اخبار السعودية

الخليج أونلاين

سياسة

تملك الأجانب للعقار بالسعودية.. خطوة تاريخية لتعزيز الاستثمار وتحفيز النمو

تملك الأجانب للعقار بالسعودية.. خطوة تاريخية لتعزيز الاستثمار وتحفيز النمو

klyoum.com

سلمى حداد - الخليج أونلاين

- السماح بتملك العقارات لغير السعوديين يعكس تحولاً استراتيجياً لتعزيز الاستثمار الأجنبي وتنويع الاقتصاد

- النظام يركّز على التملك ضمن نطاقات محددة مع اشتراطات خاصة للمدن المقدسة، لضمان التوازن بين التنمية والخصوصية

- القرار مدعوم بإصلاحات تنظيمية وتشريعية شاملة تُعزز الشفافية وتجعل السوق العقارية السعودية أكثر جاذبية عالمياً

في خطوة وصفت بأنها تاريخية ومفصلية، وافق مجلس الوزراء السعودي (8 يوليو) على نظام يسمح لغير السعوديين بتملك العقارات في المملكة، في إطار جهودها لتعزيز البيئة الاستثمارية وتنويع مصادر الدخل ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030.

هذا القرار يمثّل تطوراً جذرياً في السياسات العقارية السعودية، ويُعدّ أحد أبرز المبادرات الحكومية لفتح الاقتصاد أمام رؤوس الأموال الأجنبية، واستقطاب الشركات العالمية والمستثمرين الدوليين، خصوصاً في ظل الطلب المتزايد على العقارات السكنية والتجارية في مدن كبرى مثل الرياض وجدة.

وبحسب النظام الجديد، ستتولى الهيئة العامة للعقار مهمة اقتراح النطاقات الجغرافية التي يُسمح فيها لغير السعوديين بتملك العقارات أو اكتساب الحقوق العينية.

كما ستطرح اللائحة التنفيذية خلال 180 يوماً من نشر النظام في الجريدة الرسمية، ليصبح نافذاً في يناير 2026.

وأوضح وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل أن هذا النظام يوازن بين تشجيع الاستثمار وحماية مصالح المواطنين عبر آليات رقابية لضبط السوق وضمان التوازن العقاري.

وقال الحقيل، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية (واس): إن "صدور موافقة مجلس الوزراء على النظام المُحدَّث لتملُّك غير السعوديين للعقار في هذا التوقيت يأتي امتداداً للتشريعات العقارية الرامية إلى تنمية القطاع وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر الذي سُيسهم في رفع المعروض العقاري".

وأضاف أن "النظام المحدث يراعي مصالح المواطنين السعوديين من خلال وجود آليات تضمن ضبط السوق والامتثال للإجراءات المحددة الساعية إلى تحقيق التوازن العقاري".

وأشار إلى أن النظامَ راعى جميع الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، حيث سيُتاح التملُّك في نطاقات جغرافية محددة، خصوصاً في مدينتي الرياض وجدة، مع وجود اشتراطات خاصة للتملك في مدينتي مكة والمدينة المنورة.

أبعاد اقتصادية واستثمارية

السماح بتملك غير السعوديين للعقار يعكس توجهاً استراتيجياً نحو تحفيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، الذي تهدف المملكة إلى رفعه من 10 مليارات دولار في 2023 إلى أكثر من 27 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030.

ويأتي هذا في ظل تقديرات رسمية بأن حجم سوق العقارات في السعودية قد وصل في 2024 إلى نحو 69.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتجاوز 101.6 مليار دولار بحلول 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يقدَّر بـ8%.

كما يُتوقَّع أن يسهم النظام الجديد في دعم مستهدفات وزارة الإسكان السعودية لبناء 300 ألف وحدة سكنية خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يلبّي الطلب المتزايد على الإسكان الناتج عن النمو السكاني والتحولات الاجتماعية والاقتصادية.

وفي هذا الإطار قال الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، المهندس عبد الله الحماد، خلال افتتاح منتدى "مستقبل العقار" بالرياض في يناير الماضي: إن "مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 12%، ما يبرز الفرص الواعدة لهذا القطاع في السوق السعودية".

وأضاف الحماد أن القطاع حقق أعلى نسبة مشاركة في سوق العمل بين القطاعات الاقتصادية بمعدل 25%، وفقاً لإحصاءات الربع الثالث من عام 2024.

ويشار إلى أن قطاع الإسكان في المملكة يسهم بأكثر من 23% بالناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ويوفر ما يزيد على 227 ألف وظيفة لدعم سوق العمل السعودية.

وحول أهمية القرار وتبعاته على القطاع العقاري قال النائب السابق لرئيس مجلس إدارة غرفة المدينة المنورة خالد عبد القادر الدقل، إن القرار من شأنه أن ينشط مبيعات العقار ويسهم في إيجاد بورصة عالمية لأسعار العقارات السكنية والتجارية والاستثمارية في المدينة المنورة.

