٪79 إلكترونية.. بنية مالية جديدة تعيد تشكيل الاقتصاد السعودي
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
نوكيا تضخ 4 مليارات دولار لتطوير الذكاء الاصطناعي في أمريكاطه العاني - الخليج أونلاين
- كم نسبة المدفوعات الإلكترونية في قطاع التجزئة السعودية؟
%79 من إجمالي العمليات نهاية 2024 .
- كم بلغ عدد العمليات الإلكترونية المنفذة عام 2024؟
12.6 مليار عملية.
يشهد الاقتصاد السعودي تحولاً رقمياً متسارعاً يغير أنماط الاستهلاك والدفع، ويعيد رسم ملامح الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين.
وسجلت بيانات وزارة الاقتصاد والتخطيط خلال الأشهر الأولى من عام 2025، قفزة كبيرة في الإنفاق الرقمي، ما يعكس عمق التغير في السلوك المالي، والانتقال المتزايد نحو مجتمع بلا نقد.
التحول الرقمي
ويشكل الدفع الإلكتروني اليوم ركيزة أساسية في المشهد الاقتصادي السعودي، إذ ارتفعت مبيعات نقاط البيع خلال أول 90 يوماً من عام 2025 إلى 181.74 مليار ريال (48.46 مليار دولار)، محققة نمواً سنوياً قدره 8.7%، مدفوعة بزيادة 11% في عدد العمليات لتصل إلى 2.712 مليار عملية.
وفي المقابل، أشارت بيانات رسمية نشرتها صحيفة الوطن السعودية في 21 أغسطس 2025، إلى أن السحوبات النقدية لم تسجّل سوى زيادة طفيفة لا تتجاوز 1.4% لتبلغ 89.41 مليار ريال (23.83 مليار دولار)، في مؤشر واضح على تسارع تبني المعاملات غير النقدية.
وتتقدم حلول مثل "مدى" والدفع عبر الهواتف الذكية في قيادة هذا التحول، مدعومة ببنية تحتية رقمية متطورة، وثقة متنامية لدى المستهلكين في أنظمة الدفع الحديثة.
ولم يعد الأمر مجرد وسيلة أكثر أماناً وراحة، بل أصبح خياراً أولياً في الحياة اليومية، خاصة في قطاعات الخدمات السريعة مثل المطاعم والمقاهي، التي شهدت وحدها 705 ملايين عملية خلال الربع الأول من هذا العام.
وعلى صعيد القطاعات المستفيدة، برز قطاع الاتصالات بزيادة ضخمة بلغت 109% في عدد العمليات، مستفيداً من التوسع في الاشتراكات والخدمات الرقمية، وأما من حيث القيمة، فقد تصدرت المجوهرات القائمة بنمو 41%، تلتها الملابس والأحذية بنسبة 25%، ما يعكس قوة شرائية متنامية وثقة أكبر بالمناخ الاقتصادي.
في المقابل، تراجعت مبيعات بعض القطاعات مثل الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية بنسبة 43.9%، والتعليم 31.4%، إضافة إلى المنافع العامة بانخفاض 11.1%.
هذا التراجع يعكس إعادة ترتيب للأولويات الاستهلاكية، ربما نتيجة عوامل موسمية، أو توجه المستهلكين نحو تأجيل النفقات الكبيرة، والتركيز على الاستهلاك الرقمي المتكرر.
ويؤكد هذا الاتجاه أن النقد يواصل التراجع أمام المعاملات الرقمية، رغم تسجيل السحوبات النقدية أرقاماً كبيرة، غير أن الاتجاه العام يرسخ مبدأ الشمول المالي ويعزز من كفاءة الإنفاق، وهو ما ينسجم مع التجارب الدولية التي أثبتت أن الاقتصادات التي تتبنى الدفع الرقمي تحقق كفاءة أعلى وشفافية أكبر وتكلفة تشغيلية أقل.
هذا التحول لا ينفصل عن رؤية المملكة 2030، التي تستهدف بناء مجتمع رقمي متكامل، يعزز الشفافية ويحد من الممارسات النقدية غير الرسمية، ويمكّن صانعي القرار من الاستناد إلى بيانات دقيقة حول سلوك المستهلك لرسم السياسات الاقتصادية المستقبلية.
ومع ذلك، يظل التحدي الأبرز في ضمان شمول جميع الفئات، خاصة في المناطق الأقل استخداماً للتقنيات الحديثة، مع تطوير حلول دفع أكثر أماناً وسلاسة تعزز ثقة المستهلكين.
محرك استراتيجي
ويؤكد مهندس الإدراك المستقبلي نبيل العبيدي أن النمو المتسارع في الإنفاق الرقمي يمثل رافعة حقيقية لتنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن النفط.
