اخبار الجزائر
موقع كل يوم -الحرة
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٣
تشهد فرنسا نقاشا 'حادا' حول الهجرة مع اقتراب تقديم قانون جديد ينظمها، فيما يضغط اليمين الفرنسي على الحكومة لتشديد القوانين الخاصة بالقادمين من شمال أفريقيا وإلغاء اتفاق مع الجزائر يمنح أفضلية لمهاجريها.
وشددت دوائر اليمين من انتقاداتها لقوانين الهجرة في فرنسا، وشن سفير فرنسا السابق لدى الجزائر، كزافييه درينكور، هجوما على اتفاقية، عام 1968، بين البلدين، داعيا إلى مراجعتها حتى لو تطلب الأمر 'المُخاطرة بأزمة دبلوماسية'.
ويرى الدبلوماسي الفرنسي أن الاتفاق مفيد أكثر للجزائريين، وأن على فرنسا مراجعته من أجل' تنظيف علاقتها مع الجزائر'.
ما هو اتفاق 1968 ؟
وقع الاتفاق، في 27 ديسمبر من 1968، وهدفه تسهيل حركة وعمل وإقامة الجزائريين في فرنسا.
وتوضح وزارة الداخلية الفرنسية أن الاتفاقية تهدف إلى تسهيل دخول الجزائريين إلى فرنسا شريطة الدخول المنتظم.
وبموجب الاتفاقية، يستفيد الجزائريون من حرية تأسيس الشركات أو ممارسة مهنة حرة، كما يستفيدون من تسريع إصدار الإقامة، الذي يكون ساري المفعول لمدة 10 سنوات.
وينص الاتفاق على دخول 35 ألف عامل جزائري إلى فرنسا سنويا لمدة ثلاث سنوات. ويتمتع المهاجرون الجزائريون بالعديد من المزايا المتعلقة بتصاريح الإقامة ولم شمل الأسرة التي لا يتمتع بها المهاجرون من جنسيات أخرى، وفق موقع 'كل شي عن الجزائر' بالفرنسية.
ويقر المحلل الجزائري، حكيم بوغرارة، أن الاتفاقية تمنح بعض الأفضلية في مجال الإقامة والعمل للجزائريين.
وكان الهدف من الاتفاق الجزائري الفرنسي، لعام 1968، هو ملء الفراغ القانوني الناتج عن استقلال الجزائر قبل ست سنوات، في عام 1962، إذ كانت فرنسا تعتبر الجزائر تابعة لها إداريا وليست مستعمرة.
وفي السنوات الأخيرة، تحولت الاتفاقية إلى محط انتقادات السياسيين الفرنسيين، خاصة من اليمين المعادي للهجرة.
والعام الماضي، تعهد المرشح اليميني المتطرف للرئاسة الفرنسية، إريك زمور، بأن يكون إلغاء الاتفاقية من أهم أولوياته.
وقال زمور إنه مصمم خصوصا على إلغاء الاتفاقية الفرنسية الجزائرية.
وقبل أيام، كشف الحزب اليميني التقليدي 'الجمهوريون' النقاب عن اقتراح مزدوج، يتجسد بمشروع قانون تقييدي للهجرة ومراجعة الدستور لإعطاء الأولوية للتشريعات الوطنية على القوانين الأوروبية والمعاهدات الدولية، على الأقل فيما يتعلق بإدارة الهجرة لتحجيم دور الاتفاقية.
أما سفير فرنسا السابق لدى الجزائر، درينكور، فيرى أن الاتفاق مع الجزائر، الموقع في 1968، يجب مراجعته، وفي مقابلة مع مجلة 'لوبوان'، أوضح أن أحكام الاتفاق 'باهظة' وأنه لا توجد إمكانية للتحايل عليها طالما أن الاتفاقات الدولية لها الأسبقية على القانون. وقال إن الأمر يبدو كما لو أن قوانين الهجرة الفرنسية لا تنطبق على الجزائريين.
وفي مقال على موقع 'فونادبول' يتهم الدبلوماسي الفرنسي السابق الجزائر بأنها لا تفي بالتزاماتها، بالأخص فيما يتعلق بإصدار جوازات مرور قنصلية لترحيل المهاجرين من فرنسا. ووفقا للأرقام التي قدمها السفير السابق ذاته، يمثل الجزائريون 12 في المئة من إجمالي عدد المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا.
توتر جديد للعلاقات
ويشير موقع 'كل شي عن الجزائر' بالفرنسية إلى أن خطوة الدبلوماسي الفرنسي السابق سيكون لها عواقب وخيمة على العلاقات بين البلدين، قد تصل إلى حد قطع العلاقات بين الجزائر وباريس.
ويرى السفير السابق أن تدفق الهجرة من الجزائر يستمر بسبب ' المشاكل التي يعاني منها الشباب الجزائري في الجزائر'.
وفيما يخص الموقف الآخر من الاتفاق، فيشير موقع 'كل شيء عن الجزائر' إلى أن الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، قال، في ديسمبر الماضي، في مقابلة مع صحيفة 'لوفيغارو' إن الجزائر ملتزمة باتفاقية الهجرة لعام 1968. وقال إنه طالما أنها سارية المفعول، يجب احترام هذه الاتفاقات.
ويؤكد المحلل الجزائري، بوغرارة، في حديثه لموقع 'الحرة' أن تشديد اليمين لخطابه ضد الاتفاقية يأتي في ظل التحولات الأخيرة وخاصة المتاعب الاقتصادية والمالية التي تطرحها الحكومة الفرنسية واليمين المتطرف كارتفاع الدين العام لـ 3000 مليار يورو، ومتاعب صناديق التقاعد'.
ويرغب اليمين وحتى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في هجرة انتقائية، ويرى بوغرارة أن تقليص التأشيرات لبلدان شمال أفريقيا يدخل في هذا الإطار، وهو ضمن خطوات استباقية للتخلص من ملف الهجرة بصفة نهائية.
وفي أبريل الماضي، أعلنت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيت بورن، أن مشروع قانون الهجرة الذي يريده ماكرون لن يُقدَّم على الفور لعدم توفر الأغلبية.
وتسعى الحكومة الفرنسية إلى إقرار قانون جديد للهجرة يغير بعض شروط الإقامة، ومنها اشتراط اتقان الحد الأدنى من اللغة الفرنسية لإصدار أول تصريح إقامة متعدد السنوات، وتسهيل طرد الأجانب الذين تم تجريمهم في فرنسا، وإجراء إصلاح هيكلي لآليات منح اللجوء.
وفي مارس الماضي، كان قد تظاهر مئات الأشخاص في محافظات فرنسية عدة، احتجاجا على قانون اللجوء والهجرة الجديد. وندد المتظاهرون بالمناخ السياسي العام المعادي للمهاجرين.