اخبار فلسطين

وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ثقافة وفن

المؤرخ أبو النصر يلقي ندوة حول "صراع الرواية والتاريخ في اليوم السابع"

المؤرخ أبو النصر يلقي ندوة حول "صراع الرواية والتاريخ في اليوم السابع"

klyoum.com

القدس- معا- قدم المؤرخ الفلسطيني حسام أبو النصر ندوة حول صراع الرواية والتاريخ ضمن ندوات اليوم السابع المقدسية، باستضافة الكاتبة والاديبة ديما السمان، عبر "الزوم".

وتناول أبو النصر هذه الجدلية القائمة منذ سنوات، وبدأ بتعريف مفاهيمي للمصطلحين، مما يفسر الفرق بينهما، وحالة اللغط وسببها في تداخل المفاهيم وان جزء من انواع الرواية تعتمد على التاريخ، وأكد أن الروائي يملك أدوات يتحكم بها، أما المؤرخ له أدوات تحكمه من منهجية علمية، ودلائل مادية لتؤدي في النتيجة لاستخلاص الأحداث، فيما يحق للروائي استحضار التاريخ في كتابة روايته، ولا يحق للمؤرخ استحضار الرواية في كتابة التاريخ.

وتناول أبو النصر "نشأة الجدال بين الرواية والتاريخ حيث صاحب احتلال اسرائيل لفلسطين، هذا الجدل، وكان يجب التفريق بين الرواية الاسرائيلية كمصطلح، والرواية الفلسطينية كمصطلح، والتاريخ الفلسطيني كمصطلح، وقد ساهم المؤرخون الجدد الاسرائيليين في نشر مفهوم الرواية والسردية باعتبارهم كانوا مجددين واعتبروا مصححين للرواية الاسرائيلية، منهم ايلان بابيه، وبني مورس، وشلومو ساند وآخرون، وقد حمل الكثير منهم، ادانة لاسرائيل في عمليات تزوير للتاريخ الحقيقي، والذي واكب العمليات الصهيونية ليجد تبرير للاحتلال العسكري، عبر ادعاءات تاريخية، اسطورية، صهيونية، دينية، وكل ذلك صنف في اطار الرواية الاسرائيلية المزيفة، وهذا تعريف سياسي وليس أدبي، بإعتبار ان كل ما حملته قصص اسرائيل القديمة والحديثة يندرج كثيراً منه في إطار الأسطورة والخيال والادعاء والكذب والتوظيف، وغير ذلك".

وتابع "فيما الرواية الفلسطينية كمصطلح جاء متسرعاً من حيث الشكل لرد على الرواية الاسرائيلية أي لتكون رواية مقابل رواية اخرى أو ما نسميه رواية مضادة وأيضاً ذلك جاء في اطار التعريف السياسي للمصطلح، فأصبح لدينا روايتين فلسطينيين، رواية أدبية ابداعية وفنية وجمالية بما تحمله من أفكار وقيم وموروث شعبي وثقافة وقصص وحكم ومرويات وسردية، وما غير ذلك، ورواية فلسطينية اخرى سياسية تستند فقط للتاريخ لترد على الادعاءات الاسرائيلية منذ استكشاف صندوق فلسطين 1865م أو ما قبل ذلك بظهور المستشرقين، وهنا أصبح خلط في المصطلح بين تعريف الرواية الادبية والرواية التاريخية السياسية، وغاب التاريخ كعلم وهذا له أسباب عديدة، أهمها، أن المؤرخون الفلسطينيون مثلهم مثل الشعب الفلسطيني وقعوا ضحية العدوان والتهجير والشتات".

كما استطرد أبو النصر ثغرات التاريخ التي أدت إلى الرواية، حيث أن كتابة التاريخ الفلسطيني وقعت في كثير من الأخطاء والثغرات التي مهدت الطريق للرواية الفلسطينية أن تكون بديلاً لو إلى حين، مع أن الرواية لا يمكن أن تكون بديلاً، أهم هذه الثغرات الأحداث السياسية منها اعتماد بعض المؤرخين في ثلاثينات القرن الماضي على الأرشيفات والكتابات والكتب الغربية، ومنها البريطانية (وزارة المستعمرات البريطانية مثلاً)، لكن أيضاً يحسب لمؤرخي تلك الحقبة انهم دونوا ما يستطعون كي لا تضيع الذاكرة، وهذا ما استندنا عليه فيما بعد، ومن اشهرهم عارف العارف، ابراهيم سكيك، ومصطفى الدباغ، ومن الثغرات أيضاً غياب دور المؤرخ وتهميشه، واعطاء الاهتمام للرواية الفلسطينية، وترويج على انها هي خط الدفاع الاول امام الرواية الاسرائيلية تحت شعار أن التاريخ العربي مزور.

