الأعراس الجماعية في الخليج.. تلاحم اجتماعي ودعم للشباب
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
نيابة عن الملك.. ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء دول عدة معينين لدى المملكةكامل جميل - الخليج أونلاين
- حملات التزويج الجماعي تمثل جزءاً من التراث، حيث دأبت شعوب الخليج على إقامة زواجات جماعية.
- الزفاف الجماعي يقلل التكاليف على الشباب المقبلين على الزواج.
تشهد إقامة الأعراس الجماعية في منطقة الخليج ازدياداً؛ مجسدة تلاحماً إنسانياً لدعم الشباب ممن تضيق بهم الحال لتكون عائقاً أمام بناء أسرة، فضلاً عن تشجيعها لآخرين يتخوفون من نتائج الزواج مع رؤية ارتفاع حالات الطلاق التي تنهي علاقات زواج في بداية طريقها.
وتفيد أحدث الإحصائيات الصادرة من المركز الإحصائي الخليجي، مطلع 2025، أن دول الخليج مجتمعة سجلت 205.3 ألف عقد زواج في عام 2022، بلغت نسبة عقود زواج المواطنين منها 86.4%.
أما حالات الطلاق فقد بلغت 79.7 ألف حالة، بلغت نسبة حالات طلاق المواطنين منها 86.8%، ما يشير إلى وجود ارتفاع في عدد حالات الطلاق.
وعليه تكون حملات الزواج الجماعي ظاهرة صحية، تشجع الشباب على الارتباط وبدء حياة جديدة.
حملات التزويج الجماعي، أو الأعراس الجماعية، لم تكن حديثة عهد في دول الخليج، بل تمثل جزءاً من التراث، وتفرض على العائلات التمسك بعادات مترسخة منذ أجيال.
هذه العادات على الرغم من أنها تعكس الكرم والاحتفاء بالمناسبة، لكنها من جانب آخر تضع المقبلين على الزواج أمام التزامات مالية باهظة.
وفقاً للتقاليد، على العريس أن يتكفل بتجهيزات العروس وزينتها، مروراً بحفلات الحناء المليئة بالمظاهر الاحتفالية، وصولاً إلى ليلة الزفاف الفاخرة، وانتهاءً بالمنزل وتأثيثه؛ ما يجعل الإنفاق الكبير جزءاً من "الطقس الاجتماعي" الذي لا يسهل تجاوزه.
هذه العادات، على الرغم من قيمتها التراثية ودورها في إضفاء البهجة على المناسبة، لكنها تمثل عائقاً أمام عدد كبير من الشباب.
وسائل الإعلام الخليجية تنشر باستمرار إقامة حفلات زواج جماعي، تبين من خلالها أن جهات خيرية تقف خلفها، وبعضها برعاية مؤسسات رسمية.
وتتباين الدوافع الرسمية بين التخفيف عن كاهل الشباب مادياً، وتشجيع الشباب غير الراغب أو المتردد على الإقدام على الزواج، وبين إبراز دور الدولة والمجتمع المدني في معالجة "أزمة الزواج" الناجمة عن ارتفاع تكاليف العرس والمهور.
الأعراس الجماعية هذه، توفر قاعات فارهة أو مسارح تكتظ بالعرسان والعرائس، فقرات فنية، هدايا، عقود إيجار مؤقتة أو حتى مفاتيح سكن جديد في بعض الحالات، إضافة إلى خدمات تجميل وتسريحات وعُرس جماعي للعرائس مستقل في بعض البرامج.
ولا تتعامل منطقة الخليج مع الأعراس الجماعية على نحوٍ موحد؛ فالسعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان تتبنى باستمرار مثل هذه المبادرات داخل بلدانها، بينما تقود قطر والكويت مبادرات تُنظم حملات زواج في بلدان أخرى.
ناصر النعيم، رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لتيسير الزواج ورعاية الأسرة بمدينة الأحساء السعودية، أكد أن الجمعية ساهمت بتزويج 2000 عريس وعروس في 15 نسخة.
وبحسب ما أوردته صحيفة "الوطن" المحلية، أوضح النعيم أن القيمة الإجمالية لتكاليف التنظيم، والدعم المباشر للعرسان، والتأهيل، والفعاليات المصاحبة، تقدر بأكثر من 10 ملايين ريال (2.6 مليون دولار).
يرى النعيم أن حفلات الزواج الجماعي تسهم بشكل ملحوظ في تقليل تكاليف الزواج بنسب متفاوتة بين أفرادها، تتراوح بين 30 و40%، إذ يتم توفير تكاليف الصالات، والتصوير، والضيافة، والهدايا، وغيرها ضمن باقة واحدة تُقدم للعريس.
لعل من بين أبرز المبادرات السعودية ما شهده مسرح أبو بكر سالم في بوليفارد سيتي، مطلع 2025، حيث أقيم حفل زفاف جماعي لـ300 عريس، ضمن مبادرات موسم الرياض المجتمعية.
وتولي دولة الإمارات اهتماماً خاصاً بدعم شبابها المقبلين على الزواج عبر مبادرات الأعراس الجماعية، التي تهدف إلى تخفيف تكاليف حفلات الزفاف وتشجيعهم على بدء حياتهم بلا أعباء مالية، مع الحفاظ على التقاليد الاجتماعية المتوارثة.
ولهذا الغرض، أنشئ "صندوق الزواج" في عام 1992 لتحقيق هذه الغاية، قبل أن تدمج مهامه عام 2016 ضمن وزارة تنمية المجتمع التي أصبحت الجهة المسؤولة عن منح الزواج وتنظيم هذه الأعراس في مختلف إمارات الدولة.
في سلطنة عُمان، تنتشر بشكل كبير حملات الزواج الجماعي، وتقام بتشجيع ودعم جهات ومؤسسات خيرية، في مختلف ولايات السلطنة.
أما في البحرين، فبالإضافة إلى الحملات المحلية التي تطلقها جهات مدنية، تنظم مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية بدولة الإمارات حفلات زواج سنوية بالتعاون مع المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية.
وتم خلال حملة 2025 تزويج 2020 شاباً وشابة، ليعد هذا الحفل الأكبر من نوعه في مملكة البحرين.
الكاتب البحريني، بدر علي قمبر، يتحدث عن أهمية ودور الأعراس الجماعية، في مقال بصحيفة "الوطن" المحلية، مبيناً أن حفل الزفاف الجماعي "يمنحنا جرعات من الأمل والدافعية والتفاؤل".
ويصف قمبر حملات الزواج هذه بأنها تمثل "عوناً وسنداً في نهضة الوطن وازدهاره، من خلال تأسيس أسر مستقرة تربي الأجيال على معاني الخير والصلاح والاستقامة، وتساعد الشباب ليكونوا لبنات المستقبل، يرفعون راية الوطن في جميع المحافل بعطائهم وإسهاماتهم في المجتمع".
في الصدد ذاته، يرى الكاتب السعودي محمد بن عبد الله آل شملان، في مقال بصحيفة "الجزيرة" المحلية، أهمية تنظيم حملات الزواج الجماعية، في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والنفسي.
وأوضح آل شملان، في مقاله الذي حمل عنوان "عرس جماعي بعبق إنساني"، أن هذه الحملات تسهم في توعية المجتمع بأهمية مساعدة الشباب والشابات على الزواج، والمساهمة في تكوين أسرة مستقرة، والعمل على تخفيف أعباء وتكاليف الزواج على الشباب.