اخبار لبنان
موقع كل يوم -ليبانون ديبايت
نشر بتاريخ: ١١ أيار ٢٠٢٤
'ليبانون ديبايت' - فادي عيد
مما لا شك فيه أن جريمة اغتيال المسؤول القواتي باسكال سليمان، فجّرت قضية النزوح السوري الخطير، ثم تصاعدت المخاوف والهواجس مع زيارة الرئيس القبرصي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فوندرلاين إلى بيروت، والإعلان عن 'الهبة ـ الرشوة' المتكئة على القرارات الأوروبية التي تتعمّد إبقاء النازحين السوريين في لبنان، وذلك في الوقت الذي بقيت فيه الإتصالات مع النظام السوري مقتصرة على بعض الوعود الخجولة والمبهمة، إن لم نقل المتعمّدة، تنتظر زيارة المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري إلى العصمة السورية ولقاء المسؤولين فيها عن ملف النزوح.
وترى مصادر سياسية مسيحية أن 'مفتاح الحل أولاً وأخيراً لهذا الملف هو لبناني ـ سوري ـ دولي، ولا يمكن استثناء أي طرف من هذه الأطراف الثلاثة من أجل إنجاح عملية إعادة النازحين الذين يزيد عددهم عن المليونين ونصف نازح، وقد تكون عملية إعادتهم من الأضخم في العالم، وتتابع المصادر، أنه على الصعيد الداخلي أيضاً، فإن حلّ ملف النزوح السوري بحاجة إلى إجماعين، الأول إجماع ديني مسيحي ـ شيعي ـ سنّي ـ درزي برؤية واحدة وكلام واحد لتشكيل قوة ضاغطة لحصول الإجماع السياسي في هذا الملف، لأنه يمكن لبعض الجهات السنّية أن ترفض ترحيلهم على خلفية وجود مخاطر أمنية في حال عودتهم، ثم ينبري أحد الأطراف الشيعية للقول بأنهم سيشكلون خللاً ديموغرافياً، ويطرح أحد الدروز أن لا مشكلة في بقائهم، فهذا الموضوع بحاجة إلى إجماع ديني، وآخر سياسي، لا سيما في ظل وجود نزاع سياسي حوله بالإضافة إلى الشعبوية التي تمارَس بين الأفرقاء السياسيين لتبنّيه.
وإذا كان المسيحيون هم في مقدمة الداعين إلى ترحيل السوريين، فإن وضع الآليات اللازمة لذلك دونه صعوبات ومحاذير، حيث أن المصادر المسيحية نفسها، تتحدّث عن أن بكركي قد استشعرت الخطر المحدق بالوجود المسيحي، وترأست الحراك في هذا الملف، ولكن الإيقاع المعتمد لجهة السرعة في عقد اللقاء أمس الأول في الصرح البطريركي، ساهمت في تحويل الإستنفار إلى ما يشبه 'الدعسة الناقصة' التي لم تحقّق الوقع المطلوب الذي كانت تصبو إليه بكركي على صعيد جمع كلمة اللبنانيين بوجه خطر النزوح السوري، لأنه لا يجوز للبطريركية المارونية أن ترعى لقاءً يتناول ملفاً مصيرياً ووجودياً، من دون أن يكون لديها الوقت الكافي للإعداد والتحضير عبر التواصل مع كل المرجعيات الروحية، ليأتي أي تصوّر مبنياً على إجماع كامل يشمل كافة تلاوين المجتمع اللبناني، كي لا تتعرّض لسهام المزايدات بالوطنية والطائفية.
فكان الأحرى بالذين أعدّوا هكذا لقاء، أن يرفعوا السقف عالياً ويعمدوا إلى إعداد قمة روحية على مستوى 'من أعطي له مجد لبنان'، بحسب المصادر ذاتها، لمناقشة ملف على جانب كبير من الحساسية والخطورة والدقة، 'ومثل هكذا لقاء كان بالإمكان عقده في مطرانية مثلاً، لا سيما وأن لا نتائج محسوسة تمخّضت عنه، وخصوصاً في حال لم يُستتبع بلقاءات أخرى تكون لها نتائج أكثر فاعلية تحقّق الأهداف المنشودة.