اخبار السعودية

الخليج أونلاين

سياسة

نحو مركز مالي عالمي.. السعودية تتجه لتوسيع ملكية الأجانب بالبورصة

نحو مركز مالي عالمي.. السعودية تتجه لتوسيع ملكية الأجانب بالبورصة

klyoum.com

سلمى حداد - الخليج أونلاين

- تستعد السعودية لخطوة مفصلية في سوقها المالي عبر السماح للأجانب بامتلاك حصص أغلبية في الشركات المدرجة.

- يُتوقع أن يجذب القرار مليارات الدولارات ويعزز مكانة السوق في المؤشرات العالمية.

-يدعم طموح الرياض للتحول إلى مركز مالي عالمي ضمن "رؤية 2030".

في خطوة وُصفت بأنها من الأكثر جرأة في تاريخ سوق الأسهم السعودية، تستعد الرياض لاتخاذ قرار غير مسبوق يتمثل في السماح للمستثمرين الأجانب بتملك حصص أغلبية في الشركات المدرجة، وهو ما قد يشكل نقطة تحول في موقع سوق المملكة داخل المشهد المالي العالمي ويعزز تدفق رؤوس الأموال الأجنبية بصورة غير مسبوقة.

القرار المرتقب، الذي قد يدخل حيز التنفيذ قبل نهاية عام 2025، يأتي في إطار جهود المملكة لتنفيذ مستهدفات "رؤية السعودية 2030" الهادفة إلى جعل الرياض مركزاً مالياً إقليمياً وعالمياً.

ومنذ إدراج السوق السعودية في مؤشرات الأسواق الناشئة العالمية عام 2019، شهدت المملكة سلسلة من الإصلاحات لتعميق أسواق المال، كان أبرزها السماح للأجانب بالتداول المباشر ورفع سقف ملكيتهم حتى 49%.

ويقول عبد العزيز عبد المحسن بن حسن، عضو مجلس إدارة هيئة السوق المالية السعودية، في تصريحات نقلتها وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية الأمريكية في 23 سبتمبر الجاري: "الهيئة على وشك تخفيف القواعد التي تحدد الحد الأقصى لملكية الأجانب في الشركات المدرجة بنسبة 49%".

ويضيف: "أعتقد أننا أوشكنا على الوصول إلى تلك النسبة. يمكن أن يدخل القرار حيز التنفيذ قبل نهاية العام".

ويمثل القرار المرتقب تحوّلاً هيكلياً في قواعد الاستثمار الأجنبي، إذ سيسمح للمستثمرين العالميين بالوصول إلى حصص الأغلبية في الشركات السعودية المدرجة لأول مرة، وهو ما سيزيد من جاذبية السوق بشكل كبير في أعين الصناديق الدولية النشطة والخاملة.

وزن السوق السعودي

وتُعد مؤشرات "MSCI" من أبرز العوامل التي تحدد حجم تدفقات رؤوس الأموال العالمية نحو الأسواق الناشئة. وتخضع الشركات التي تطبق قيوداً على الملكية الأجنبية لتخفيض في أوزانها داخل المؤشر، مما يقلص من حجم الاستثمارات الداخلة إليها.

لكن السماح بتجاوز سقف الـ49% سيُحدث تحولاً مهمًا في هذا الجانب، إذ تشير تقديرات محللين في وكالة "بلومبيرغ" إلى أن هذا التغيير قد يرفع الوزن النسبي للسوق السعودية في مؤشر "MSCI" للأسواق الناشئة من نحو 3.3% حالياً إلى ما يتجاوز 5% في غضون عامين، ما يعني تدفقات إضافية محتملة بمليارات الدولارات من الصناديق الدولية.

ووفقاً لتقديرات مؤسسات مالية عالمية، فإن الصناديق السلبية المرتبطة بمؤشرات "MSCI" وحدها قد تضخ ما بين 20 و30 مليار دولار في السوق السعودية بمجرد تطبيق القرار، فضلاً عن استثمارات أكبر من الصناديق النشطة الباحثة عن فرص طويلة الأمد في شركات ذات أساسيات قوية.

وتبلغ القيمة السوقية للشركات المدرجة في السوق السعودية نحو 2.3 تريليون دولار، ما يجعلها الأكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأحد أكبر الأسواق في الاقتصادات الناشئة.

وبالرغم من الإصلاحات السابقة التي سمحت للأجانب بالدخول جزئياً، فإن نسبة ملكيتهم الجماعية لم تتجاوز 4.6% من إجمالي القيمة السوقية حتى سبتمبر 2025، بحسب بيانات "تداول السعودية"، وهي نسبة تُعد منخفضة مقارنة بأسواق ناشئة كبرى في آسيا وأمريكا اللاتينية.

ويقول محللون إن رفع سقف الملكية سيفتح الباب أمام دخول مستثمرين استراتيجيين عالميين يسعون إلى شراكات طويلة الأمد مع الشركات السعودية، خصوصاً في قطاعات النمو مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والخدمات المالية، ما يعزز قدرة هذه الشركات على التوسع الإقليمي والدولي.

مرونة أكبر وجاذبية أعلى

القواعد الحالية، التي تنظم ملكية الأجانب، تنص على أن إجمالي حصة الأجانب مجتمعين – باستثناء المستثمرين الاستراتيجيين – لا يجوز أن يتجاوز 49% من أسهم أي شركة مدرجة، كما يُمنع المستثمر غير المقيم من تملك 10% أو أكثر في أي شركة إلا إذا كان مستثمراً استراتيجياً.

