اخبار الجزائر
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١ كانون الأول ٢٠٢٥
توقع فارق بـ40 مليار دولار عام 2026 بما يعادل 12.4% من الناتج الداخلي الخام والحكومة تدافع... تمويله عبر الاستدانة الداخلية
أثار قانون الموازنة لعام 2026 جدلاً واسعاً في الجزائر بعدما قدر العجز المالي بـ54 في المئة من إجمال النفقات، وهو ما اعتبرته بعض الطبقة السياسية والاقتصادية عجزاً تاريخياً يطرح استفهامات.
وعلى رغم التعديلات التي قدمها النواب خلال جلسات عرضه على المصادقة بالبرلمان، غير أنه أسقط غالبيتها ضمن نقاشات حادة، مرت الوثيقة على الغرفة السفلى في انتظار مجلس الأمة.
تتجه الجزائر إلى اعتماد قانون الموازنة الذي وصفته أطراف عدة بـ'التاريخي' بعدما بلغت المخصصات المالية أكثر من 135 مليار دولار، على رغم الانتقادات التي طالته لا سيما ما تعلق بحجم العجز المعلن ورهان الحكومة على الاستدانة الداخلية لتمويله، وسط تقلبات مستمرة في أسعار المحروقات التي تمثل المورد الرئيس للخزانة العمومية.
وفي حين منح القانون إشارات إيجابية تصب في إطار تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وبخاصة في مجالات رفع الأجور واستمرار دعم المواد الاستهلاكية والاستثمار، إلا أن المشروع توقع عجزاً يصل إلى 40 مليار دولار عام 2026 أي ما يعادل 12.4 في المئة من الناتج الداخلي الخام الذي رجح القانون ارتفاعه إلى نحو 323 مليار دولار، فيما تشير التوقعات إلى ناتج داخلي خام خارج المحروقات بنحو 280 مليار دولار.
وأظهرت مناقشة مشروع القانون صراعاً حول من له الحق في صياغة السياسات المالية لا سيما بعدما رفضت غالبية التعديلات، مما حول المشهد إلى مواجهة بين تعديل المشاريع وتعطيلها، إذ أودع النواب 77 مقترح تعديل دفعة واحدة.
غير أن مكتب المجلس قبل منها 12 تعديلاً فقط من حيث الشكل والمضمون، قبل أن تُحال إلى لجنة المالية والموازنة التي بدورها مررت خمسة تعديلات فقط في تقريرها التكميلي وأسقطت البقية عبر التصويت، مما أثار موجة تساؤلات حول التضييق على الصلاحيات الدستورية للبرلمان الذي أكد مكتبه بأن عدداً من التعديلات لم تكن مطابقة للقانون من حيث الشكل أو المضمون، وأن ما قُبل أو أُسقط خضع لنقاشات مطولة امتدت لساعات.
في المقابل قال النائب هشام بن حداد إن الحديث عن توازن مالي أمر غير منطقي، إذ 'من غير الممكن أن نتحدث عن توازن مالي في ظل تسجيل عجز بنسبة 54 في المئة مع استهلاك 70 في المئة من الاعتمادات المالية'، مضيفاً أن نصف الموازنة ممول بالاستدانة مما يشكل انحرافاً خطراً عن مبدأ الاستدامة المالية.
وأشار إلى أن صندوق ضبط الإيرادات وصل إلى مستوى صفري تقريباً بنهاية عام 2024، مما يعني أن الجزائر فقدت صمام الأمان المالي الذي كان يحميها من صدمات أسعار النفط.
من جانبه، اعتبر النائب سليمان زرقاني أن مشروع قانون المالية يفتقر إلى الانسجام مع قواعد المالية العامة، مشدداً على أن الحكومة أخفت عن الرأي العام لجوءها إلى التمويل الاستثنائي من بنك الجزائر دون إعلان رسمي، وانتقد التضارب الواضح في الأرقام، إذ تتحدث الحكومة عن نفقات غير متوقعة بقيمة 15 مليار دولار مقابل استهلاك 70 في المئة فقط من الاعتمادات المالية.
