اخبار الإمارات

بي بي سي عربي

سياسة

لماذا تشهد العلاقات الإماراتية الأمريكية "دفعة نوعية غير مسبوقة" في عهد ترامب؟

لماذا تشهد العلاقات الإماراتية الأمريكية "دفعة نوعية غير مسبوقة" في عهد ترامب؟

klyoum.com

غادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دولة الإمارات العربية المتحدة، الجمعة، في ختام جولته في الشرق الأوسط، التي شملت كلا من السعودية وقطر أيضا.

تعد جولة ترامب، التي بدأت في 13 مايو/أيار الجاري واستمرت لأربعة أيام، أول زيارة خارجية رسمية له في ولايته الثانية، باستثناء حضوره مراسم تشييع جنازة البابا فرنسيس في الفاتيكان.

أسفرت الزيارة عن صفقات بين دول الخليج وواشنطن بمئات المليارات من الدولارات، أبرزها ما أعلنته الإمارات بأنها ستستثمر 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، على مدى السنوات العشر القادمة.

"عودة تاريخية"

وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض زيارة الرئيس ترامب إلى الدول الخليجية الثلاث بـ "عودة تاريخية إلى منطقة الشرق الأوسط"، التي بدأ فيها زياراته الدولية خلال ولايته الأولى عام 2017 أيضا.

وقالت كارولين ليفيت إنه "بعد 8 سنوات، سيعود الرئيس ترامب ليؤكد من جديد على رؤيته المُستمرة لشرق أوسط فخور ومزدهر وناجح، حيث تقيم الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط علاقات تعاون، وحيث يتم هزيمة التطرف ليحل محله التبادل التجاري والثقافي".

الأكثر قراءة نهاية

حظيت الزيارة بترحيب كبير من دول الخليج الثلاث واهتمام إعلامي واسع، وانعكست إيجابيا على تعزيز العلاقات بين وواشنطن وتلك الدول.

وحصل ترامب بموجبها على تعهدات باستثمارات تصل إلى 600 مليار دولار من السعودية، و1.2 تريليون دولار من قطر، أما الإمارات فقد أعلن رئيسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال استقباله نظيره الأمريكي في قصر الوطن بأبوظبي، أن بلاده ستستثمر 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة على مدى السنوات العشر القادمة.

وقال بن زايد: "هناك شراكة قوية بين الإمارات والولايات المتحدة في مجال التنمية، وقد شهدت هذه الشراكة دفعة نوعية غير مسبوقة، خاصة في مجالات الاقتصاد الجديد، والطاقة، والتكنولوجيا المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والصناعة".

وتتمتع أبوظبي بعلاقات متميزة مع الولايات المتحدة تاريخيا على مستوى مختلف الإدارات الأمريكية، لكنها تشهد مزيدا من التقدم في ظل إدارة الرئيس ترامب.

تاريخ العلاقات

تابعوا التغطية الشاملة من بي بي سي نيوز عربي على واتساب.

اضغط هنا

يستحق الانتباه نهاية

تأسست العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة بعد فترة وجيزة من قيام دولة الإمارات عام 1971، وتم تدشين سفارة الإمارات في واشنطن عام 1974، وافتتحت الولايات المتحدة سفارتها في أبوظبي خلال العام ذاته.

وكانت الولايات المتحدة الدولة الثالثة التي تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع دولة الإمارات.

تمتعت الإمارات بعلاقات ثابتة ومستقرة مع واشنطن عبر الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لكنها شهدت تقدما ملحوظا خلال إدارة ترامب الأولى، التي بدأت عام 2017 وحتى مطلع عام 2021، حيث أصبحت أبوظبي أحدد أبرز حلفاء واشنطن بالمنطقة.

وكانت الاتفاقيات الإبراهيمية أو "اتفاقيات إبراهام" محطة بارزة في تلك العلاقات، وتم التوقيع على أولى تلك الاتفاقيات في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020، بين الإمارات والبحرين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، برعاية الولايات المتحدة مباشرة ودعم من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتلحق بهما السودان والمغرب بعد ذلك.