كما تحدث أبو النصر عن المنظمة والسلطة ودورها في الجدلية، بعد اتفاقيات اوسلو، حيث كانت تميل كقيادة سياسية إلى الرواية وتبني الطابع الأدبي على حساب التاريخ، وكان هناك اهتمام بالأدباء والشعراء، بل كان هناك اتحاد للكتاب والادباء الفلسطينيين، في ظل غياب وجود اتحاد عام للمؤرخين الفلسطينين طوال الـ 75 عام من الصراع، في وقت نتحدث عن حرب تاريخية وجودية، فيما تحول عدد من المؤرخين الى موظفين لدى السلطة، وهذا أعاق عملهم وابداعهم وتميزهم وتفرغهم لكتابة التاريخ، فيما عزف الآخرون بعيداً عن هذا الجدل السياسي، وكتبوا بشكل فردي، بل أنه منذ نشأة السلطة لم يأتي ولا وزير ثقافة تخصصه تاريخ، في صراعنا التاريخي مع الاحتلال، المهم ظل وضع المؤرخ في تراجع ما بعد اوسلو بين صموده داخل الوطن من ممارسات الاحتلال ومقوماته الذاتية التي تستطيع دفعه على الاستمرار بالكتابة، وبين المؤرخ في الشتات الذي يعاني الشتات واللجوء وظروف اقتصادية صعبة، وقد حرص الاحتلال على تغييب التاريخ بعد اتفاقيات اوسلو ومراقبة المناهج التاريخية الفلسطينية ومحاربتها، وهذا دفع إلى إحلال الرواية محلها، وأوجد اشكاليات متجدة ومنشطرة.

وحول جدل حواراً أم صراعاً بين التاريخ والرواية، قال أبو النصر أنه قد يرى البعض ان ما يحدث ليس صراعاً بين التاريخ والرواية بقدر انه قد يكون حواراً، وهذا وارد في دول اخرى غير فلسطين بإعتبارها مستقلة، ولكن في الحالة الفلسطينية أصبح هناك تضاد وليس تكامل بين الرواية والتاريخ وأصبح البحث عن إثبات صحة الرواية وهذا غير مطلوب أصلاً لأن الرواية تبقى في سياقها وتعريفها المحدد ولا يمكن تجاوزه بأنها رواية تخضع للخيال وأحياناً للحقيقة، وليس مطلوباً من الروائي أن يأخذ دور المؤرخ.

وأشار أبو النصر إلى موضوع الدين والنص الديني في الرواية واثره على التاريخ واستحضاره في الروايات العربية ومنها الفلسطينية جعلنا في مواجهة حقيقية مع نوع جديد من التضاد، للأسف وقع فيه كثير من الروائيين.

وختماً أكد أبو النصر أنه مهم جداً أن يتم تعزيز مكانة وحضور التاريخ الفلسطيني ودور المؤرخ، مع الاحتفاظ بمكانة الرواية والروائي الفلسطيني كأدب مقاوم ومبدع وخلاق لا يخرج عن اطاره وتعريفه الحقيقي، خاصة أن علم التاريخ ثابت فيما الرواية متغيرة تحمل عدة أوجه.

يذكر أنه حضر اللقاء كثيراً من الكتاب والروائيين منهم القاص والكاتب الكبير د.محمود شقير، والروائي د. صافي صافي، والكاتب عمر صبرة، والكاتب المتخصص في شؤون الاسرى حسن عبادي، والباحث في التاريخ القديم نظمي يوسف، الباحثة روز اليوسف شعبان، والسفير عمر كتمتو، الدكتور نبال خليل، والاديب علي الجريري، والكاتب رشيد نجاب والباحث جورج حنضل، وآخرون وتم فتح باب النقاش الذي تناول أسئلة حول هذه الجدلية والفجوة بينهما.

*المصدر: وكـالـة مـعـا الاخـبـارية | maannews.net
اخبار فلسطين على مدار الساعة