إنجاز سعودي.. الوقاية من الغرق استثمار في الحياة والصحة
klyoum.com
كامل جميل - الخليج أونلاين
أسهمت جهود السعودية حول الغرق بـ:
خفض الوفيات الناتجة عن الغرق بنسبة تجاوزت 17%.
تفادي عبء اقتصادي قُدّر بأكثر من 800 مليون ريال.
مرة أخرى يبرز اسم السعودية متصدراً المشهد الدولي، باحتلالها المرتبة الأولى عالمياً من حيث استيفاء معايير السلامة المائية والإنقاذ من الغرق، في إنجاز يعكس رؤية استراتيجية متكاملة تؤمن بأن "حماية الأرواح ليست خياراً بل التزام وطني".
هذا الإنجاز كشفت عنه منظمة الصحة العالمية، في 25 يوليو الماضي، وهو التاريخ الذي تحل فيه مناسبة "اليوم العالمي للوقاية من الغرق".
لم يكن هذا التصدر وليد الصدفة، بل حصيلة عمل مؤسسي دؤوب تقوده المملكة منذ سنوات، بدءاً من إقرار السياسة الوطنية للوقاية من الغرق عام 2021، وحتى تنفيذ 12 مبادرة وطنية بإشراف لجنة دائمة تضم 12 جهة حكومية، تقودها هيئة الصحة العامة "وقاية".
هذه الجهود أسهمت بخفض الوفيات الناتجة عن الغرق بنسبة تجاوزت 17%، وتفادي عبء اقتصادي قُدّر بأكثر من 800 مليون ريال (213 مليون دولار)، بحسب تصريحات رسمية.
وزير الصحة السعودي فهد الجلاجل شدّد على أن "الوقاية من الغرق تمثّل ركيزة استراتيجية في المنظومة الصحية"، مؤكداً في تصريحات نقلتها وكالة "واس" أن السياسات الوقائية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التحول الصحي الذي تقوده المملكة ضمن رؤية 2030.
وعدّ الجلاجل هذا التصدر بأنه يعكس التزام السعودية العميق بحماية الأرواح، ونجاحها في تحويل أهداف الرؤية إلى نتائج ملموسة.
تبنّي مجلس الوزراء لـ"اليوم العالمي للوقاية من الغرق" يرسّخ اهتمام القيادة السعودية بقضايا الصحة الوقائية، ويجسد التزام الدولة بمنهج "الصحة في كل السياسات"، بحسب ما ذكر الرئيس التنفيذي لهيئة "وقاية"، عبد الله القويزاني في تصريحات لـ"الشرق الأوسط".
وأوضح القويزاني أن المملكة أرست أول منظومة وطنية تكاملية للسلامة المائية والإنقاذ، ترتكز على تدخلات وقائية مبنية على براهين علمية، ونظام موحد لرصد حالات الغرق.
ولفت إلى أن النجاحات المحققة لم تكن لتحدث لولا تكامل الجهود، وتنامي الوعي المجتمعي الذي أصبح خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الكارثة الصامتة، على حدّ قوله.
تأتي هذه النجاحات في سياق عالمي مقلق، حيث تشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى وفاة ما يقارب 236 إلى 300 ألف شخص سنوياً بسبب الغرق، بمعدل يفوق 30 وفاة في الساعة.
وتُعد الفئات العمرية الصغيرة، وخاصة الأطفال دون سن الخامسة، من أكثر الضحايا عرضة، إذ يشكلون نحو ربع الوفيات سنوياً.
وعلى الرغم من تلك الأرقام، أظهرت تقارير المنظمة انخفاضاً بنسبة 38% في معدلات الغرق منذ عام 2000، نتيجة تطبيق استراتيجيات فعالة، مثل تعليم الأطفال السباحة، وتوفير حواجز حول المسطحات المائية، والتوعية المجتمعية الشاملة.
السعودية، وعبر مؤسساتها الحكومية وغير الحكومية ومنظمات مدنية، تستمر في تقديم برامج وفعاليات مختلفة للتثقيف حول السباحة، بما يمنع، أو يقلل، من حوادث الغرق.
وبالتزامن مع "اليوم العالمي للوقاية من الغرق" نظّمت وزارة البيئة والمياه والزراعة ورشة عمل موسعة بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية، سلطت فيها الضوء على جهود المملكة في الحد من حالات الغرق، وتعزيز التعاون بين المؤسسات لضمان استدامة منظومة السلامة المائية.
وأكدت الوزارة أن ما تحقق جاء نتيجة استثمار حقيقي في السياسات الوقائية، ورؤية بعيدة المدى تجعل من حماية الأرواح أولوية تتقدم على كل ما سواها.