ويوضح لـ"الخليج أونلاين" أن الاقتصاد الرقمي يخلق سلاسل قيمة جديدة مثل التجارة الإلكترونية والخدمات السحابية والتقنيات المالية والأمن السيبراني.
ويضيف العبيدي أن كل مبلغ يتم إنفاقه رقمياً يولد فرص عمل جديدة في مجالات مثل البرمجة والتحليلات وحلول الدفع، كما يعزز هذا النمو من نمو الشركات الناشئة ويجذب استثمارات رأس المال الجريء.
ويلفت إلى أن التحول الرقمي يرفع أيضاً من كفاءة الأنشطة الاقتصادية التقليدية مثل التجزئة والنقل والسياحة، مما يزيد من تنافسيتها.
ويشير العبيدي إلى أن التحول نحو مجتمع بلا نقد يحقق قفزة نوعية في الحوكمة المالية، حيث يقلل من الاقتصاد الخفي ويعزز القدرة على مراقبة التدفقات المالية بوضوح، مما يقلل من الفساد ويزيد الثقة.
كما يرى أن المدفوعات الإلكترونية أداة استراتيجية لتحقيق ركائز رؤية المملكة 2030 ، عبر تعزيز الابتكار، وتمكين الأفراد من الوصول إلى الخدمات المالية بسهولة، وبناء بنية تحتية مالية رقمية حديثة.
ويوضح أن التحول الرقمي يرسل إشارة قوية للمستثمرين بأن السوق السعودي واعد وحديث. كما أنه يوفر بيئة أعمال تتسم بالكفاءة والشفافية، ويفتح مجالات استثمارية ضخمة في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية والأمن السيبراني.
وفي الختام، يؤكد العبيدي أن النمو المتسارع للإنفاق الرقمي ليس مجرد اتجاه مالي، بل هو محرك استراتيجي لإعادة تشكيل الاقتصاد الوطني، وتحويل المملكة إلى مركز إقليمي وعالمي للتقنية والابتكار، في انسجام كامل مع أهداف رؤية 2030.
صعود المدفوعات
وكشف البنك المركزي السعودي (ساما) في 15 أبريل 2025 عن تحقيق المدفوعات الإلكترونية، وهي أحد مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي، نسبة %79 من إجمالي عمليات الدفع في قطاع التجزئة "الأفراد" بنهاية 2024، مقارنة بـ 70% في 2023.
وأشارت وكالة الأنباء السعودية "واس" في أبريل الماضي إلى أن هذا الإنجاز يعكس انتقالاً متسارعاً نحو مجتمع رقمي، ويؤكد فعالية السياسات التي تتبناها المملكة لتقليص الاعتماد على النقد.
وخلال عام 2024 فقط، سجلت أنظمة المدفوعات في المملكة نمواً قياسياً، إذ بلغ عدد العمليات الإلكترونية المنفذة 12.6 مليار عملية، مقارنة بـ 10.8 مليارات عملية في 2023، وهو ما يعكس اتساع قاعدة المستخدمين وزيادة ثقة المستهلكين في أنظمة الدفع الحديثة.
ويعود هذا التوسع إلى سلسلة من المبادرات الإستراتيجية التي أطلقها البنك المركزي بالتعاون مع القطاع المالي، حيث عملت على توفير بيئة مواتية لتبني حلول الدفع الإلكتروني المتنوعة.
وقد شمل ذلك تطوير البنية التحتية الوطنية لأنظمة المدفوعات، ورفع جودة الخدمات الرقمية، وتقديم خيارات متعددة تسهّل على المستهلكين إنجاز معاملاتهم بسرعة وأمان.
ولا تقتصر أهمية هذه الخطوات على تحسين تجربة المستهلك فحسب، بل تمتد إلى تعزيز الكفاءة الاقتصادية وخفض تكاليف التعاملات المالية، بما يسهم في دعم نمو الأنشطة التجارية والتوسع في الاقتصاد الرقمي.
كما تواكب هذه النتائج مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع التحول نحو مجتمع بلا نقد ضمن أولوياتها لتحقيق الشفافية، وزيادة الاعتماد على الحلول الرقمية في القطاعات الحيوية.
ويواصل البنك المركزي جهوده لتوسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية، من خلال تعزيز الشراكات مع المؤسسات المالية والتجارية، وتطوير حلول دفع مبتكرة تتناسب مع مختلف الفئات.
ويعد ذلك مساراً استراتيجياً لبناء اقتصاد أكثر مرونة، يدعم استدامة النمو ويضع المملكة في موقع ريادي بين الاقتصادات العالمية في مجال المدفوعات الرقمية.