إعلام أميركي: لماذا يتحدى الديمقراطيون الأميركيون "إسرائيل"؟

موقع counterpunch الأميركي يشير إلى أنّ صمود الفلسطينيين وقدرتهم على التغلب على قيود وسائل الإعلام العالمية التي منعته من الحصول على أي تمثيل عادل، كان الركيزة التي رفعت من تأييد الأميركيين لهم ولقضيتهم.

تناولت مجلة 'كاونتربنش' الأميركية الدعم الأميركي لـ'إسرائيل' وقالت إنّه ليس 'كما في السابق'، وأضافت أنّه على الرغم من أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن، مؤيد أصيل للاحتلال الإسرائيلي، إلا أنّ هناك منظمات مدنية وحقوقية ومن داخل الحزب الديمقراطي، قد بدلت 'ولاءاتها من إسرائيل' إلى فلسطين.

على الرغم من أنّ الولايات المتحدة لا تزال داعماً قوياً للاحتلال لـ'إسرائيل'، إلا أنّ هُناك بعض المؤشرات على أنّ العلاقة 'غير القابلة للكسر' منذ تأسيس الاحتلال، تتعثر اليوم، ولو بحدود تغيير لغة المخاطبة أكثر مما هي اجراءات عملية فعلية.

عقب 'مسيرة العلم' الاستفزازية في الأسبوع الماضي، والتي ينفذها متطرفون يهود سنوياً في الحواري الشرقية لمدينة القدس الفلسطينية المحتلة، أدانت الولايات المتحدة إلى جانب العديد من الدول حول العالم العنصرية التي أظهرها المستوطنون خلال الحدث.

مع أنّ وزارة الخارجية الأميركية استخدمت لغة حازمة في نقدها لـ'المسيرة'، إلا أنّها لم تنتقد الحدث في حد ذاته بقدر نقدها للشعارات والتحريض التي شارك في إطلاقها مسؤولون إسرائيليون ووزراء في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة.

وغرد الناطق بإسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر على موقع تويتر، أنّ 'الولايات المتحدة تعارض بشكل قاطع اللغة العنصرية بأي شكل من الأشكال'، مضيفاً 'ندين الهتافات البغيضة مثل الموت للعرب خلال مسيرات القدس'.

مع ذلك، لا تزال تعابير الولايات المتحدة عن مواقفها تجاه دولة الاحتلال يتم اختيارها بعناية شديدة، بحيث لا تظهر على أنّها إدانة لـ'إسرائيل' نفسها. وفي الوقت عينه، لا يمكن عدم ملاحظة تطور اللغة الأميركية الأكثر 'توازناً' من مواقفها السابقة، حيث كانت تعابير 'الإدانة' موجهة على الدوام إلى الفلسطنيين.

من ناحية أخرى، خلال الحرب الإسرائيلية الدامية الأخيرة على غزة، لجأت واشنطن إلى نفس السيناريو القديم، وهو أنّ لـ'إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها'، وتحت هذا العنوان يتم تحريف الأحداث والحقائق لتغطية العدوان، ويوحي أنّ نتنياهو 'يدافع عن إسرائيل' ضد العنف والإرهاب الفلسطيني المفترض. لكن هذا المدافع المزعوم عن 'الحقوق الإسرائيلية' لم تتم دعوته بعد إلى البيت الأبيض بعد 5 أشهر من عودته إلى السلطة على رأس أكثر حكومات الاحتلال يمينية في تاريخه.

البعض من المراقبين يعتقد، بأنّ قرار إدارة جو بايدن بالابتعاد عن نتنياهو كان قراراً للإثارة البرانية، ولا يطال الدعم الأميركي السخي لـ'إسرائيل' بالسلاح والمال وبكل وسيلة أخرى.

لا ريب، أنّ سوء تقدير نتنياهو الكبير في الماضي، حين انقلب على الحزب الديمقراطي، وتحالف بالكامل مع الجمهوريين في عهد دونالد ترامب، هو الذي جاء بنتائج عكسية بعد عودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض.