وأوضح الدقل في تصريحات لصحيفة "المال" المحلية، أن القرار قد يسهم في إيجاد بورصة عقارية عالمية للمدينة المنورة ومكة المكرمة، في ظل المزايا التنافسية التي تتمتعان بها، بما يشمل الأصول الدينية والثقافية، والاقتصاد المتنوع، والبنية التحتية المتقدمة.

وبحسب استطلاع سابق أجرته شركة "نايت فرانك"، فإن 30% من الأثرياء المسلمين حول العالم يفضلون شراء العقارات في مكة، و25% في الرياض، و19% في المدينة المنورة، وهو ما يعكس وجود اهتمام دولي حقيقي بالمملكة كسوق عقارية واعدة.

في السياق نفسه قال محمد حسن البكري المطور والخبير العقاري، إن القرار من شأنه ان يوفر نماذج بناء وإنشاءات متطورة وتنشيط مبيعات السوق العقاري والإنشاءات ويعزز من مقدرات قطاع المقاولين والمطورين العقاريين، وتوسع من دائرة توظيف الكوادر الوطنية، وفق صحيفة "المال".

ويعزز القرار الإصلاحات العقارية والتنظيمية الأخرى التي نفذتها المملكة خلال السنوات الأخيرة، والتي أدت إلى تصنيف المملكة ثاني أكثر الأسواق العقارية تحسناً في العالم، وفقاً لمؤشر الشفافية العقارية العالمي الصادر عن شركة "JLL".

وساهمت مبادرات مثل تسجيل الملكيات العينية، وتوفير بيانات رقمية شفافة عن المبيعات والتأجير، وتسهيل الإجراءات عبر المنصات الإلكترونية، في ترسيخ الشفافية وتعزيز ثقة المستثمرين، وجعل السوق أكثر جاذبية.

تحول نوعي

في تعليقه على القرار السعودي وصف الخبير الاقتصادي منير سيف الدين الخطوة بأنها "تحول نوعي في بنية الاقتصاد وركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات رؤية 2030"، مؤكداً أن القرار يعكس نضج البيئة الاستثمارية في المملكة واستعدادها للانخراط الكامل في السوق العالمية.

وقال سيف الدين في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إن القرار لا يُقرأ فقط من زاويته العقارية، بل من منظور اقتصادي شامل يُعيد توجيه بوصلة الاستثمار إلى الداخل السعودي، ويعزز من مكانة المملكة كمركز إقليمي ودولي لجذب رؤوس الأموال.

وأشار إلى أن العقار هو ثاني أكبر قطاع اقتصادي في المملكة بعد النفط، وفتحه أمام الأجانب يُسهم في رفع معدلات النمو، وتنشيط حركة التطوير العمراني، وخلق فرص عمل جديدة، كما سيؤدي إلى إدخال أنماط جديدة من الإنشاءات والمفاهيم العمرانية، خصوصاً مع دخول شركات تطوير عالمية للمنافسة.

ويوضح سيف الدين أن قرار الحكومة لم يأتِ في فراغ، بل يتزامن مع بيئة تنظيمية وقانونية متطورة، تبلورت عبر السنوات الماضية من خلال حزمة إصلاحات تشريعية وتنظيمية، شملت إنشاء الهيئة العامة للعقار، وتحديث نظام التسجيل العيني، وإطلاق منصات إلكترونية متكاملة لخدمة السوق العقاري.

واعتبر أن تركيز التملك في نطاقات جغرافية محددة، مثل الرياض وجدة، مع اشتراطات خاصة لمكة والمدينة، يعكس توازناً دقيقاً بين تشجيع الاستثمار وحماية البعد الديني والثقافي، مشيراً إلى أن هذا النوع من التنظيم يطمئن المواطن والمستثمر على حد سواء.

كما يلفت إلى أن العقار السعودي يشهد تحولات كبيرة، أبرزها التحول نحو الاستدامة والرقمنة، حيث بدأت شركات التطوير العقاري تتبنى نماذج بناء ذكية، وممارسات أكثر توافقاً مع البيئة، مشيراً إلى أن جذب المستثمر الأجنبي سيسرع من وتيرة هذا التحول.

ويشدد أيضاً على أن التوجه لتسهيل تملك الأجانب يتكامل مع أهداف المملكة لزيادة عدد الزوار الدوليين إلى 100 مليون زائر بحلول 2030، وهو ما يستلزم بيئة عمرانية مرنة وقادرة على استيعاب هذا التدفق من الزوار، عبر فنادق، ومساكن، ومشاريع تطوير متكاملة.

ورأى أن القرار يعكس رؤية سعودية ناضجة لإدارة التحول الاقتصادي، معتبراً أن جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع العقاري ليس فقط هدفاً مالياً، بل استراتيجية لإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي ليكون أكثر تنوعاً، واستدامة، وانفتاحاً على العالم.

*المصدر: الخليج أونلاين | alkhaleejonline.net
اخبار السعودية على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com