اخبار السعودية

الخليج أونلاين

سياسة

من وعد بلفور إلى "وعد الرياض".. تحالف دولي فتح باب الاعتراف بفلسطين

من وعد بلفور إلى "وعد الرياض".. تحالف دولي فتح باب الاعتراف بفلسطين

klyoum.com

كمال السلامي - الخليج أونلاين

السعودية دفعت بكل ما أوتيت لإقناع المزيد من الدول بالاعتراف بدولة فلسطين كسبيل وحيد لإقامة السلام في الشرق الأوسط

بعد أكثر من قرن على وعد بلفور، وثمانية عقود على نكبة الشعب الفلسطيني في 1948، بدأت تتشكل ملامح جديدة لمستقبل القضية الفلسطينية، مستقبل من المؤمل أن يندمل خلاله جرح الشعب الفلسطيني النازف جراء الاحتلال الوحيد القائم منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

فبفضل جهود تقودها المملكة العربية السعودية، باتت أوروبا بأكملها معترفة بالدولة الفلسطينية، حتى بريطانيا صاحبة وعد بلفور الشهير، غيرت موقفها، وقررت تصحيح ذلك الخطأ التاريخي، بإعلان الاعتراف، جنباً إلى جنب مع عدد من الدول الغربية الوازنة، كفرنسا وكندا وأستراليا ودول أخرى.

مائة وسبعة أعوام، على وعد من لا يملك لمن لا يستحق، واليوم تتحرك الرياض بكل ما أوتيت من قوة دبلوماسية، لإعادة الحق لأصحابه، وقد أثمر جهدها وعداً دولياً جديداً تمثل في "تحالف حل الدولتين"، فكيف أسهمت تلك الجهود في تعزيز الحق الفلسطيني وحشد الاعتراف الدولي به؟

دبلوماسية سعودية

هذا الزخم الدولي غير المسبوق، للقضية الفلسطينية، وهذا الاعتراف الكبير بدولة فلسطين لم يكن ليحصل لولا الجهد والاستنفار الدبلوماسي الذي قامت به الرياض، لإقناع المجتمع الدولي والدول الغربية تحديداً بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية كحق أصيل ومقدمة للسلام الدائم.

وفي (26 سبتمبر 2024)، أعلن وزير الخارجية السعودي، إطلاق التحالف الدولي لحل الدولتين، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79 بمدينة نيويورك الأمريكية.

ابن فرحان ترأس حينها اجتماعاً وزارياً مشتركاً بشأن القضية الفلسطينية وجهود السلام، وحذر حينها من خطر اندلاع حرب إقليمية بسبب التمادي الإسرائيلي المستمر، قائلاً: "لن نقف مكتوفي الأيدي أمام رفض إسرائيل حل الدولتين".

وأكد الوزير السعودي أن تنفيذ حل الدولتين "هو الحل الأمثل لكسر حلقة الصراع والمعاناة، وإنفاذ واقع جديد تنعم فيه كافة دول المنطقة، بما فيها إسرائيل، بالأمن والتعايش"، داعياً المجتمع الدولي إلى الانضمام إلى مبادرة التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، باعتباره أفضل مسار موثوق ولا رجعة فيه لسلام عادل وشامل.

وفي (1 أكتوبر 2024)، قال كبير مستشاري الأمم المتحدة محمد عمر المغير، إن إطلاق التحالف الدولي لحل الدولتين "يظهر التزام السعودية بقيادة جهد دولي منسق لحماية حقوق الفلسطينيين، ويدعو إلى تحرك جماعي عالمي لإنهاء الاحتلال".

وجاء إعلان التحالف الدولي لحل الدولتين، نتيجة لجهود دبلوماسية عربية وإسلامية ودولية تزعمته السعودية، علماً بأن الفريق الوزاري العربي الإسلامي المشترك الذي تشكل خلال القمة العربية الإسلامية المشتركة المنعقدة في الرياض بتاريخ (11 نوفمبر 2023)، لعب دوراً في حشد الدعم الدولي لهذا الخيار.