وأشارت إلى أن تبني السياسات والتشريعات المتوافقة مع المعاهدات الدولية، وتكييفها مع الخصائص البيئية والجغرافية للمملكة، عزّز من فعالية التدخلات.
من خلال برنامج "تحول القطاع الصحي" المنبثق عن رؤية السعودية 2030، تعمل المملكة على بناء مجتمع ينعم أفراده بصحة عامرة.
وهذه الرؤية لا تكتفي بتطوير الخدمات الصحية، بل تعيد صياغة العلاقة بين المواطن والصحة عبر الوقاية، والارتقاء بجودة الحياة، ورفع متوسط العمر المتوقع.
ونظراً إلى أن الرؤية تتضمن تطوير قطاع السياحة، دأبت المملكة على تطوير هذا القطاع مع رفده بكامل الخدمات، ومن ضمنها الاهتمام العالي بمواقع السباحة الطبيعية والمسابح بأنواعها، بما يوفر ترفيها آمناً للسكان، لا سيما في وقت الصيف.
ووسط هذا النهج المتكامل، يظهر ملف الوقاية من الغرق ليكون قصة نجاح حقيقية تبرهن على أن التخطيط الاستباقي، والتكامل المؤسسي، والوعي المجتمعي، يمكنها أن تُحدث فرقاً كبيراً، بل وتنقذ آلاف الأرواح كل عام.
وهذا ما سلط الكاتب شاهر النهاري، الضوء عليه في مقال بصحيفة "مكة" حمل عنوان "خطبةٌ تُغرق الجهل وتُنقذ الإنسان"، أشاد فيه بتكاتف وزارة الصحة مع الشؤون الإسلامية، بتخصيص خطبة يوم الجمعة على الغرق.
ويشير إلى أن وقوف الخطيب يوم الجمعة من ختام شهر محرم يدنو فيها الخطيب من مشاعر الجموع، ويتحدث عن الطفل والغرير، الذي لا يجيد السباحة، يمثل "فلسفة صحة مستدامة من خارج الصندوق".
ويضيف: "منتهى العمق الروحي، والتباري في السلامة، وإنقاذ الأرواح، حين يرتدي الواقف على المنبر رداء النجاة، ويخاطب من لبسوا حيطة إيمانهم. المؤمن سيصغى للخطبة وسيجد في معانيها حياة ابنه، وقريبه، والملهوف، ومعرفة كيفية مد يد العون لغريق وشيك".
ووصف النهاري حديث الخطيب عن الغرق بـ"وعي" ليذكّر بأن الحياة تحتاج لمن يعي ويتدبر ويفهم أن الحياة مرشحة لأوضاع أكثر أمناً وسلامة من خلال ارتفاع مستوى الوعي.
وأكد أن النجاح هنا يحسب لجهتين حكوميتين هما وزارة الصحة ووزارة الشؤون الإسلامية، مبيناً أن الوزارتين "عرفتا الطريق القويم لتفادي ما يمكن تفاديه بتأدية الواجب، وبأروح بريئة كتب لها أن تحتاط".
بدوره ذكر الكاتب عبد الله الغنام، في مقال بصحيفة "اليوم" حمل عنوان "اليوم العالمي للوقاية من الغرق"، الوسائل التي تنجي الأشخاص من الغرق والتي يجب اعتمادها.
وتطرق إلى وسائل مختلفة منها تركيب حواجز وموانع للتحكم بطريقة الوصول إلى المياه، وأن تكون الحضانة للأطفال بعيدة وفي أماكن مأمونة عن مصادر المياه، وتعليم السباحة في سن مبكرة، والتوعية والسلامة المائية، وتعلم مهارات الإنقاذ.
ولفت إلى ضرورة أن يكون هناك منقذون سباحة معتمدون في الأماكن العامة والخاصة، ووضع لوائح وعلامات تحذير وإرشادات، وتحسين وتطوير إدارة مناطق الفيضانات والسيول، والأدوية والأنهار.
وأشار إلى وصايا جهات، منها منظمات دولية باعتماد وسم "#الوقاية_من_الغرق" على منصات التواصل الاجتماعي المتنوعة، وتسليط الضوء على اليوم العالمي في مختلف الوسائل الإعلامية التقليدية والحديثة.
ونوه بنصائح أعلنتها وزارة الصحة السعودية، منها: الإشراف على الأطفال عند السباحة، وتعليمهم السباحة وطرق الإنعاش القلبي الرئوي منذ صغرهم، والتحقق من وسائل السلامة في المسابح والحواجز المحيطة بالمسابح.