اخبار الجزائر
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٦ أيلول ٢٠٢٥
رئيس الجهاز التنفيذي الجديد أمام تحديات برلمانية ومالية واجتماعية واقتصادية
يترقب الشارع كما الطبقة السياسية في الجزائر تغييراً حكومياً واسعاً بعد إقدام الرئيس عبدالمجيد تبون على إنهاء مهام الوزير الأول نذير العرباوي وتعيين وزير الصناعة سيفي غريب خلفاً له بالنيابة. وبين الجدال الذي أحدثته 'الإقالة' و'انتظار' الحكومة الجديدة يطبع التوجس المشهد العام أمام المواعيد والأحداث الذي تعيشها البلاد.
فتح تغيير رأس الجهاز التنفيذي الذي وصفته أطراف عدة بالمفاجئ المجال أمام الحديث عن تغيير حكومي شامل يرتقب الإعلان عنه خلال الساعات القليلة القادمة بسبب ضغط التوقيت والظروف، إذ إنه لا يفصل عن موعد الدخول الاجتماعي والمدرسي سوى أيام معدودة بتاريخ الـ21 من سبتمبر (أيلول)، ثم الاحتقان الذي خلفته حادثة سقوط حافلة في واد وأدي وإحصاء 18 ضحية، وما تبعها من تبادل اتهامات.
إضافة إلى المضاربة والاحتكار في مجالات عدة تعتبر حساسة، مما استدعى تدخل الرئيس تبون بإرساء تعليمات خلال اجتماع مجلس الوزراء بضرورة ضمان حاجات المواطنين ومواجهة الندرة في الأسواق بيد من حديد، وكذا انطلاق حدث اقتصادي ضخم بعد أيام أي في الرابع من سبتمبر، وهو معرض التجارة الأفريقية الذي سيحضره رؤساء دول وحكومات، إلى جانب المتغيرات الإقليمية والجوارية التي باتت تحديات لا يقبل حلها التأجيل أو التأخير.
وأنهى الرئيس تبون الخميس الـ28 من أغسطس (آب) الجاري عمل رئيس الحكومة نذير العرباوي بعد عامين من تعيينه ليصبح ثالث رئيس حكومة في عهده، وعين وزير الصناعة سيفي غريب وزيراً أول بالنيابة خلفاً له في انتظار تكليف رئيس حكومة جديد والإعلان عن التشكيل الوزاري.
يتحدث متابعون عن أن رئيس الحكومة المقبل يواجه ملزمات دستورية تتعلق بتقديم حصيلة عمل الحكومة عن العام السابق وعرض خطة عمل حكومته إلى جانب صياغة وتقديم قانون الموازنة الجديد لعام 2026 قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفق ما يحدده الدستور.
وتنص المادة 111 على أن الوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة يجب أن يقدم سنوياً إلى المجلس الشعبي الوطني البرلمان بياناً عن السياسة العامة تعقب مناقشة حول عمل الحكومة تختتم بلائحة.
وفي السياق يرى الحقوقي عبدالغني بادي أنه لا يوجد نص في الدستور يتحدث عن إجراء يعين من خلاله وزير أول بالنيابة وكل النصوص الدستورية لا تشير إطلاقاً إلى هذا المنصب وهذا التعيين، بل إن الدستور يتحدث عن تعيين وزير أول، مضيفاً أن فتح الباب مع إجراءات لا ينص عليها الدستور مسألة مثيرة للجدال وتطرح تساؤلات حول مدى احترام السلطة للدستور.
ويتابع بادي أن التوقيت يتزامن مع أيام قليلة قبل الدخول الاجتماعي، وهو ما يتطلب حداً أدنى من الاستقرار، لذا فإن التغيير الحكومي الواسع مستبعد، وختم بأن الأمر سيمس بعض الحقائب فقط مع الإبقاء على الطاقم نفسه.