وعند الحديث عن الدور السعودي، لا بد من الإشارة إلى المبادرة العربية التي أطلقتها السعودية خلال قمة بيروت (مارس 2002)، والتي نصت على انسحاب "إسرائيل" بشكل كامل من الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، مقابل التطبيع الكامل مع حكومة الاحتلال.

اعتراف دولي

ويوم (21 سبتمبر الجاري)، شهد العالم تحولاً جديداً ومهماً، يمكن اعتباره انتصاراً دبلوماسياً وقانونياً تاريخياً لفلسطين وقضية الشعب الفلسطيني، إذ أعلنت بريطانيا (صاحبة وعد بلفور)، وأستراليا وكندا، والبرتغال، اعترافها بدولة فلسطين، في خطوة لاقت ترحيباً سعودياً وخليجياً وعربياً واسعاً، في مقابل غضب وارتباك إسرائيلي واضح.

ويوم (22 سبتمبر)، ترأست السعودية جنباً إلى جنب مع فرنسا، المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية وحل الدولتين، على هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهي القمة التي تمثل ذروة الحشد الدبلوماسي الدولي لدعم القضية الفلسطينية، والوقوف دبلوماسياً وسياسياً في وجه آلة الحرب الإسرائيلية المتوحشة.

وخلال المؤتمر أعلنت فرنسا وبلجيكا ودول أخرى، اعترافها بدولة فلسطين، ليصل عدد الدول التي اعترفت بفلسطين خلال يومين 12 دولة (البرتغال،مالطا، لوكسمبورغ، كندا، بلجيكا، أستراليا، فرنسا، سان مارينو، موناكو، أندورا، الدنمارك، والمملكة المتحدة)، في حين أعلنت النرويج وإسبانيا اعترافها في 2024.

وفي بيان مشترك في ختام انعقاد مؤتمر حل الدولتين، دعت السعودية وفرنسا، إلى ترجمة إعلان نيويورك الذي اعتمدته الجمعية العامة في سبتمبر الماضي، عبر خطوات عملية ملموسة لا رجعة فيها.

ورحب البيان بالاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، والتعهدات والإجراءات التي بادرت إليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مؤكداً أن الوقت قد حان لانتقال المجتمع الدولي من الأقوال إلى الأفعال.

هذا الاعتراف يعكس فاعلية الدبلوماسية السعودية، وقدرتها على التأثير في صناعة القرار العالمي، بطريقة تتجاوز تعقيدات العلاقة المركبة التي لطالما ربطت دول غربية كبيرة، بـ"إسرائيل" تاريخياً.

يتزامن هذا النجاح الدبلوماسي، مع نهج سعودي واضح، يتمثل في رفض فكرة التطبيع من أساسها، إلا بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وهو شرط يضع طموحات "إسرائيل" ومكاسبها السابقة، وجهود واشنطن لدمج حكومة الاحتلال في محيطها، في زاوية حرجة، إذ تعزز شروط الرياض عزلة "إسرائيل" الإقليمية بشكل غير مسبوق.

خطوة مهمة

ويمثل الاعتراف بدولة فلسطين، خطوة كبيرة في طريق تحرير الأرض، حتى وإن رفضت "إسرائيل" وعرقلت إقامة الدولة الفلسطينية على الأرض، ووفق الكاتب والباحث في الشأن الإسرائيلي الدكتور خالد معالي، فإن هذه الاعترافات تصب في صالح القضية الفلسطينية.

وأشار معالي في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن أثر تلك الاعترافات على الشعب الفلسطيني لن يكون بكبسة زر أو آنياً وسريعاً، لكن بشكل تراكمي ومتتالي، واستراتيجي وبعيد المدى سيكون لهذا الاعتراف فائدة كبيرة جداً.

