العوام من الشعب هم الضحايا تحت وطأة إجرام النازحين

كيف لا!؟

أيها الساسة، نحن نسمع في كل يوم عن أكثر من جريمة ارتكبها بعض النازحين، ووزارة الداخلية نفسها تفيد أنّ ما يفوق الـ50 في المئة من نزلاء السجون في لبنان هم من النازحين، وسياسيو لبنان منشغلون بالمحاصصات الطائفية والمناطقية والإملاءات الخارجية، إذ أنّه لا يُخفى على أحد أنّ لبنان في كل تاريخه، ينتقل من وصاية إلى وصاية.

هناك وصاية بعض الدول الأوروبية، خير مثال على ذلك، وإملاءاتها على بعض الأطراف السياسية في لبنان في موضوع انتخاب رئيس للجمهورية. لكن هذه الدول نفسها فشلت في حلّ مشكلة مع النازحين، ولا تعرف كيف تجد الحل، ولديها أزمات اقتصادية وسياسية داخلية، فكيف لها أن تساعدكم وهي تملي عليكم إملاءات، وهي لا تستطيع مساعدة نفسها؟ ألا ترون أيها الساسة أننا أمة لا تفكّر إلّا تفكيراً سلبياً منمطاً على مستوى واحد، أي عدم التفكير.

أما عن الوصايات الشرقية عربية كانت أو غيرها، فحدّث ولا حرج. إنّ الذي يطلب منكم أن تبقوا النازحين في لبنان هدفه إحداث شرخ بين النازحين والشعب اللبناني. ودليلي الى ذلك، إنّهم يدفعون لهؤلاء النازحين معاشات شهرية بالفريش دولار، ويقدّمون لهم الدواء ويدفعون لهم الطبابة في أفضل المستشفيات، فيما الشعب اللبناني يموت على أبواب المستشفيات ولا يملك ثمن طبابته ودوائه. وانتم كحكومة خير شاهد على هذا الأمر، لا تستطيعون دفع رواتب الموظفين في القطاع العام. والسؤال: لماذا لا تكون في لبنان كبقية الدول الحكومات الذي تتخذ قرارات سيادية ووطنية بامتياز من أجل مصلحة الشعب وليس من أجل مصالح السياسيين الخاصة، الذين عليهم ان يدركوا تماماً أنّ كرامتهم من كرامة الشعب الذي جاء بهم إلى السلطة عبر انتخابات ديموقراطية، وان يكون همّهم الوحيد مصلحة الشعب؟؟

أنتم أيها الساسة عليكم أن تعملوا في اتجاه ما يصبّ في مصلحة الشعب والوطن. والحل لمشكلة النازحين لا يكمن تحت وصاية شرقية كانت أم غربية. الحل يكمن في إيفاد وفد رسمي من الحكومة اللبنانية للتفاوض مع الحكومة السورية، وأن يكون هذا الوفد منتمياً إلى لبنان وشعبه لكي تحلّ مسألة النازحين بطريقة سلمية وأخوية، وبما يحفظ كرامة الشعبين اللبناني والسوري. فمن المؤكّد أنّه لم يعد يُخفى على أحد ما هو الثمن الذي سيدفعه الشعب اللبناني في حال اندلاع حرب بين النازحين والشعب. يا ساستنا الكرام، أتمنى أن تتعظوا من الحرب الأهلية التي اندلعت في السبعينات من القرن الماضي، وكان سببها أيضاً مشكلة اللاجئين والانتماءات والولاءات الخارجية والوصايات التي ما زلنا ندفع ثمنها حتى يومنا هذا. فكفى بكم وعظاً ما تشاهدونه من الجرائم اليومية التي نسمع عنها ونراها، وأنتم تشاهدون أنّ غالبية الشباب اللبناني تتسكع على أبواب السفارات للحصول على سمات الهجرة، وإن لم يجدوا فإنّهم يموتون في البحار طلباً للعيش الكريم، فيما النازحون ينعمون في خيراتهم، والسياسيون مشغولون بالمحاصصات الطائفية والمناطقية وتقاذف الاتهامات بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، والبعض منهم ينتظر الإملاءات الخارجية والتسويات الدولية، والشعب يموت إن لم يكن من الجوع فبقدر بعض المجرمين.

أيها الساسة، أرجو ألّا يحمل كلامي على محمل التحريض على أحد. ولكن يكفي الشعب اللبناني المعاناة التي يعانيها في كل يوم، فهذا الوضع الذي نحن فيه لم يعد يتحمّل السكوت، يجب عليكم أيها الساسة ان تجعلوا ملف النازحين من أولوياتكم الوطنية. الأمر يحتاج منكم الجدّية والموقف الشجاع، وأن تضعوا خلافاتكم السياسية والطائفية والمناطقية جانباً لكي لا نقع في المحظور، فعندها لن يسلم أحد ولن تبقى لكم مقاعد تجلسون عليها، فيحدث لكم ما حدث للبيزنطيين في القسطنطينية عندما انشغلوا في الجدل.

أتمنى ألّا تنطبق علينا في لبنان مقولة: «لو ناديت حياً لأسمعت.. لكن لا حياة لمن تنادي.. ولو ناراً نفخت بها لأضاءت لكن أنت تنفخ في رمادي».

أيها الساسة، علينا ألّا ننسى وينبغي النظر إلى القول لا إلى القائل، في حين أنّ في السياسة ينبغي النظر أولاً إلى القائل ثم إلى القول. يجب ألّا نكون أمّة تفكر تفكيراً أحادياً نمطياً، لأنّها في الحقيقة لا تفكّر، إذ انّ الأفكار لا يمكن صوغها في قالب واحد، إلّا في حالات الكبت والاختناق. فأطلقوا العنان لحرّية التفكير وتعدديته، فتبنون الوطن وتكونون الحماة.