الرئيس الأميركي مؤيد أصيل لدولة الاحتلال الإسرائيلي. و دعمه لـ'إسرائيل' ليس سياسياً فحسب، بل أيديولوجياً أيضاً.

يكرر ويتفاخر في عدة مناسبات ويصرح: 'أنا صهيوني، ولا يجب أن تكون يهودياً لكي تكون صهيونياً'. لكن بايدن أيضاً مناهض لنتنياهو، وهي كراهية سبقت علاقة 'الغرام' بين ترامب ونتنياهو. ويعود ذلك في الغالب إلى فترتي ولاية باراك أوباما، عندما كان بايدن نائب الرئيس، وعرف أنّ نتنياهو ببساطة لا يمكن الوثوق به.

ومع ذلك، لا يمكن لبايدن، الذي يتمتع بمعدلات تأييد منخفضة 'تاريخية' بين الأميركيين، أنّ يتحدى بمفرده نتنياهو واللوبي الإسرائيلي المؤثر في واشنطن. ولكن هناك منظمات مدنية وحقوقية ومن داخل الحزب الديمقراطي، قد بدلت 'ولاءاتها من إسرائيل' إلى فلسطين.

كان هذا التأكيد غير وارد في الماضي، لكن هذا التغيير حقيقي، وأكدته مراراً وتكراراً شركات استطلاعات الرأي الموثوقة، آخرها خلص إلى أنّه 'بعد عقد أظهر فيه الديمقراطيون تقارباً متزايداً تجاه الفلسطينيين، بنسبة تتفوق على التعاطف مع إسرائيل بـ20%'.

النائبة الأميركية بيتي ماكولوم، المعروفة بمدافعتها الدائمة عن حقوق الفلسطنيين، تقدمت بمشروع قانون مدعوماً من 15 عضواً من زملائها، يمنع 'إسرائيل' من استخدام أموال دافعي الضرائب الأميركيين في الضفة الغربية المحتلة، أو للاحتجاز العسكري أو الإساءة في معاملة الأطفال الفلسطينيين.

قبل ذلك بعامين، ذكرت صحيفة 'إنترسيبت'، أنّ ماكولوم وأنصارها كانوا يدفعون باتجاه منع المساعدات الأميركية لـ'إسرائيل'، من خلال تشكيل رأي عام أميركي ضاغط من داخل أروقة الحكم وفي المجتمع.

هذا الأسبوع، ذكرت صحيفة 'نيويورك بوست'، أنّ العديد من المشرعين الديمقراطيين تقدموا بمقترحات تشريعية جريئة، تهدف إلى منع الجمعيات الخيرية الأميركية، من تمويل 'المستوطنات اليهودية الإسرائيلية غير القانونية'.

عدة أسباب تدفع للاعتقاد بأنّ التحول في سياسة الولايات المتحدة تجاه فلسطين والاحتلال الإسرائيلي، سيستمر على الأرجح بالرغم من تباطؤه. و'إسرائيل' المتجهة بقوة نحو التطرف والانغلاق سيصعب الدفاع عنها من قبل الحكومة 'الليبرالية' ومن وسائل الإعلام الأميركية.

إحداها هي حقيقة أنّ 'إسرائيل' تتجه نحو القومية اليمينية المتطرفة، والتي يصعب بشكل متزايد الدفاع عنها من قبل الحكومة الليبرالية ووسائل الإعلام الأميركية.

ولا شك، أنّ صمود الفلسطينيين وقدرتهم على التغلب على قيود وسائل الإعلام العالمية التي منعته من الحصول على أي تمثيل عادل، كان الركيزة التي رفعت من تأييد الأميركيين لهم ولقضيتهم، بمقابل تضاؤل الدعم الأميركي لـ'إسرائيل' مما سمح للمشرعين الشجعان بالضغط من أجل تغيير جوهري في سياسات بلادهم بمعدلات غير مسبوقة.