الحكومة التي وجدت نفسها في مواجهة عاصفة الانتقادات وأمام واجب التوضيح، ردت على لسان وزير المالية عبدالكريم بوالزرد الذي دافع عن مضمون المشروع بالقول إن العجز المقدر بنحو 5 آلاف مليار دينار (نحو 38.335 مليار دولار)، سيُموَّل عبر الاستدانة الداخلية من دون تأثير كبير في الأسعار أو معدلات التضخم، موضحاً أن مجموع الدين الداخلي يبلغ 18 ألف مليار دينار (ما يعادل 138 مليار دولار)، و'هذا الحجم يبقى تحت السيطرة لأن غالبيته ناتج من تمويل الخزانة للعجز الموازناتي والمشاريع العمومية الكبرى'.
وأكد وزير المالية أن المديونية الخارجية تبقى ضعيفة جداً، 'مما يمنح الجزائر هامش مناورة مالياً آمناً، مع توقعات بتحقيق نمو اقتصادي يبلغ 4.1 في المئة عام 2026، وارتفاعه تدريجاً إلى 4.5 في المئة بحلول عام 2028'.
في المقابل، توقع مشروع قانون المالية لعام 2026 الذي اعتمد 60 دولاراً كسعر مرجعي لبرميل النفط، أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي 4.1 عام 2026 ليبلغ 4.5 في المئة عام 2028، انطلاقاً من الأداء الإيجابي المتوقع للقطاعات خارج المحروقات وبخاصة الزراعة والصناعة والبناء.
ويتضمن زيادة كتلة الأجور بنحو 1.4 في المئة ليصل إلى 45 مليار دولار وهو ما يعادل الثلث من موازنة الدولة، أما المبلغ المخصص لدعم المواد ذات الاستهلاك الواسع كالحبوب والحليب والماء المحلى والطاقة والسكر والزيت والقهوة فيتجاوز 5 مليارات دولار، أما التحويلات الموجهة للأشخاص المستفيدين من منحة البطالة وعددهم يزيد على مليونين، فتفوق 3 مليارات دولار، وهو المبلغ نفسه تقريباً المخصص للمعاشات.
تحذيرات من تهديد السيادة
وضمن السياق ذاته، أشار حزب جبهة القوى الاشتراكية إلى أن الموازنة المبرمجة لعام 2026 تعاني عجزاً كلياً يفوق 5 آلاف مليار دينار (نحو 38.335 مليار دولار)، أي نحو 12.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام، مع ضعف في استهلاك اعتمادات الاستثمار وارتفاع مستمر في المديونية العمومية، إضافة إلى نفقات غير متوقعة تمثل نحو 12 في المئة من الموازنة، مبرزاً أن هذه الأرقام تعكس غياباً واضحاً لعناصر الجدية والشفافية المعترف بها عالمياً في تسيير المالية العامة.
وشدد الحزب ضمن بيان أن المشروع مبني على توزيع ريع المحروقات على رغم وعود الحكومة المتكررة بالحد من التبعية لها، معتبراً أن المشاريع الاستثمارية الكبرى في الموازنة على رغم الحديث عن زيادة نسبتها إلى 27.5 في المئة، فهي تمثل فقط 23 في المئة من الموازنة، وهو 'أقل من الاعتمادات المخصصة للتحويلات الاجتماعية والأجور، ومعظمها لن ينفذ على أرض الواقع'.
وحذر من استمرار العجز الهيكلي والمزمن، الذي يتوقع أن يبلغ 5186 مليار دينار عام 2026 (39 مليار دولار)، و5417 مليار دينار عام 2028 (39.6 مليار دولار)، وهو 'ما يهدد السيادة الوطنية ويزيد المديونية'.




















