تقرير المراقبة البيومتريَّة في غزَّة... كيف تتحوَّل المساعدات الإنسانيَّة إلى أداة استخباراتيَّة؟
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
كأس الأردن: الوحدات يثأر من الحسين ويتوج بطلا للمرة الـ13مع اشتداد الأزمة الإنسانية المتفاقمة بقطاع غزة، حيث يعاني مليونان و400 ألف فلسطيني مجاعة حادة، تبرز تحذيرات خطيرة من تحوّل نقاط توزيع المساعدات، التي يُتوقع أن تُضخّ للقطاع خلال أسبوعين، إلى أدوات للمراقبة الجماعية. تشير تقارير متزايدة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد تفرض شرطاً جديداً للحصول على المساعدات الغذائية، يتمثل في مسح وجوه المستفيدين عبر تقنية التعرف على الوجه، وهي ممارسة يصفها خبراء بالأمن الرقمي بـ"الابتزاز البيومتري" الذي يهدد الخصوصية والأمن الشخصي للسكان.
ابتزاز عبر المساعدات
وفقاً لتقارير إعلامية وتحليلات مختصة، سيتم تركيب كاميرات ذكية في مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، تقوم بتسجيل الوجوه وتخزينها في قواعد بيانات استخباراتية. هذه الخطوة ليست جديدة تماماً، إذ تعتمد (إسرائيل) على أنظمة مماثلة في الضفة الغربية، مثل نظام "الذئب الأحمر" الذي يُستخدم عند الحواجز العسكرية، خاصة في الخليل، لفرض قيود على حركة الفلسطينيين بناءً على مسح وجوههم تلقائياً. كما تستخدم نظام "الذئب الأزرق"، وهو تطبيق مثبت على هواتف الجنود الإسرائيليين لتصوير الفلسطينيين وإضافتهم إلى قواعد البيانات، مع منح حوافز للوحدات التي تسجل أكبر عدد من الصور.
وأعلنت مؤسسة "غزة الإنسانية" (GHF)، التي يُتوقع أن يرأسها ديفيد بيزلي (المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأغذية العالمي)، عن خطط لتوزيع المساعدات عبر أربعة مراكز تغطي 1.2 مليون شخص في المرحلة الأولى. ورغم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لن يشارك مباشرة في التوزيع، إلا أنه سيتولى مراقبة محيط المراكز، بينما تتولى شركات أمنية خاصة (بما في ذلك متعاقدون أمريكيون سابقون) العمليات الداخلية.
خطر البيانات البيومترية
وتكشف الوثائق أن المؤسسة تعتمد على تكنولوجيا التتبع لضمان "الشفافية"، لكن ذلك يثير مخاوف من أن تكون هذه الأنظمة جزءاً من آلية أوسع لجمع البيانات البيومترية. وبحسب سائد حسونة، الخبير في الأمن الرقمي، فإن الصور التي يتم جمعها من سكان غزة ستُقارن مع قواعد بيانات استخباراتية موجودة مسبقاً، مما قد يؤدي إلى استهداف أفراد بناءً على تشابه جزئي مع مشتبه بهم، دون أي ضمانات قانونية أو إنسانية.
في تصريح لصحيفة "فلسطين"، حذّر حسونة من أن استخدام تقنية التعرف على الوجه في توزيع المساعدات يمثل تطوراً خطيراً يهدد ليس فقط الجانب الإنساني، بل أيضاً الأمن السيبراني والخصوصية الرقمية للمدنيين. وأضاف أن ما يحدث في غزة ليس مجرد إجراء تقني، بل هو جزء من استراتيجية منهجية لتحويل المساعدات إلى وسيلة لجمع البيانات البيومترية.
من بين أبرز المخاطر: استهداف المدنيين بسبب أخطاء تقنية في أنظمة التعرف على الوجه، وغياب الإطار القانوني الذي ينظم تخزين أو مشاركة البيانات، مما يعرضها لخطر الاستغلال من قبل جهات أمنية أو تجارية. كما أشار إلى احتمالية تسريب البيانات إلى أطراف ثالثة، خاصة في ظل التعاون بين (إسرائيل) وشركات المراقبة العالمية.
رفض دولي متصاعد
أعربت منظمات دولية عن قلقها البالغ إزاء هذه الممارسات. جيمس إلدر، المتحدث باسم منظمة اليونيسف، قال في تصريح صحفي إن اشتراط التعرف على الوجه للحصول على المساعدات ينتهك المبادئ الإنسانية الأساسية. كما رفضت الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية خطة "غزة الإنسانية"، واصفة إياها بأداة لـ"عسكرة المساعدات"، خاصة مع تقليص مراكز التوزيع من 400 مركز إلى 4 مراكز فقط.
من جهتها، أدانت حماس والسلطة الفلسطينية الخطة، واتهمتاها بـ"التواطؤ مع إسرائيل" واستخدام التجويع كسلاح.
وجّه سائد حسونة نداءً إلى سكان غزة بعدم تقديم بياناتهم البيومترية طواعية، مؤكداً أن المساعدات الإنسانية حق أساسي، ولا يجوز تحويلها إلى صفقة تجسسية. ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى الضغط على إسرائيل لوقف هذه الممارسات، مشدداً على أن استغلال التقنيات الحديثة في انتهاك الخصوصية تحت غطاء المساعدات يمثل سابقة خطيرة تهدد حقوق الإنسان عالمياً.
في سياق متصل، حذر منتدى الإعلاميين الفلسطينيين من مخطط الاحتلال القائم على تحويل نقاط توزيع المساعدات إلى "معسكرات إذلال جماعي" ضمن مخططات أمنية وعسكرية. وأشار المنتدى إلى تجارب سابقة استخدم فيها الاحتلال المساعدات كأداة للتجسس والتصفية والإذلال، والضغط على الناس.
وأوصى وسائل الإعلام بكشف البُعد الاستعماري والسياسي لهذا المخطط، وفضح هدفه القائم على تفريغ السكان من وعيهم وكرامتهم وتفكيك النسيج المجتمعي.