اخبار فلسطين

فلسطين أون لاين

سياسة

التجويع "الإسرائيلي" في غزة بين فشل القانون الدولي وانحياز المجتمع الغربي

التجويع "الإسرائيلي" في غزة بين فشل القانون الدولي وانحياز المجتمع الغربي

klyoum.com

يعاني شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، منذ أكثر من عامين، من سياسة إسرائيلية ممنهجة للتجويع، تُشكل جريمة حرب واضحة وفق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، وتطرح أسئلة جوهرية حول فاعلية القانون الدولي ومصداقية المجتمع الدولي في حماية المدنيين.

المدنيون في القطاع يواجهون أوضاعًا كارثية في سياق حرب إبادة جماعية، حيث يُحرم أكثر من مليوني فلسطيني من الغذاء والمساعدات الأساسية، فيما يعيش أكثر من نصف مليون شخص في المرحلة الخامسة من انعدام الأمن الغذائي، ما يعكس حجم الأزمة الإنسانية والضغط الممنهج على البنية المجتمعية والإنسانية.

من نافلة القول إن سياسة الاحتلال الإسرائيلي في التجويع ليست عرضية، بل أداة مدروسة تهدف لتفكيك النسيج الاجتماعي والضغط على المجتمع الفلسطيني بهدف تحقيق هدف التهجير؛ وهذا يشكل انتهاكًا صارخًا للقواعد الدولية الآمرة وللأعراف الدولية، وهي ممارسة تؤكد استخدام الحصار كسلاح حرب ممنهج.

لا شك أن سياسة التجويع الإسرائيلي تفرض مسؤولية جنائية فردية على قادة الكيان الصهيوني العسكريين والسياسيين الذين يخططون وينفذون هذه الاستراتيجية، بما في ذلك إمكانية مساءلتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية. كما يتحمل الكيان الصهيوني المسؤولية المباشرة أمام محكمة العدل الدولية عن انتهاك القانون الدولي الإنساني وارتكاب جرائم حرب ممنهجة.

مع ذلك، هناك عقبات قانونية وسياسية كبيرة تمنع مساءلتهم بشكل فعلي تشمل، الفجوة بين النصوص القانونية المثالية والتطبيق العملي، والاستخدام المتكررة للفيتو الأمريكي في مجلس الأمن الذي يعطل القرارات الإنسانية، والتأثير السياسي للدول الكبرى، والعقوبات الأمريكية على المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها؛ ما أدى إلى تأجيل التحقيقات وإضعاف مسار العدالة الدولية. هذه العوامل مجتمعة تسمح باستمرار الانتهاكات دون محاسبة حقيقية.

تجربة غزة تكشف عن إخفاق حقيقي للقضاء الدولي، رغم وضوح الجرائم الممنهجة المرتكبة من قبل الاحتلال ضد المدنيين. الفجوة بين القانون الدولي النصي والمادي تجعل تطبيق القواعد القانونية خاضعًا لموازين القوى والمصالح الدولية، ويستمر الإفلات من العقاب نتيجة التسييس والتحيز التاريخي في بنية القضاء الدولي. التأجيلات في الإجراءات، والقيود على الاختصاصات القضائية، وعدم تفعيل آليات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، كلها عوامل تجعل القانون الدولي عاجزًا عن حماية المدنيين في قطاع غزة. هذا الواقع يعكس الحاجة الملحة لإصلاح القانون الدولي وتطويره ليصبح أداة فعالة لحماية الحقوق الإنسانية ووقف الانتهاكات الجسيمة.

إن سياسة الاحتلال الصهيوني في التجويع ليست مجرد أداة حرب عابرة، بل تهدف إلى الضغط النفسي والاجتماعي على المدنيين وتهجير السكان، ما يعكس نية إبادة ضمنية في تصميم الحصار. النصوص القانونية الدولية، بما فيها اتفاقيات جنيف، البروتوكول الإضافي، ونظام روما الأساسي، توضح وجوب محاسبة هذه الانتهاكات. ومع ذلك، يظل القانون الدولي محدود الفاعلية في ظل استمرار التدخل السياسي والتحيزات التاريخية الغربية على المؤسسات القضائية الدولية. استمرار صمت المجتمع الدولي يشجع الإفلات من العقاب، ويضع القانون في مأزق، ما يجعل الحاجة الملحة هي تفعيل إجراءات عملية تحمي المدنيين وتضمن وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق أو تأخير.

مواجهة سياسة التجويع الصهيوني تتطلب إجراءات عاجلة وملموسة، تشمل تفعيل دور الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر آلية "الاتحاد من أجل السلم" لتجاوز شلل مجلس الأمن، وفتح تحقيق عاجل في المحكمة الجنائية الدولية بشأن استخدام التجويع كسلاح حرب. كما يجب فرض ضغوط سياسية ودبلوماسية مستمرة لضمان إدخال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام، وإصلاح آليات الأمم المتحدة لضمان عدم استخدام الفيتو لتعطيل القرارات الإنسانية الجسيمة، وتعزيز الضغط الشعبي والإعلامي الدولي لتوثيق الجرائم وتعبئة الرأي العام العالمي. بالإضافة لذلك، تطوير آليات للإغاثة الطارئة تضمن وصول المساعدات مباشرة دون تدخل الاحتلال، ومراقبة صارمة للمعابر والطرق التي يستخدمها المدنيون لتلقي الغذاء والدواء.

من الوضح أن معاناة غزة ليست مجرد مأساة إنسانية عابرة، بل جريمة ممنهجة تكشف إخفاق القانون الدولي وانحياز المجتمع الغربي في حماية المدنيين. الإجراءات القانونية موجودة ة وواضحة، لكنها بحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية وتفعيل ملموس، بما في ذلك مساءلة القادة الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية، ومسائلة الكيان الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية. تحريك هذه الآليات، مع دعم شعبي وإعلامي عالمي، يعزز العدالة ويضع حدًا لانتهاكات الحصار والتجويع.

إصلاح القانون الدولي وتحويله إلى أداة حماية فعالة ليس خيارًا، بل واجب عالمي يحفظ حياة الملايين ويعيد الحقوق للضحايا.

*المصدر: فلسطين أون لاين | felesteen.ps
اخبار فلسطين على مدار الساعة

حقوق التأليف والنشر © 2025 موقع كل يوم

عنوان: Armenia, 8041, Yerevan
Nor Nork 3st Micro-District,

هاتف:

البريد الإلكتروني: admin@klyoum.com