من جانبه يعتقد المتخصص في علم الاجتماع السياسي مصطفى راجعي أن إنهاء مهام رئيس الحكومة العرباوي إجراء روتيني، وكان متوقعاً بعد المدة الطويلة نسبياً التي قضاها على رأس الحكومة، وقال 'من المتوقع أن يكون بداية لتعديل حكومي ينتظره كثر من المراقبين لإعطاء نفس جديد للدخول الاجتماعي والاقتصادي والثقافي القادم'، مضيفاً أن الحكومة القادمة من خلال تعيين وزير الصناعة على رأسها بالنيابة، يبدو أنها ستركز على ملف الصناعة وكل القطاعات المرتبطة بها، وأوضح أن الرئيس تبون يعول على إطلاق نهضة صناعية تأجلت، بخاصة في ملف السيارات الذي يشغل الرأي العام.
ويتساءل راجعي حول المانع الدستوري من تعيين وزير أول بالنيابة، متوقعاً أن يكون التغيير الحكومي المقبل محدوداً ومرتبطاً فقط بقطاعات تشكل الصناعة محوراً مشتركاً لها، من صناعة السيارات إلى صناعة الدواء. وختم بأن الرهان هو تعزيز الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على المنتجات النهائية المستوردة.
باشر الوزير الأول الجديد سيفي غريب مهامه في قصر الحكومة بالجزائر العاصمة خلفاً لنذير العرباوي وسط تساؤلات حول طبيعة مهمته التي لا يعلم حتى الآن، إن كانت موقتة لأنه عين بالنيابة أم سيجري تثبيته لاحقاً.
وخلال مراسم تسليم وتسلم المهام أكد الوزير الأول بالنيابة في تصريح مقتضب سعيه إلى تنفيذ برنامج الرئيس، مبرزاً أن كثيراً من الملفات تنتظره مع بداية الدخول الاجتماعي الذي يكون مصحوباً في العادة بانشغالات العمال والمهنيين وتطرح فيه قضايا القدرة الشرائية ومختلف المطالب الاجتماعية.
وشارك غريب في أول اجتماع ترأسه الرئيس عبدالمجيد تبون خصص لقطاع التجارة وضبط السوق الوطنية، وعرف حضور كبار المسؤولين من بينهم الفريق أول السعيد شنقريحة ووزير الطاقة محمد عرقاب وعدد من الوزراء والمستشارين ومديري المؤسسات الاستراتيجية كالديوان الوطني للحبوب ومجمع 'صيدال' الدوائي.
وفي الـ17 من سبتمبر 2024 قدم الوزير الأول المقال نذير العرباوي استقالة الحكومة مباشرة بعد أداء الرئيس عبدالمجيد تبون اليمين الدستورية لولاية ثانية، والذي أمره بتأجيل القرار لوجود ملفات مستعجل. وذكر بيان للرئاسة الجزائرية حينها أن رئيس الجمهورية أمر الوزير الأول بتأجيل القرار ومواصلة العمل لضمان الدخول المدرسي والجامعي والمهني وإعداد مشروع قانون المالية لعام 2025 قبل عرضه على البرلمان.
وسبق أن أقال الرئيس الجزائري في فبراير (شباط) الماضي وزيرين في الحكومة هما وزير المالية ووزير الصناعة الدوائية في أول تعديل حكومي يجريه في ولايته الرئاسية الثانية، وبعد شهرين من تشكيل حكومة ما بعد انتخابات الرئاسة، ولم يقدم بيان للرئاسة حينها، من دون تقديم دواعي وأسباب هذه الإقالة.
كان الرئيس تبون كشف في آخر حوار أجراه مع وسائل إعلام محلية في يوليو (تموز) الماضي عن إمكان إجراء تعديل حكومي مرتقب في ظل تقييم مستمر لأداء الجهاز التنفيذي، وأوضح أن التعديل سيكون حسب الحاجة والأهداف المسطرة، مشيراً إلى أنه جرى تسجيل وجود تحسن في أداء القطاعات الوزارية، وهو ما يشعر به المواطن اليوم، إلا أن 'القطاعات التي تسجل نشاطاً أقل تحتاج إلى مراجعة، مثلما يحدث في كل الدول'.