بمبادرة عالمية.. السعودية تحصّن الطفولة من التهديدات الرقمية
klyoum.com
أخر اخبار السعودية:
بـ10 لاعبين.. الاتحاد يصالح جماهيره ويفوز على الرياض بهدفينكامل جميل - الخليج أونلاين
الباحث الاجتماعي د. واثق عباس:
المبادرة السعودية خطوة شجاعة نحو تشكيل مظلة دولية حقيقية لحماية الأطفال.
ما قدمته السعودية ليس مجرّد تحرك دبلوماسي، بل إعلان استراتيجي يعيد ترتيب الأولويات العالمية.
يجب أن تتحول هذه المبادرة إلى التزام دولي حقيقي يُجسر الهوة بين النصوص الجامدة وواقع الإنترنت المتغيّر بوتيرة مذهلة.
مرة أخرى تؤكد السعودية ريادتها الدولية في مجال حماية الطفولة، بعد اعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 16 يوليو 2025، قراراً بالإجماع لحماية الأطفال من مخاطر الفضاء الرقمي قدمته المملكة.
المبادرة يُعدّ جوهرها إنسانياً بامتياز، وتأتي استناداً إلى مبادرة أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في أكتوبر 2024، ضمن إطار رؤية المملكة 2030، التي لا تكتفي بتركيزها على التحول الرقمي فحسب، بل تتسع لتشمل الجوانب الإنسانية والاجتماعية المرتبطة به.
وجاءت المبادرة استجابةً لتزايد التهديدات السيبرانية التي تطول نحو 72% من أطفال العالم، وفق مؤسسة منتدى الأمن السيبراني، وتشمل التنمر الرقمي والاعتداءات والمحتوى الضار.
وتعتمد المبادرة على إطار وقائي عالمي يهدف إلى تمكين الدول من تطوير تشريعات خاصة بالأمن السيبراني للأطفال وتعزيز الوعي الأسري والتربوي بالاستخدام الآمن للإنترنت.
بدوره أكد السفير عبد المحسن بن خثيلة، مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف، أن قبول المبادرة دولياً يعكس القناعة العالمية بأهميتها.
وشدد السفير السعودي على التزام المملكة بدعم الجهود الدولية من خلال تعزيز التعاون الفني وتبادل أفضل الممارسات وتطوير الأطر التشريعية ذات الصلة، بحسب "العربية نت".
تعزيز الوعي
المبادرة ركزت على الطفل باعتباره الحلقة الأضعف في سلسلة التحول الرقمي العالمي، ولا تكتفي المبادرة بوضع الأطر القانونية، بل تحث أيضاً على تعزيز الوعي، حيث تهدف إلى:
بناء إطار عالمي شامل لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت.
تمكين الدول من تطوير سياسات وتشريعات خاصة بالأمن السيبراني للأطفال.
تعزيز الوعي الأسري والتربوي حول الاستخدام الآمن للإنترنت.
كما تركز المبادرة على التعاون الدولي مع هيئات عالمية مثل: اليونيسف، والاتحاد الدولي للاتصالات، ومنظمات دولية معنية بالأمن الرقمي.
وتهتم بتطوير أدوات تقنية للكشف المبكر عن المحتوى الضار أو الخطير، وإطلاق حملات توعوية جماهيرية تستهدف الأطفال، والآباء، والمعلمين، والتركيز على الدول النامية وتقديم دعم فني وتقني وتشريعي لها.
وتسعى أيضاً إلى:
الوصول لأكثر من 150 مليون طفل حول العالم.
تطوير مهارات السلامة السيبرانية لأكثر من 16 مليون مستفيد.
دعم تطبيق أطر عمل للاستجابة للتهديدات السيبرانية التي يتعرض لها الأطفال في أكثر من 50 دولة حول العالم.
مبادرات ونشاطات
السعودية بذلت جهوداً نوعية لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت بإطلاقها مبادرات ونشاطات مختلفة.
ففي ديسمبر 2020، وقّعت الهيئة السعودية للأمن السيبراني اتفاقية شراكة استراتيجية مع وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لإطلاق البرنامج العالمي لحماية الأطفال وتمكينهم في الفضاء السيبراني.
وفي نوفمبر 2023، دشّنت السعودية "الإطار الوطني لسلامة الأطفال على الإنترنت".
ويأتي الاهتمام السعودي المكثف لحماية الأطفال على المستويين المحلي والعالمي نظراً إلى مخاطر الإنترنت، التي تتراوح بين التأثيرات النفسية والاجتماعية وحتى التهديدات الأمنية، ومن أبرز هذه المخاطر بحسب ما يذكر مختصون:
إمكانية وصول الأطفالإلى محتويات غير ملائمة.
تعرض الأطفال للتنمر عبر الإنترنت.
عدم إدراك الأطفالللمخاطر المتعلقة بمشاركة المعلومات الشخصية.
تحول الإنترنت إلى ساحة للمحتالين.
إدمان الإنترنت يؤثر سلباً على صحة الطفل.
حضور سعودي حقوقي
الباحث الاجتماعي د. واثق عباس يقول لـ"الخليج أونلاين" إن السعودية باتت تضطلع بدور محوري في حماية الطفولة على المستوى العالمي.
وأشار إلى أن "مصادقة مجلس حقوق الإنسان على مبادرة سعودية بهذا الشأن لم تكن حدثاً عابراً، بل دلالة واضحة على الحضور المتنامي للمملكة في الملفات الحقوقية الدولية"، واصفاً الخطوة بأنها "غير مسبوقة وتعكس ثقلاً سعودياً جديداً في الساحة الأممية".
لكن عباس لا يخفي مخاوفه من أن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في صياغة القوانين والتشريعات، بل في "الفجوة المؤلمة" التي تفصل ما بين نصوص القانون وقدرة الدول فعلاً على تنفيذها.
هذه الفجوة، كما يقول، تتسع كلما ازدادت تعقيدات العالم الرقمي وحدوده المفتوحة التي لا تعترف بسيادة ولا قانون.
ويعدد عباس أبرز العوائق التي تعمّق هذه الفجوة، ويطلق عليها اسم "الفجوة التنفيذية العالمية"، ومن بينها:
الطبيعة غير الجغرافية للإنترنت، التي تجعل من تعقّب الجناة ومحاسبتهم مهمة شبه مستحيلة.
تفوق المجرمين السيبرانيين بخطوة دائمة، بفضل أدوات مثل الشبكات المظلمة، والعملات المشفّرة، وتطبيقات التشفير المتطورة.
نقص الكوادر التقنية والتدريب في عدد كبير من الدول، ما يصعّب ملاحقة جرائم استغلال الأطفال.
الاختلاف الكبير بين الدول في التشريعات والتعريفات القانونية، ما يعطل التعاون القضائي ويؤخر تبادل المعلومات.
التراخي الملحوظ من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى في حماية الأطفال، سواء عبر التبليغ أو في تصميم منتجاتها.
رغم هذه التحديات، يعبر عباس عن تفاؤله بالقوة الرمزية والعملية للمبادرة السعودية، ويراها خطوة شجاعة نحو تشكيل مظلة دولية حقيقية لحماية الأطفال.
كما يشدد على أن ما قدمته المملكة ليس مجرّد تحرك دبلوماسي، بل إعلان استراتيجي يعيد ترتيب الأولويات العالمية، داعياً إلى أن تتحول هذه المبادرة إلى التزام دولي حقيقي "يُجسر الهوة بين النصوص الجامدة وواقع الإنترنت المتغيّر بوتيرة مذهلة".