية التي ستصل إلى ليبيا هي بداية لإرساء دور الجزائر الإنساني كمرحلة أولى، ثم السياسي'.

الجزائر تشارك في مؤتمر ليبيا؟

المحللة السياسية أسماء صبرينة وفي تصريح لـ 'اندبندنت عربية'، اعتبرت أنّ 'نشر وزارة الدفاع التركية خبر رسو قواتها البحرية في ميناء الجزائر يُصنّف في خانة الضغط لتغيير مواقف الجزائر، الرافضة للوجود الأجنبي بما فيه التركي على الأراضي الليبية'. ورأت أن 'تصريحات بوقادوم هي رد صريح على تغريدة وزارة الدفاع التركية، وأن أنقرة يحركها الحنين العثماني، وهي لا تفكر في مصلحة الليبيين وإنما تستهدف ثراوتهم'، مضيفةً 'الجزائر تحاول العودة إلى المشهد الليبي في الوقت بدل الضائع، بعد تراجع دورها بسبب الأزمة الداخلية، وذلك صعب عليها في ظل تغيّر اللاعبين وتصلّب مواقف الفاعلين'.

وتابعت 'الجزائر ستحاول تقديم مبادرات سياسية لحل الأزمة بين الأخوة الفرقاء في ليبيا، وذلك بالتنسيق مع السلطات التونسية، غير أن الوقت لم يعد يسمح بمزيد من التأخر'، مشيرةً إلى أن مؤتمر برلين سيشهد طرح مبادرات الجزائر من قبل بعض الجهات المشاركة، وأنه من المنتظر أن تحضر في مؤتمر برلين بسفيرها لدى ألمانيا.

الجزائر تتمسك بالرفض

وجاء رد الجزائر تزامناً مع موافقة البرلمان التركي، بالغالبية، على مذكرة تفويض طلبها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإرسال جنود إلى ليبيا دعماً لحكومة 'الوفاق' التي يقودها فايز السراج، تحت غطاء 'حماية المصالح الوطنية انطلاقاً من القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية، والتي مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية في ليبيا'.

وفي هذا الشأن، اعتبر أستاذ القانون الدولي إسماعيل خلف الله في حديث لـ 'اندبندنت عربية'، أن 'الملف الليبي أصبح محل صراع دولي، ودخول تركيا على الخط يندرج في هذا الإطار، لكن تصريحات أردوغان بخصوص مشاركة الجزائر في مؤتمر برلين، تُصنّف في خانة المناورة والإحراج للدول الفاعلة في الملف الليبي'، وختم أن 'الجزائر غابت بشكل رهيب بعد سحب الملف من تحت أقدامها باتجاه الصخيرات المغربية، وهي تقف على مسافة واحدة من السراج وحفتر، لأنها المعني الأول بما يحدث في ليبيا لاعتبارات عدّة، أهمها الحدود الطويلة'.