ولفت إلى أن قيام دولة فلسطينية "يعني إنهاء الاحتلال بإطاره الشامل والعام، وإنهاء الاحتلال يعني إنهاء المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة"، لافتاً إلى أن إقامة دولة فلسطينية هو حلم كل فلسطيني، كبقية الشعوب، في أن يكون له علم ودولة وحرية.

وأشار إلى أن هذه الاعترافات، ستؤثر على مستقبل القضية الفلسطينية، لأنه يعني إمكانية إقامة هذه الدولة، مضيفاً: "الاعترافات الدولية بدولة فلسطينية، لها استحقاقات، وهذه الاستحقاقات تنعكس إيجاباً على مجمل القضية الفلسطينية، وذات تأثير بالغ".

دور سعودي بارز

ويرى الباحث الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، أن جهد السعودية في حشد الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، لا يمكن إنكاره، مشيراً إلى أن الدور السعودي معروف أنه كان دائماً داعماً للقضية الفلسطينية، ورافضاً للاحتلال.

وأضاف الدكتور معالي: "السعودية كان لها الدور الأبرز في هذا الحراك والاعتراف بالدولة الفلسطينية، من منطلق واجبها الديني والأخلاقي، والعربي، وهو دور تُشكر عليه، وكذلك بقية دول الخليج الداعمة لحق الشعب الفلسطيني".

ونوّه إلى أن خطوة الاعتراف بدولة فلسطين، تمثل خطراً بالغاً على الاحتلال، وهذا ما يعكس حالة القلق والاضطراب الكبير الذي تشهده "إسرائيل" حالياً، وكأن الساسة الإسرائيليين أصيبوا بحالة من الهستيريا.

الرد الإسرائيلي

وحول ردود فعل "إسرائيل" على هذه الاعترافات، قال الدكتور معالي: "ردة فعل الاحتلال كانت عنيفة جداً، وسيتخذ الاحتلال خطوات لاحقة ضد الشعب الفلسطيني، وتحديداً في الضفة الغربية وقطاع غزة".

واستطرد قائلاً: "لكن هذه الخطوات، وإن كانت صعبة على الشعب الفلسطيني، إلا أنه في الإطار العام والشامل، فإن القضية الفلسطينية لن تتأثر بهذه الإجراءات والممارسات من قبل الاحتلال من ناحية إقامة الدولة".

وأشار إلى أن الدولة الفلسطينية "ستقام بفعل ما حصل بعد السابع من أكتوبر، وما حصل من نتاج تراكمي، للمواقف الرسمية الفلسطينية، والمقاومة كذلك، والتضحيات الفلسطينية التي تراكمت مع الزمن".

وقال معالي: "هناك حالة قلق واضطراب كبير لدى الاحتلال جراء هذه الخطوة، وكأنهم أصيبوا بحالة من الهستيريا، وبالتالي سيكون هناك ردة فعل، من ناحية التعجيل بضم الضفة الغربية أو مناطق منها، أو كما قالت بعض التسريبات، من مكتب نتنياهو، أنه سيعمل أن تكون منطقة (ب) في الضفة هي منطقة (ج)، وبالتالي توسيع عملية الضم للضفة الغربية".

وأشار إلى أنه سيكون هناك تضييق على سكان الضفة الغربية بشكل عام، وقد تكون هناك ضغوط للطرد والتهجير كما قال بن غفير سابقاً، "الطرد الطوعي"، وهو يعني الطرد تحت الضغط المعيشي والحياتي، وهكذا، لافتاً إلى أن الشعب الفلسطيني لطالما تعايش مع هذا الواقع.

واختتم الدكتور خالد معالي حديثه بالتأكيد على أن "إسرائيل" لن تمنع إقامة دولة فلسطينية، لأن كل العالم كما نرى مع وقف هذه الحرب إلا الإدارة الأمريكية ونتنياهو، مبدياً تفاؤله من أن المستقبل سيكون مشرقاً للقضية الفلسطينية، بإقامة الدولة وتحرير الأرض من الاحتلال.

*المصدر: الخليج أونلاين | alkhaleejonline.net
اخبار السعودية على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com