وعلى الرغم من تراجع نسبة التأييد العام للاتفاقيات الإبراهيمية في السنوات التالية، لاسيما في أعقاب الدمار الذي شهدته غزة بعد اندلاع حرب إسرائيل وحماس في أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، إلا أن الاتفاقيات الإبراهيمية ظلت قائمة في حد ذاتها، إذ تسهم هذه الاتفاقيات في دعم طموحات الإمارات، على سبيل المثال، وتساعدها في بناء نفسها كقوة عسكرية، إضافةً إلى كونها مركزاً للأعمال التجارية ووجهة سياحية مرموقة، بحسب جيرمي بوين، محرر بي بي سي لشؤون الشرق الأوسط.

ويتوقع أن تشهد إدارة ترامب الثانية، التي بدأت قبل بضعة أشهر، مزيدا من تعزيز العلاقات بين واشنطن وأبوظبي.

"نقاط اتفاق قوية"

تتشارك الإمارات والولايات المتحدة نقاط اتفاق قوية في قضايا عديدة في ظل إدارة ترامب، مما يرشح العلاقات لمزيد من التوثيق والتقدم، وفق الدكتور معتز سلامة، الباحث المتخصص في الشأن الخليجي بمركز الأهرام للدراسات السياسية بالقاهرة.

يرى سلامة أن الهدف الأساسي للإمارات هو دعم الاستقرار في البيئة الخليجية والإقليمية المحيطة، واستمرار الازدهار الاقتصادي الذي تعيشه الدولة، الأمر الذي يحققه ترامب.

يقول سلامة: "فيما يتعلق بالشأن الإيراني، لا ترغب الإمارات في اندلاع حرب أو مواجهة عسكرية مع إيران تهدد أمن الخليج واستقراره السياسي وازدهاره الاقتصادي، لأن رخاء وازدهار الإمارات مرتبط باستقرار الأوضاع على ضفتي الخليج وعلى جوانب هذه المنطقة في المحيط الهندي والبحر الأحمر، وأعتقد أن هذه نقطة أساسية من نقاط التوافق".

ويرى سلامة أن ترامب برغم تهديده بالعمل العسكري ضد ايران، "لكنه في قناعته الشخصية وتفضيلاته السياسية يضع هذا الأمر في المرتبة الثانية أو الثالثة، فهو بطبيعته لا يفضل الدخول في مواجهات عسكرية، وإنما يستخدم ذلك التهديد من أجل التوصل لأفضل اتفاق من وجهة نظرة".

كما تتفق الإمارات مع رؤية ترامب للحوثيين باعتبارهم مصدرا رئيسيا من مصادر عدم الاستقرار في منطقة البحر الأحمر، وفق سلامة، ناهيك عن كون الإمارات أول دولة خليجية تطبع علاقاتها مع إسرائيل ضمن الاتفاقيات الإبراهيمية، التي دشنها ترامب، مما جعلها "تتمتع بحظوة مهمة وأساسية لدى ترامب بشكل خاص، وهو يدعو دول الخليج الأخرى إلى أن تحذوا حذوها والتحلي بالنموذج الإماراتي والانضمام إلى تلك الاتفاقيات".

الرهان على دور الصفقات الاقتصادية في تسوية النزاعات السياسية أيضا من نقاط الاتفاق.

يقول سلامة: "ترامب مدخله الأساسي لتسوية النزاعات السياسية والنزاعات المسلحة هو الصفقات. كذلك أعتقد أن دولة الإمارات تسعى لبناء صفقات اقتصادية وتجارية مع الدول التي أحيانا يكون بينها مشكلات سياسية، فالرهان على الشراكة والانتعاش الاقتصادي رهان أساسي يجمع الامارات والولايات المتحدة في عهد ترامب".

"التوافق الشخصي"

يرى سلامة أن "وضوح شخصية الرئيس ترامب" يسهل على القادة الخليجيين ومنهم قادة الإمارات التعامل معه، فهو "رجل صفقات وذو شخصية قوية تجعله يمتلك القدرة على اتخاذ قرار أمريكي داخلي، يتجاوز به أحيانا مؤسسات وبيروقراطية الدولة الأمريكية"، وذلك على خلاف رؤساء آخرين يكون التعامل معهم على أساس مؤسسي وبيروقراطي.

ويضيف: "هذا الرئيس يتعامل بشكل مباشر مع القادة الخليجيين وتربطه بهم علاقات شخصية قوية. وأعتقد أن هذه الطريقة في التعامل تسهل الكثير من الأشياء، وتتجاوز الكثير من الصعوبات فيما يتعلق ببناء أسس العلاقات".