وتُلزم القواعد المستثمر الاستراتيجي بالاحتفاظ بالأسهم لمدة لا تقل عن عامين من تاريخ التملك، كما تمنع تحويل أدوات الدين إلى أسهم ما لم يكن المستثمر مؤهلاً للاستثمار المباشر في الأسهم.

لكن القواعد الجديدة المرتقبة من المتوقع أن ترفع سقف الملكية للأجانب فوق 50%، وتُبقي في الوقت ذاته على ضوابط حوكمة صارمة تحافظ على مصالح السوق واستقرارها.

ومن المتوقع أن تشمل التعديلات كذلك مرونة أكبر في فتح الحسابات الاستثمارية وتشغيلها، وإمكانية توسعة نطاق المستثمرين المؤهلين ليشمل مؤسسات وصناديق جديدة.

ومنذ إدراج السوق السعودية في مؤشر "MSCI" للأسواق الناشئة عام 2019، تدفقت أكثر من 60 مليار دولار من رؤوس الأموال الأجنبية، بحسب بيانات "بلومبيرغ"، إلا أن القيود الحالية على الملكية حالت دون زيادة أكبر في هذه التدفقات.

ويرى خبراء في بنك "جي بي مورغان" أن رفع سقف الملكية "قد يضاعف حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق السعودية خلال خمس سنوات"، إذ ستتحول الرياض إلى محطة رئيسية للصناديق العالمية الباحثة عن أسواق ناشئة مستقرة ذات عوائد مرتفعة.

وارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي سيُسهم في رفع معدل النمو الاقتصادي غير النفطي إلى ما بين 5 و6% سنوياً خلال السنوات المقبلة، مقارنة بنحو 4% حالياً، كما سيعزز من قدرة المملكة على جذب الشركات متعددة الجنسيات لإدراج أسهمها في السوق المحلية، وفق "بلومبيرغ".

بيئة تنظيمية تدعم الانفتاح

إلى جانب القرار المرتقب، أطلقت هيئة السوق المالية في مايو الماضي سلسلة من المبادرات لتعزيز جاذبية السوق، أبرزها اعتماد القواعد المنظمة للاستثمار الأجنبي في الأوراق المالية المدرجة و"تعليمات الحسابات الاستثمارية"، التي تهدف إلى تحسين الشفافية وحماية المستثمرين وتوسيع قاعدة المشاركين في السوق.

وأطلقت المملكة أيضاً برنامجاً لربط المستثمرين العالميين بمنصات التمويل الجماعي وصناديق الاستثمار، مع وضع أطر رقابية متطورة لتسهيل دخول المؤسسات الأجنبية الكبرى دون الإخلال باستقرار السوق أو أمنها المالي.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوات تُظهر أن السعودية تمهد الأرضية القانونية والمؤسسية لتصبح مركزاً مالياً عالمياً بحلول 2030، بالتوازي مع إطلاق مشاريع ضخمة في قطاعات الطاقة والسياحة والبنية التحتية.

وحول الانعكاسات الاقتصادية والتأثيرات للقرار المرتقب، يقول المحلل الاقتصادي منير سيف الدين، إن "رفع سقف ملكية الأجانب في الشركات السعودية المدرجة سيترك أثراً بالغاً على هيكل السوق وعلى أداء الشركات نفسها"، لافتاً إلى أن "هذا القرار سيكون نقطة تحول في جاذبية الأسهم السعودية إقليمياً ودولياً".

ويشير سيف الدين في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن دخول رؤوس أموال أجنبية ضخمة سيؤدي إلى زيادة السيولة وتعميق السوق، الأمر الذي يعزز جاذبيته ويحد من التقلبات السعرية.

كما أن المستثمرين الأجانب، بحسب المحلل الاقتصادي، "غالباً ما يطالبون بمستويات أعلى من الشفافية والمساءلة، وهو ما سيحفّز الشركات على تحسين هياكلها الإدارية والمالية وتعزيز الحوكمة الداخلية".

وأضاف أن القرار سيتيح للشركات السعودية في قطاعات التكنولوجيا والصناعة "فرصاً أكبر لعقد شراكات استراتيجية مع مؤسسات عالمية تمتلك خبرات وأسواقاً خارجية، ما يدعم خطط التوسع الإقليمي والدولي".

وارتفاع الطلب الأجنبي على الأسهم سيرفع من تقييماتها السوقية، "ويوفر بذلك مصادر تمويل إضافية عبر الطروحات الأولية وزيادات رأس المال"، وفق سيف الدين.

ويؤكد أن الأثر الإيجابي للقرار لن يقتصر على الشركات المدرجة فحسب، بل سيمتد إلى الاقتصاد السعودي ككل، موضحاً أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية ستسهم في تنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد على النفط، كما ستدعم نمو القطاعات غير النفطية مثل التكنولوجيا والخدمات المالية والرعاية الصحية.

ويوضح لـ"الخليج أونلاين" أن تدفق رؤوس الأموال الأجنبية سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة ونقل الخبرات التقنية والإدارية، ما يعزز الكفاءات الوطنية ويزيد من تنافسية الاقتصاد.

وبحسب تقدير الخبير الاقتصادي، فإن "الرياض ستقترب أكثر من أن تصبح مركزاً مالياً منافساً لسنغافورة ودبي في المنطقة، في ظل ما تملكه من إمكانات استثمارية وتنظيمية متطورة".

*المصدر: الخليج أونلاين | alkhaleejonline.net
اخبار السعودية على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com