90% من السوريين تحت خط الفقر و5% فقط مشمولون بالتأمين الصحي: قطاع مهدد بالانهيار وخسائر تتجاوز 60 مليون دولار
klyoum.com
في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة، يواجه قطاع التأمين الصحي في سوريا خطر الانهيار الكامل، وسط ضعف التغطية وغياب الثقة بين شركات التأمين والجهات الطبية.
وبينما لا تتجاوز نسبة المشمولين بالتأمين الصحي 5% من السكان، تبرز الحاجة الملحة لإصلاحات جذرية تعيد لهذا القطاع دوره الحيوي في حماية المواطنين وتعزيز التنمية الاقتصادية.
وحسب تقرير نشرته صحيفة الوطن المحلية فإن معظم المؤشرات تشير إلى أن قطاع التأمين الصحي في سوريا يمر بمرحلة حرجة تهدد استمراريته، خاصة مع اقتصاره على العاملين في الجهات العامة، وضعف التغطية المقدمة للمستفيدين.
ووفقاً للباحث الاقتصادي إيهاب اسمندر، فإن ما يقارب 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، ما يجعل من التأمين الصحي نظاماً غير فعال في بيئة اقتصادية هشّة، حيث لا ينجح التأمين عادةً في المجتمعات الفقيرة.
ويصف اسمندر واقع التأمين الصحي في سوريا بأنه يعاني من ضعف في عدد المشمولين، إذ لا يتجاوز عددهم 900 ألف شخص، أكثر من نصفهم من موظفي القطاع العام الذين يشتركون بشكل إلزامي.
وهذا يعني أن فقط 5% من السوريين يتمتعون بتغطية تأمينية، مقارنة بدول مثل مصر التي تصل فيها النسبة إلى 66%.
أما من حيث حجم السوق، فقد بلغ إجمالي التأمين الصحي في سوريا العام الماضي نحو 60 مليون دولار فقط، مقابل أكثر من 384 مليون دولار في مصر، ما يعكس الفجوة الكبيرة في الاستثمار والفعالية.
ويُعزى هذا الضعف إلى التضخم الحاد وتذبذب الأسعار، مما يصعّب على شركات التأمين تقديم خدمات مستقرة وذات جودة.
كما تواجه شركات التأمين تحديات إضافية، أبرزها ضعف نسبة التحمل، وعدم الالتزام بسداد الفواتير الطبية، والتأخير في دفع التعويضات، ما يدفع العديد من الجهات الطبية إلى رفض التعاقد معها.
ويزيد الفساد من تعقيد المشهد، حيث يُساء استخدام العقود، في حين تؤثر العقوبات الدولية على نشاط إعادة التأمين، مما يضعف قدرة الشركات المحلية على مواجهة المخاطر.
ولإصلاح هذا القطاع، يقترح اسمندر مجموعة من الإجراءات، منها:
فرض معايير صارمة لجودة الخدمة على الشركات المرخصة
إلزام المواطنين القادرين بالاشتراك في التأمين الصحي
تحسين البنية التحتية الطبية وتطوير قواعد بيانات صحية دقيقة
تأهيل الكوادر الإدارية في مجال التأمين
محاسبة الجهات المقصّرة أو المسيئة لاستخدام العقود
إجراء دراسات جدوى لجذب الاستثمارات في التأمين الصحي
ويؤكد اسمندر أن التأمين الصحي لا يقتصر على الفوائد الاجتماعية، بل يحمل مكاسب اقتصادية مهمة، منها تحسين إنتاجية العاملين، تقليل فترات التغيب، وجذب المستثمرين الذين يقيّمون مدى تطور أنظمة التأمين في الدول التي ينوون الاستثمار فيها.
كما أن التأمين يخلق فرصاً للادخار والاستثمار، ما يجعله عنصراً أساسياً في النمو الاقتصادي.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كان التأمين الصحي استثماراً مربحاً، شدد اسمندر على أن نجاحه يعتمد على إدارة المخاطر بشكل احترافي، ونقل جزء منها إلى شركات إعادة التأمين، إلى جانب استثمار الأموال بطريقة تحقق التوازن بين الربح والخدمة الاجتماعية، مما يجعل التأمين الصحي مجالاً واعداً للاستثمار المستدام.