هناك نقطة محورية أخرى فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين حاليا، وهي "وجود قياديتين على نفس المستوى من الحكمة ونفس المستوى من القوة في كل من الامارات والولايات المتحدة"، وفق معتز سلامة.

ويشير سلامة إلى "الكيمياء الشخصية (التوافق الشخصي) في العلاقة بين محمد بن زايد وترامب... الرهان على الدور القيادي لكل رئيس في بلده مسألة مهمة ومتحققة جدا، وتساعد الامارات على أن تتخذ قراراتها على مدى السنوات الأربع من حكم ترامب بناء على رؤية واضحة، فيما يتعلق بمستقبل علاقاتها بالولايات المتحدة والتطورات الإقليمية".

هل هناك تحديات؟

لا يشير المراقبون إلى تحديات كبيرة قد تعرقل العلاقات بين أبوظبي وواشنطن في ظل إدارة ترامب، لكن ريهام محمد، الباحثة في شؤون الشرق الأوسط، تشير إلى "التقارب بين الإمارات والصين في مجالات كالبنية التحتية وشبكات الجيل الخامس، ما قد يثير قلقا في واشنطن حيال مستقبل التحالف الاستراتيجي مع أبوظبي، واحتمالية تأثير زيادة المنافسة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين على الإمارات".

يذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، قد فرضت قيوداً صارمة على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي الأمريكية إلى الشرق الأوسط – بما في ذلك الإمارات - ومناطق أخرى، وذلك لأسباب من بينها المخاوف من نقل أشباه الموصلات إلى الصين، حيث يمكن استخدامها في دعم القدرات العسكرية لبكين.

كما تشير الباحثة، في تقرير منشور على موقع "شاف" للدراسات السياسية، إلى أن "سياسات ترامب ربما تؤدي إلى زيادة الضغوط على الإمارات لتبني مواقف معينة تجاه قضايا حساسة، مثل العلاقة مع الصين أو إيران، ما يمكنُ أن يدخل أبوظبي في وضع معقد من حيث الموازنة بين مصالحها الإقليمية والدولية".

ربما يكون لوجهة النظر هذه اعتبار مهم، خصوصا في ظل الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس ترامب ضد الصين ودول أخرى في مستهل إدارته الثانية، وكذلك في حال فشل التوصل لاتفاق نووي بين إدارة ترامب وإيران بشأن برنامجها النووي.

ماذا في المستقبل؟

يقول معتز سلامة إن الفترة الرئاسية الأولى لترامب غلفتها إلى حد كبير أزمة الرباعي العربي – السعودية والإمارات والبحرين ومصر – مع قطر، وبالتالي لم يكن يوجه خطابا مشتركا لدول الخليج "وكان لديه مشكلة في التعامل معهم وفي علاقاته البينية معهم".

لكن في فترته الثانية يأتي ترامب إلى المنطقة في ظروف مختلفة، لأن دول الخليج "تدخل الآن في مزاج تعاوني وحديث مشترك وأهداف مشتركة الى حد كبير"، وبالتالي فإن ترامب يمثل فرصة أكبر ومزاجا ربما أكثر قربا لدول الخليج في فترته الثانية عنه في فترته الأولى.

ويستشهد بصفقة الاستثمارات الإمارتية بقيمة 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، معتبرا أن هذا معناه أن أبوظبي تبني في ظل عهد ترامب شراكة "ربما تدوم لمئة عام".

ويشكك مراقبون في إمكانية تنفيذ هذه الصفقات الضخمة المعلنة بشكل كامل، إذ ربما يتم تأجيل بعضها أو تجميده عند التفاوض على التفاصيل، خاصة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي وتصدير الرقائق الأكثر تقدما للإمارات، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي لدى دوائر في الحكومة الأمريكية، أو ربما بمجرد انتهاء رئاسة ترامب الثانية، أو عودة الديمقراطيين للبيت الأبيض.

ورغم ذلك يرى سلامة أننا بصدد علاقات بين البلدين "متقدمة بشكل مستمر. هذه العلاقات ليس فيها انكسارات، أو تحول من الصداقة إلى العداء، بل بالعكس فيها تقدير متبادل من الجانبين مهما تبدلت الإدارات أو القيادات، لكن في ظل إدارة ترامب فإن العلاقة مرشحة لمزيد من التطور على كافة الأصعدة".

*المصدر: بي بي سي عربي | bbc.com
اخبار الإمارات على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com