الأطفال في غزة.. أرقام تكشف مأساة جيل يواجه الحرب والجوع والنزوح
klyoum.com
أخر اخبار فلسطين:
استشهاد مواطن برصاص المستوطنين في دوما جنوب نابلسيُشكّل الأطفال في قطاع غزة قلب المجتمع النابض وأمله في المستقبل، لكنهم باتوا اليوم الشريحة الأكثر معاناةً تحت وطأة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر 2023. فما تكشفه الأرقام الصادرة عن المؤسسات الفلسطينية والمنظمات الدولية يضعنا أمام مشهد كارثي، تتداخل فيه المآسي الإنسانية من فقدان الأرواح والإصابات، إلى الجوع والحرمان، وصولًا إلى الاضطرابات النفسية العميقة.
بحسب تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بتاريخ 5/4/2025، يبلغ عدد الأطفال في قطاع غزة نحو 980 ألف طفل دون سن الثامنة عشرة، أي ما يقارب نصف سكان القطاع البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة. هذه النسبة العالية تجعل الأطفال الفئة الأكثر هشاشة، خصوصًا في ظل الحصار والدمار الذي يطوّق حياتهم.
نُبرز في هذا المقال بالأرقام، جانباً مما يعانيه شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وتحديداً الأطفال، جراء العدوان الإسرائيلي الغاشم.
الشهداء والجرحى
منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى 11 أغسطس 2025، استشهد أكثر من 61,369 فلسطينيًا، بينهم نحو 18,592 طفلًا، وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. أما الجرحى فتجاوز عددهم 152 ألفًا، 40% منهم أطفال (قرابة 60 ألف طفل)، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وتكشف الإحصاءات (إبريل 2025) أيضًا أن بين الضحايا 274 رضيعًا ولدوا تحت القصف واستشهدوا فيه، و876 طفلًا لم يُكملوا عامهم الأول، فضلًا عن 17 طفلًا قضوا بردًا في خيام النزوح، و52 آخرين فارقوا الحياة جوعًا بفعل الحصار.
أزمة الجوع وسوء التغذية
لا تقل المجاعة خطورةً عن القصف، إذ تشير بيانات وزارة الصحة إلى وفاة 212 شخصًا بسبب الجوع وسوء التغذية، بينهم 98 طفلًا. كما حذرت الأمم المتحدة من أن نصف أطفال غزة يعانون الجفاف وسوء التغذية، وسط نقص حاد في اللقاحات والأدوية.
وحتى منتصف 2025، يواجه أكثر من 320 ألف طفل دون سن الخامسة خطر سوء التغذية الحاد، وهو ما يهدد بنمو جسدي وعقلي متعثر، وضعف شديد في المناعة، وتبعات طويلة الأمد على صحتهم وحياتهم.
الإعاقة واليُتم
تسببت الحرب في بتر أطراف نحو 5,000 طفل، تاركةً أثرًا جسديًا ونفسيًا عميقًا سيلازمهم مدى الحياة. وفي موازاة ذلك، فقد أكثر من 39,400 طفل أحد والديهم أو كليهما، بينهم 17 ألف طفل حُرموا من كلا الوالدين، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قاسية مع الحياة دون سند أسري.
نزوح قاسٍ
أجبرت الهجمات الإسرائيلية أكثر من 645 ألف طفل على النزوح القسري، أي ما يعادل نصف أطفال غزة تقريبًا. هذا النزوح، الذي جرى في ظروف قاسية، أفقد الأطفال شعورهم بالأمان، وقطعهم عن مدارسهم وأصدقائهم، ودفعهم إلى بيئات تزيد من مخاطر الأمراض والاضطرابات النفسية.
أزمة نفسية
تقدّر تقارير منظمة الصحة العالمية واليونيسف أن ما بين 350 و400 ألف طفل في غزة يعانون اضطرابات نفسية مرتبطة بالحرب، أبرزها القلق الحاد، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة، ومشكلات النوم. هذه الأعراض قد تمتد آثارها لسنوات، ما يهدد قدرة المجتمع الفلسطيني على التعافي.
مستقبل على المحك
إن معاناة أطفال غزة اليوم ليست مجرد مأساة إنسانية آنية، بل هي تهديد مباشر لمستقبل جيل كامل يشكل نصف المجتمع. فالحرب والحصار والمجاعة والحرمان مجتمعةً تُنتج واقعًا مأساويًا يتطلب تحركًا عاجلًا، ليس فقط لتقديم الإغاثة، بل لضمان حماية حقوق هؤلاء الأطفال وتوفير بيئة آمنة وصحية لنموهم.
المطلوب اليوم تحرك دولي جاد لوقف العدوان، وإنهاء الحصار، وتأمين الغذاء والدواء، وتقديم الدعم النفسي والتعليمي، إضافة إلى خطط طويلة الأمد لإعادة الإعمار وتمكين المجتمع من حماية جيله القادم من الانكسار.