Mi – century: من هندسة المنازل إلى قتل من فيها

مفارقة غريبة يقدمها الشريط الجديد: mi – century للمخرجة الكندية سونجا أوهارا، عن مهندس مبدع في تصميم المنازل وفي الوقت نفسه لا يتورع عن قتل من يقطنونها وهو حي كما وهو متوفٍ.

يريد الفيلم الذي كتبه وأنتجه ولعب أحد أدواره مايك ستيرن، أن يؤكد مقولة تفيد بأن المجرم ليس الإنسان الفاشل بل يمكن أن يكون من بين المبدعين أو الأكثر وسامة، والميسور جداً مادياً.

وفي mi – century نرى النموذج فنصدق بعضه ونمرر البعض الآخر من دون اكتراث.

كيف يمكن تصور مهندس يقدم لزبائنه أجمل التصاميم الخارجية، ثم ينفذ هندسة داخلية مذهلة في جماليتها، وفي الوقت عينه ينظر بعين الإعجاب إلى اللواتي يدخلن المنزل من السيدات الجميلات ولا يطلب منهن شيئاً سوى الخضوع حتى يتخلص منهن ذبحاً.

يسير الشريط بخطىً طبيعية للوصول إلى غايته، يرصد أكثر من ثنائي يتحضران لحياة عائلية نموذجية وعندما يرى الوئام بين أي زوجين يتدخّل لفض سعادتهما فيقتل الزوجة وإذا أزعجه الزوج يقضي عليه هو الآخر، لكنه يقول للضحية إن حياته لم تعرف السعادة أبداً لأن زوجته ماتت باكراً وكأننا إزاء أزمة حسد لكل سعيدين غيره، إنه يعمل على ألا ينال غيره ما حُرم منه.

المخرجة كندية – 36 سنة، وهي ممثلة في الوقت نفسه وتلعب دوراً غير رئيسي في الفيلم كما هي فعلاً ممثلة في الأيام العادية، بينما لم يتضمن فريق الممثلين أية أسماء مشهورة سوى العجوز جداً بروس ديرن – 86 عاماً، وإسم فانيسا ويليامس في دور عابر، أما الباقون فإنهم غير فاعلين سينمائياً.

ونختار من بين الفريق الممثلة شيلسيا غيلليغان – 31 عاماً، طاقة فنية رائعة جداً وتجسد دور الطبيبة المتزوجة من توم ليفين – شاين ويست وهما يؤسسان لحياة عائلية مشتركة لكن شبح المهندس العبقري فريديريك بانر- يجسده الممثل ستيفان لانغ في لقطات ثابتة من دون حوارات طويلة سوى أنه هاجس فروحه السلبية المؤذية قادرة على إرتكاب الجرائم رغم مرور سنوات على وفاته.

بانر صنع المكان الجميل لكنه لم ينجح في الدخول إلى أي منزل صممه وأنجزه للعيش فيه مع من يحبه ويريده ولا يطيق أن يبتعد عنه، لذا لم يُرد لأحد أن ينجح في العيش سعيداً رغم أن زبائنه من الأثرياء ويدفعون له بسخاء.

القلق مخيم على كل الشخصيات في الشريط الذي يُفسح في المجال أمام السيناريست والمخرجة لتجسيد دورين في العمل، لكن طابع التشويق فيه يأخذه إلى المنطق البوليسي رغم الفشل الذي تعودناه في تحقيقات الشرطة غالباً في معظم القضايا التي نتابع فصولها في الأفلام.

ساعة و 45 دقيقة هي مدة الفيلم التي امتلأت بالأحداث بحيث لم نشعر بفراغات معينة أو إطالة كل ما في الأمر أن التركيز على لاعب الدور الأول شاين ويست ظهر وكأنه رهان في غير محله خصوصاً في ردود فعله على الكثير من القضايا التي واجهته في أحداث الشريط.